জাওয়াহির আল-হাসান ফি তাফসির আল-কোরআন
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
জনগুলি
إلى آخر الشعر فألقى الله الرعب في قلوب الكفار وقال صفوان بن أمية لا ترجعوا فإني أرى أنه سيكون للقوم قتال غير الذي كان فنزلت الآية في هذا الإلقاء وهي بعد متناولة كل كافر قال الفخر لأنه لا أحد يخالف دين الإسلام إلا وفي قلبه خوف من الرعب أما عند الحرب وأما عند المحاجة انتهى وقوله سبحانه بما اشركوا هذه باء السبب والسلطان الحجة والبرهان قال ص قوله وبيس المخصوص بالذم محذوف أي النار وقوله سبحانه ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه جاء الخطاب لجميع المؤمنين وإن كانت الأمور التي عاتبهم سبحانه عليها لم يقع فيها جميعهم ولذلك وجوه من الفصاحة منها وعظ الجميع وزجره إذ من لم يفعل معد أن يفعل أن لم يزجر ومنها الستر والإبقاء على من فعل وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد وعد المؤمنين النصر يومئذ على خبر الله أن صبروا وجدوا فصدقهم الله وعده وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم صاف المشركين يومئذ ورتب الرماة على ما قد ذكرناه قبل هذا واشتعلت نار الحرب وابلى حمزة بن عبد المطلب وأبو دجانة وعلي وعاصم بن أبي الاقلح وغيرهم وأنهزم المشركون وقتل منهم اثنان وعشرون رجلا فهذا معنى قوله عز وجل إذ تحسونهم بإذنه والحس القتل الذريع يقال حسهم إذا استأصلهم قتلا وحس البرد النبات وقوله سبحانه حتى إذا فشلتم يحتمل أن تكون حتى غاية كأنه قال إلى أن فشلتم والأظهر الأقوى أن إذا على بابها تحتاج إلى الجواب ومذهب الخليل وسيبويه وفرسان الصناعة أن الجواب محذوف يدل عليه المعنى تقديره انهزمتم ونحوه والفشل استشعار العجز وترك الجد والتنازع هو الذي وقع بين الرماة وعصيتم عبارة عن ذهاب من ذهب من الرماة وتأمل رحمك الله ما يوجبه الركون إلى الدنيا وما ينشأ عنها من الضرر وإذا كان مثل هؤلاء السادة على رفعتهم وعظيم منزلتهم حصل لهم بسببها ما حصل من الفشل والهزيمة فكيف بامثالنا وقد حذر الله عز وجل ونبيه عليه السلام من الدنيا وأفاتها بما لا يخفى على ذى لب وقد ذكرنا في هذا المختصر جملة كافية لمن وفقه الله وشرح صدره وقد خرج البغوي في المسند المنتخب له عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تفتح الدنيا على أحد إلا القت بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة أنتهى من الكوكب الدري وقال عليه السلام للأنصار لما تعرضوا له إذ سمعوا بقدوم أبي عبيدة بمال البحرين أبشروا وأملوا ما يسركم فو الله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما اهلكتهم أخرجه البخاري ومسلم والترمذي واللفظ له وقال هذا حديث صحيح أنتهى وأعلم رحمك الله أن تيسير أسباب الدنيا مع اعراضك عن أمر أخرتك ليس ذلك من علامات الفلاح وقد روى ابن المبارك في رقائقه قال أخبرنا ابن لهيعة قال حدثني سعيد بن أبي سعيد أن رجلا قال يا رسول الله كيف لي أن أعلم كيف أنا قال إذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته يسر لك وإذا أردت شيئا من الدنيا وابتغيته عسر عليك فانت على حال حسنة وإذا رأيت كلما طلبت شيئا من أمر الآخرة وابتغيته عسر عليك وإذا أردت شيئا من أمر الدنيا وابتغيته يسر لك فانت على حال قبيحة انتهى فتأمله راشدا وقوله من بعد ما اراكم ما تحبون يعني هزيمة المشركين قال الزبير والله لقد رأيتنى انظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب ما دون أخذهن قليل ولا كثير إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه يريدون النهب وخلوا ظهورنا للخيل فاوتينا من ادبارنا وصرخ صارخ إلا أن محمدا قد قتل وانكفأ علينا القوم وقوله سبحانه منكم من يريد الدنيا يعنى بهم الذين حرصوا على الغنيمة وكان المال همهم قاله ابن عباس وسائر المفسرين وقال عبد الله بن مسعود ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نزل