وفي هذه النكتة دليل على أن الاثنين جماعة، قولك ((مجامع ومفارق)) لفظ يدل على الواحد، إن كان يقتضي مفعولا لأنه فعل متعد فلا يقتضي فاعلين البتة ن ومفترق يقتضي فاعلين والله أعلم. فقد صح ارتفاع الضدين وهما الاجتماع والافتراق والانقسام والتأليف من الجزء الواحد الذي لا يتجزأ وبالله التوفيق.
الباب الثالث عشر
باب بيان اختلاف الناس في الجزء الذي لا يتجزأ
اختلف الناس في الجزء الذي لا يتجزأ. فقال النظام (1) وهشام: إن الجزء يتجزأ أبدا ولا آخر له في التجزئة. ولكن له آخر من جهة المساحة، فاستدلوا على ذلك بأنه لو كان فول من قال: إن الجزء لا يتجزأ صحيحا كان في نفسه لا طول له، فإذا حدث جزء ثان حدث لهما الطول، ولن يعدو أن يكون الواحد دون الآخر ولكل واحد.
قال المتأمل: لعله أراد ولكل واحد بسطة من الطول. فإن كان لواحد فهو ينقسم في ((حال واحدة)) وهذا محال، وإن كان طول لهما فكل واحد في نفسه له طول وما كان له طول فهو ينقسم استحال ذلك تبينا أن الجزء محال لا يتجزأ.
ومن دلائله: انه وجد الله تعالى واحد في المعنى والذات وكان [27] في نفسه ليس بمقسم ولا متجزئ، ولا طول له ولا عرض، كان نحالا أن يكون شيء من حلقه بصفته.
قال المتأمل: أما احتاجهم بطول الجزأين انه يدل على أنهما يقولان بأن الجزء الواحد في نفسه طولا، لأنه جعل عله وجوب التجزئة وجود الطول، وإنما راد التثنية على طول الواحد لتصح التجزئة فيه، إذ لو كان عنده أن لا طول للواحد لما جعله علة لتجزئته وهو يقول أنه يتجزأ أبدا، وقد قدمنا من الأدلة على صحة الجزء الذي لا يتجزأ ما يكفي عن إعادته.
ولا بد ترسم هاهنا بعض ما لم نذكر هناك ونقتصر على ثلاث مسائل:
পৃষ্ঠা ৩৭