জওহর ইনসানিয়া
جوهر الإنسانية: سعي لا ينتهي وحراك لا يتوقف
জনগুলি
إجمالا، يدور هذا الكتاب حول فكرة أن كل الكائنات الحية، بداية من البكتيريا حتى النباتات والحيوانات، تبحث. لدى البشر تكون النزعة إلى السعي ضخمة، في حين تكون قاصرة لدى الرئيسيات الأخرى. وقد دانت للإنسان السيادة على العالم وكل الكائنات فيه، أما الشمبانزي فمعرض الآن لخطر الانقراض.
7 •••
ينقسم هذا الكتاب إلى أربعة أجزاء؛ في الجزء الأول نتحدث عن الأساس الجيني للبحث، وحتى نفعل هذا علينا التفكير في الطبيعة الجزيئية للحياة. يوجد توحد وتنوع؛ فالكائنات كلها مكونة من النوع نفسه من الجزيئات، لكن لا يوجد كائنان حتى من النوع نفسه متماثلان تماما؛ إذ يختلفان في التكوين الدقيق للدي إن إيه والبروتينات التي تتكون جسماهما منها، ونتيجة لهذا تنمو شجيرة أطول من المجاورة لها، وتسبح أميبا أسرع من قرينتها، ويصبح هديل حمامة أعلى من إخوتها، ويصبح إنسان أكثر فضولا من إنسان آخر. كذلك فإن هذه التفاصيل الدقيقة في التكوين الجزيئي تكون هي المسئولة عن ظهور نوع جديد؛ ظهورنا نحن البشر من البكتيريا القديمة، كما سنشرح في الفصل الثاني.
أشرت من قبل إلى بحث النباتات عن ضوء الشمس وبحث الجراثيم عن الطعام؛ نظرا لكون هذه الأجهزة بسيطة نسبيا، أصبح كثير من الجزيئات المسئولة عن عملية البحث لديها معروفا، فاتضح أن كثيرا منها، كالبروتينات وجزيئات أخرى أصغر حجما مثل الفيتامينات، يلعب دورا أيضا في العلميات الفسيولوجية التي تتحكم في البحث لدى كائنات أكثر تعقيدا. وكما سنرى في الفصل الثالث، فإن الرؤية، الأساسية في قدرة الحيوانات على البحث، تعتمد على آلية يرجع أصلها إلى استجابة النباتات وجراثيم معينة للضوء.
مع تحول الكائنات البحرية إلى الحياة على سطح الأرض منذ 400 مليون سنة، اتسع نطاق البحث، وعندما حلت الثدييات محل الزواحف منذ 65 مليون سنة اتسع نطاق البحث مرة أخرى، ومع بدء تطور أسلاف الإنسان الحديث من الرئيسيات الأخرى منذ نحو 5 ملايين سنة، زادت القدرة على البحث بدرجة أكبر، فتظهر بوضوح مميزات الصفات التي تحدثت عنها عند البحث عن الطعام والماء، أو مفترس محتمل، أو بيئة جديدة للاستقرار فيها. تظهر فوائد نجاح البحث جلية في البقاء ونقل جينات الفرد؛ ونعني بهذا مفهوم الجين الأناني.
8
وسنتحدث عن الجزيئات التي اكتشفت مؤخرا وتتعلق بسعي الإنسان في الفصل الرابع.
يتتبع الجزء الثاني من الكتاب سعي الإنسان الحديث؛ الإنسان العاقل. إنه يتحدث في الأساس عن قصة آخر 100 ألف سنة وتحليلها من منظور بحث الإنسان المستمر. كل موضوع أتحدث عنه هو مقياس للفروق السلوكية بين الإنسان والشمبانزي؛ فينبع كل منها من الأسلوب المتفوق للإنسان في ممارسة فعل السعي البدائي، فعقله يطرح الأسئلة ويبتكر تحديات جديدة، فتستجيب يديه؛ إذن ماذا كانت عواقب ذلك؟ أخذ الإنسان بحثه عن بيئات جديدة إلى أبعد من موطنه الأصلي في أفريقيا؛ إلى آسيا وأوروبا ثم إلى جميع أجزاء العالم، وقد قرر بعض أفراد هذا النوع الاستقرار في معظم الأماكن باستثناء الغطاء الجليدي القطبي والصحراء القاحلة والجبال المغطاة بالثلوج، وفي كثير من الحالات لا يزال أحفادهم موجودين فيها حتى يومنا هذا. وسنتحدث بأمثلة توضيحية عن النزعة الاستكشافية لدى البشر، بداية من خروجهم من الوادي المتصدع الكبير في شرق أفريقيا وحتى هبوطهم على القمر، في الفصل الخامس.
منذ عشرات الآلاف من السنين بدأ البشر يشعرون بأمان أكثر عند الابتعاد عن الحيوانات المفترسة، فبدءوا يزرعون محاصيل خاصة بهم ويستأنسون الحيوانات من أجل الحصول على الطعام ولتأدية بعض الأعمال. ومع التخلي عن حياة الترحال في سبيل إنشاء مجتمع مستقر، لم تقنع بعض المجموعات بالبقاء في المكان نفسه، فبحثت عن أماكن جديدة يمكنها الاستقرار فيها، وبدأت في البحث عن أساليب جديدة تقضي بها حياتها اليومية؛ ليس فقط بتحقيق المزيد من الراحة بالحياة في المباني والأماكن المصنوعة من الحجارة، وليس بمجرد جعل الحياة صحية أكثر، باستخدام أنابيب المياه والمصارف، وإنما أيضا من خلال إحاطة أنفسهم بأشياء مبهجة؛ فظهرت الحضارات. وسنتحدث عن ميلاد الحضارات ودور الوراثة في صنع القادة والبشر المثقفين في الفصل السادس.
سنعقد مقارنة بين الإنجازات المرتبطة بهذه الحضارات، التي نشأت في بلاد الرافدين ومصر والصين والهند وجزيرة كريت، وفي وسط أمريكا وجنوبها، والندرة النسبية لمثل هذه الإنجازات في أماكن أخرى في الفصل السابع. أما الفصل الثامن فيدور حول تطور اللغة، الذي سبق الكلام المكتوب، وأساس المعرفة العلمية والفن.
অজানা পৃষ্ঠা