فينا يوم أحد منكم من يريد الدنيا وقوله سبحانه ومنكم من يريد الآخرة أخبار عن ثبوت من ثبت من الرماة مع عبد الله بن جبير امتثالا للامر حتى قتلوا ويدخل في هذا أنس بن النضر وكل من جد ولم يضطرب من المؤمنين وقوله تعالى إذ تصعدون ولا تلوون على احد العامل في إذ قوله عفا وقراءة الجمهور تصعدون بضم التاء وسر العين من اصعد ومعناه ذهب في الأرض والصعيد وجه الأرض فاصعد معناه دخل ف يالصعيد كما أن اصبح دخل في الصباح وقوله سبحانه ولا تلوون على احد مبالغة في صفة الإنهزام وقرأ حميد بن قيس على احد بضم الألف والحاء يريد الجبل والمعني بذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان على الجبل والقراءة الشهيرة اقوى لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على الجبل إلا بعد ما فر الناس وهذه الحال من اصعادهم إنما كانت وهو يدعوهم وروي أنه كان ينادى صلى الله عليه وسلم الي عباد الله والناس يفرون وفي قوله تعالى في أخراكم مدح له صلى الله عليه وسلم فإن ذلك هو موقف الأبطال في اعقاب الناس ومنه قول الزبير بن باطيا ما فعل مقدمتنا إذا حملنا وحاميتنا إذا فررنا وكذلك كان صلى الله عليه وسلم اشجع الناس ومنه قول سلمة بن الأكوع كنا إذا احمر الباس اتقيناه برسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله تعالى فاثابكم معناه جازاكم على صنيعكم واختلف في معنى قوله تعالى غما بغم فقال قوم المعنى اثابكم غما بسبب الغم الذي ادخلتموه على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر المسلمين بفشلك وتنازعكم وعصيانكم قال قتادة ومجاهد الغم الأول ان سمعوا إلا ان محمدا قد قتل والثاني القتل والجراح وقوله تعالى لكي لا تحزنوا على ما فاتكم أي من الغنيمة ولا ما أصابكم أي من القتل والجراح وذل الانهزام واللام من قوله لكي لا متعلقة باثابكم المعنى لتعلموا ان ما وقع بكم إنما هو بجنايتكم فأنتم إذيتم انفسكم وعادة البشر ان جاني الذنب يصبر للعقوبة وأكثر قلق المعاقب وحزنه انما هو مع ظنه البراءة بنفسه ثم ذكر سبحانه امر النعاس الذى أمن به المؤمنين فغشي أهل الأخلاص قلت وفي صحيح البخاري عن أنس أن أبا طلحة قال عشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم احد قال فجعل سيفى يسقط من يدى وءاخذه ويسقط وأخذه ونحوه عن الزبير وابن مسعود والواو في قوله وطائفة قد أهمتهم أنفسهم واو الحال ذهب أكثر المفسرين إلى أن اللفظة من الهم الذى هو بمعنى الغم والحزن وقوله سبحانه يظنون بالله غير الحق معناه يظنون أن دين الأسلام ليس بحق وأن أمر محمد صلى الله عليه وسلم يضمحل قلت وقد وردت أحاديث صحاح في الترغيب في حسن الظن بالله عز وجل ففي صحيح مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم حاكيا عن الله عز وجل ليقول سبحانه أنا عند ظن عبدي بي الحديث وقال ابن مسعود والله الذي لا آله غيره لا يحسن احد الظن بالله عز وجل إلا اعطاه الله ظنه وذلك أن الخير بيده وخرج أبو بر بن الخطيب بسنده عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حسن عبادة المرء حسن ظنه ا ه وقوله ظن الجاهلية ذهب الجمهور إلى أن المراد مدة الجاهلية القديمة قبل الإسلام وهذا كقوله سبحانه حمية الجاهلية وتبرج الجاهلية وذهب بعض المفسرين إلى أن المراد في هذه الآية ظن الفرقة الجاهلية وهم أبو سفيان ومن معه قال قتادة وابن جريج قيل لعبد الله ابن أبي بن سلول قتل بنو الخزرج فقال وهل لنا من الأمر من شيء يريد أن الرأي ليس لنا ولو كان لنا منه شيء لسمع من رأينا فلم يخرج فلم يقتل أحد منا وقوله سبحانه قل أن الأمر كله لله اعتراض اثناء الكلام فصيح ومضمنه الرد عليهم وقوله سبحانه يخفون في انفسهم ما لا يبدون لك الآية اخبر تعالى عنهم على الجملة دون تعيين وهذه كانت سنته في المنافقين لا اله إلا هو وقوله سبحانه ويقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا هي مقالة سمعت من معتب بن قشير المفموص