شعره:
خلف الِإمام ابن عبد الهادى آثارًا تدل على علمه وفضله وعلو همته ومشاركته فى العلوم الِإسلامية السائدة آنذاك، كما أن له مشاركات فى نظم الشعر فى المناسبات المختلفة، وقديما ضرب المثل برداءة شعر العلماء وبرودة نظم الفقهاء لأن الشعر يقوم على الصورة والخيال والمبالغة، والعلماء أبعد الناس عن ذلك، كما يقوم الشعر عن تصوير الخيال بصورة الحقيقة وطمس معالم الواقع حتى أن الشاعر إذا صور جمادا - وكان بارع التصوير - حوله إلى ناطق متكلم له روح وخواطر وعواطف.
وقد نظم ابن عبد الهادى شعرًا كثيرًا فى مناسبات مختلفة إلا أن شعره لا يرقى إلى شعر الشعراء، لذا فإنه لا يسمى شاعرًا، وإنما هو عالمٌ له مشاركةٌ فى نظمِ الشِّعر ولا تدخل منظوماته التى وضعها فى نظم العلوم فى شعره لخلوها من العواطف والخيال الذى هو لب الشعر وروحه.
ومن شعر ابن عبد الهادى يمدح السلطان محمد وابنه بايزيد العثمانيين (١):
زمانٌ قد تشرَّف بالسَّعِيْدِ. . . فمهما شئتَ قُلْ لأبى يَزِيْد
إمامٌ ليس يُشبهه إمامٌ. . . ومنه الجُود يظهرُ بالمزيدِ
شَريفٌ بالمكارِمِ لا يُضاهَى. . . عَفِيْفٌ فى الحُدورِ وفى الصُّعودِ
وقال لهما (٢):
جاهِدْ بعزْمِكَ فى البِلادِ ونَادِ. . . وابرُزْ إليهم صارخًا فى النَّادِى
واشدُد بحزبِ الله والجيش الذى. . . قَدْ زَانَهُ الجبَّارُ بالِإسْعَادِ
جيشُ السعادَةِ والأمانَةِ والتُّقَى. . . لا يَرهَبُون من العَدوِّ العادى
_________
(١) عن كتابه التَّغريد بمدح المَلِك السَّعيد، ينظر: ثمار المقاصد: ٣٣.
(٢) عن كتابه التَّغريد بمدح الملك السعيد، ينظر: ثمار المقاصد: ٣٣.
مقدمة / 31