عليه بالنفاق وباقي الآية بين وقوله تعالى وليبتلي الله ما في صدوركم اللاء في ليبتلي متعلقة بفعل متأخر تقديره وليبتلي وليمحص فعل هذه الأمور الواقعة والابتلاء هنا الأختبار وقوله سبحانه أن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان قال عمر رضي الله عنه المراد بهذه الآية جميع من تولى ذلك اليوم عنالعدو وقيل نزلت في الذين فروا إلى المدينة قال ابن زيد فلا ادرى هل عفي عن هذه الطائفة خاصة أم عن المؤمنين جميعا وقوله تعال إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ظاهره عند جمهور المفسرين أنه كانت لهم ذنوب عاقبهم الله عليها بتمكين الشيطان من استزلالهم بوسوسته وتخويفه والفرار من الزحف من الكبار باجماع فيما علمت وقد عده صلى الله عليه وسلم في السبع الموبقات وقوله تعالى يا أيها الذين أمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لا خوانهم الآية نهى الله المؤمنين أن يكونوا مثل الكفار المنافقين في هذا المعتقد الفاسد الذي هو أن من سافر في تجارة ونحوها ومن قاتل فقتل لو قعد في بيته لعاش ولم يمت في ذلك الوقت الذي عرض فيه نفسه للسفر أو للقتل وهذا هو معتقد المعتزلة في القول بالاجلين أو نحو منه وصرح بهذه المقالة عبد الله بن أبي المنافق وأصحابه قاله مجاهد وغيره والضرب في الأرض السير في التجارة وغزى جمع غاز وقوله تعالى ليجعل الله ذلك الإشارة بذلك إلى هذا المعتقد الذي جعله الله حسرة لهم لأن الذي يتيقن أن كل قتل وموت إنما هو باجل سابق يجد برد الياس والتسليم لله سبحانه على قلبه والذي يعتقد أن جميمه لو قعد في بيته لم يمت يتحسر ويتلهف وعلى هذا التأويل مشى المتأولون وهو اظهر ما في الآية والتحسر التلهف على الشيء والغم به وقوله سبحانه والله بما تعملون بصير توكيد للنهي في قوله ولا تكونوا ووعيد لمن خالفه ووعد لمن امتثله وقوله سبحانه ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم اللام في ولئن قتلتم هي المؤذنة بمجيء القسم واللام في قوله لمغفرة هي المتلقية للقسم والتقدير والله لغفرة وترتب الموت قبل القتل في قوله تعالى ما ماتوا وما قتلوا مراعاة لترتب الضرب في الأرض والغزو وقدم القتل هنا لأنه الأشرف الأهم ثم قدم الموت في قوله تعالى ولئن متم أو قتلتم لأنها أية وعظ بالأخرة والحشر وأية تزهيد في الدنيا والحياة وفي الآية تحقير لأمر الدنيا وحض على طلب الشهادة والمعنى إذا كان الحشر لا بد منه في كلا الامرين فالمضي اليه في حال شهادة اولى وعن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه رواه الجماعة إلا البخاري وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلب الشهادة صادقا اعطيها ولو لم تصبه انفرد به المسلم اه من سلاح المؤمن وقوله سبحانه فبما رحمة من الله لنت لهم معناه فبرحمة قال القشيري في التحبير واعلم ان الله سبحانه يحب من عبادة من يرحم خلقه ولا يرحم العبد الا إذا رحمه الله سبحانه قال الله تعالى لنبيه عليه السلام فبما رحمة من الله لنت لهم اه قال ع ومعنى هذه الآية التقريع لكل من اخل يوم احد بمركزه أي كانوا يستحقون الملام منك ولكن برحمة منه سبحانه لنت لهم وجعلك على خلق عظيم وبعثك لتتميم محاسن الاخلاق ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك وتفرقوا عنك والفظ الجافى في منطقه ومقاطعه وفي صفته صلى الله عليه وسلم في الكتب المنزلة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الاسواق والفظاظة الجفوة في المعاشرة قولا وفعلا وغلظ القلب عبارة عن تهجم الوجه وقلة الانفعال فى الرغائب وقلة الاشفاق والرحمة والا نفضاض افتراق الجموع وقوله تعالى فاعف عنهم واستغفر لهم الآية امر سبحانه نبيه عليه السلام بهذه الأوامر التي هي بتدريج بليغ فامره ان يعفو عنهم فيما له عليهم من حق ثم يستغفر لهم فيما لله عليهم من تبعة فإذا صاروا في هذه الدرجة كانوا اهلا لللاستشارة قال ع ومن لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب هذا مما لا خلاف فيه وقد وردت احاديث كثيرة في الاستشارة ومشاورته عليه السلام إنما هي في أمور الحرب والبعوث ونحوه من اشخاص النوازل فأما في حلال أو حرام أو حد فتلك قوانين شرع ما فرطنا في الكتاب من شيء والشورى مبنية على اختلاف الآراء والمستشير ينظر في ذلك الخلاف ويتخير فاذا ارشده الله إلى ما شاء منه عزم عليه وانفذه متوكلا على الله إذ هو غاية الاجتهاد المطلوب منه وبهذا أمر الله تعالى نبيه في هذه الآية وصفة المستشار في الآحكام أن يكون عالما دينا وقلما يكون ذلك إلا في عاقل فقد قال الحسن ابن أبي الحسن ما كمل دين امرىء لم يكمل عقله قال ع والتوكل على الله سبحانه وتعالى من فروض الإيمان وفصوله ولكنه مقترن بالجد في الطاعات والتشمير والحزامة بغاية الجهد وليس الالقاء باليد وما اشبهه بتوكل وإنما هو كما قال عليه السلام قيدها وتوكل وقوله تعالى أن الله يحب المتوكلين هذه غاية في الرفعة وشرف المنزلة وقد جاءت أثار صحيحة في فضل التوكل وعظيم منزلة المتوكلين ففي صحيح مسلم عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدخل الجنة من امتى سبعون الفا بغير حساب قالوا من هم يا رسول الله قال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون وخرج أبو عيسى الترمذي عن أبي أمامة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتى سبعين الفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل الف سبعون الفا وثلاث حثيات من حثيات ربي وخرجه ابن ماجه أيضا وخرج أبو بكر البزار وأبو عبد الله الترمذي الحكيم عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه أعطاني سبعين الفا يدخلون الجنة بغير حساب فقال عمر يا رسول الله فهلا استزدته فأعطانى مع كل واحد من السبعين الألف سبعين الفا فقال عمر يا رسول الله فهلا استزدته فقال قد استزدته فاعطانى هكذا وفتح أبو وهب يديه قال أبو وهب قال هشام هذا من الله لا يدرى ما عدده وخرج ابو نعيم عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وعدنى ربي أن يدخل الجنة من امتى مائة الف فقال أبو بكر يا رسول الله زدنا قال وهكذا وأشار سليمان بن حرب بيده فقال أبو بكر يا رسول الله زدنا فقال عمر أن الله عز وجل قادر أن يدخل الناس الجنة بحفنة واحدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق اه من التذكر ة وما وقع من ذكر الحثية والحفنة ليس هو على ظاهره فالله سبحانه منزه عن صفات الاجسام وقوله تعالى وأن يخذلكم أي يترككم والخذل الترك والضمير في من بعده يعود على اسم الله ويحتمل على الخذل وقوله تعالى وما كان لنبيء أن يغل قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم أن يغل بفتح الياء وضم الغين وقرأ باقى السبعة أن يغل بضم الياء وفتح الغين واللفظة بمعنى الخيانة في خفاء تقول العرب اغل الرجل يغل اغلا لا إذ خان واختلف على القراءة الاولى فقال ابن عباس وغيره نزلت بسبب قطيفة حمراء فقدت من المغانم يوم بدر فقال بعض الناس لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذها فقيل كانت هذه المقالة من مؤمن لم يظن في ذلك حرجا وقيل كانت من منافقين وقد روي أن المفقود إنما كان سيفا قال النقاش ويقال إنما نزلت لأن الرماة قالوا يوم احد الفنيمة الغنيمة فإنا نخشى أن يقول النبي صلى الله عليه وسلم من اخذ شيئا فهو له وقال ابن اسحاق الآية إنما انزلت اعلاما بان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكتم شيئا مما امر بتبليغه واما على القراءة الثانية فمعناها عند الجمهور أي ليس لأحد أن يغل النبي أي يخونه في الغنيمة لأن المعاصي تعظم بحضرته لتعيين توقيره قال ابن العربي في احكامه وهذا القول هو الصحيح وذلك أن قوما غلوا من الفنائم أو هموا فانزل الله تعالى الآية فنهاهم الله عن ذلك رواه الترمذي اه وقوله تعالى ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة الآية وعيد لمن يغل من الغنيمة أو في زكاته بالفضيحة يوم القيامة على رؤس الاشهاد قال القرطبي في تذكرته قال علماؤنا رحمهم الله في قوله تعالى ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة أن ذلك على الحقيقة كما بينه صلى الله عليه وسلم أي يأتى به حاملا له على ظهره ورقبته معذبا بحمله وثقله ومروعا بصوته وموبخا بإظهار خيانته اه وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أدوا الخائط والمخيط فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة رواه مالك في الموطأ قال أبو عمر في التمهيد الشنار لفظة جامعة لمعنى العار والنار ومعناها الشين والنار يريد أن الغلول شين وعار ومنقصة في الدنيا وعذاب في الآخرة اه وفي الباب احاديث صحيحة في الغلول وفي منع الزكاة وقوله سبحانه افمن اتبع رضوان الله أي الطاعة الكفيلة برضوان الله قال ص افمن استفهام معناه النفي أي ليس من اتبع ما يؤل به إلى رضي الله تعالى عنه فباء برضاه كمن لم يتبع لذلك فباء بسخطه اه وقوله سبحانه هم درجات عند الله قال ابن إسحاق وغيره المراد بذلك الجمعان المذكوران اهل الرضوان واصحاب السخط أي لكل صنف منهم تباين في نفسه في منازل الجنة وفي اطباق النار أيضا وقال مجاهد والسدي ما ظاهره ان المراد بقوله هم إنما هو لمتبعى الرضوان أي لهم درجات كريمة عند ربهم وفي الكلام حذف تقديره هم ذوو درجات والدرجات المنازل بعضها اعلى من بعض في المسافة او في التكرمة او في العذاب وباقي الآية وعد ووعيد وقوله تعالى لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم الآية اللام في لقد لام القسم ومن في هذه الآية معناه تطول وتفضل سبحانه وقد يقال من بمعنى كدر معروفه بالذكر فهي لفظة مشتركة وقوله من أنفسهم أي في الجنس والسان والمجاورة فكونه من الجنس يوجب الأنس به وكونه بلسانهم يوجب حسن التفهيم وكونه جارا وربيا يوجب التصديق والطمأنينة إذ قد خبروه وعرفوا صدقه وأمانته ثم وقف الله سبحانه المؤمنين على الخطأ في قلقهم للمصيبة التي نزلت بهم وإعراضهم عما نزل بالكفار فقال أو لما اصابتكم مصيبة أي يوم احد قد اصبتم مثليها أي يوم بدر إذ قتل من الكفار سبعون وأسر سبعون هذا تفسير ابن عباس والجمهور وقال الزجاج واحد المثلين هو قتل السبعين يوم بدر والثاني هو قتل اثنين وعشرين يوم احد ولا مدخل للإسرى لأنهم قد فدوا وانى معناها كيف ومن اين قل هو من عند انفسكم أي حين خالفتم النبي صلى الله عليه وسلم في الرأي حين رأى ان يقيم بالمدينة ويترك الكفار بشر محبس فأبيتم إلا الخروج وهذا هو تأويل الجمهور وقالت طائفة هو من عند أنفسكم إشارة إلى عصيان الرماةوتسبيبهم الهزيمة على المؤمنين وقال علي والحسن بل ذلك لما قبلوا الفداء يوم بدر وذلك أن الله سبحانه أخبرهم على لسان نبيه بين قتل الاسرى أو يأخذوا الفداء على ان يقتل منهم عدة الإسرى فاختاروا أخد الفداء ورضوا بالشهادة فقتل منهم يوم احد سبعون قلت وهذا الحديث رواه الترمذي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحمد بن نصر الداودي وعن الضحاك أني هذا أي باي ذنب هذا قال ابن عباس قل هو من عند أنفسكم عقوبة لمعصيتكم لنبيكم عليه السلام اه وقوله سبحانه وما اصابكم يوم التقى الجمعان يعنى يوم احد وقوله سبحانه وليعلم المؤمنين أي ليعلم الله المؤمن من النافق والإشارة بقوله سبحانه نافقوا وقيل لهم هي إلى عبد الله بن أبي واصحابه حين انخزل بنحو ثلث الناس فمشى في أثرهم عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر بن عبد الله فقال لهم اتقوا الله ولا تتركوا نبيكم وقاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ونحو هذا من القول فقال له ابن أبي ما أرى أن يكون قتالا ولو علمنا أن يكون قتال لكنا معكم فلما يئس منهم عبد الله قال اذهبوا اعداء الله فسيغنى الله رسوله عنكم ومضى مع النبي صلى الله عليه وسلم فأستشهد وقوله تعالى أو ادفعوا قال ابن جريج وغيره معناه كثروا السواد وأن لم تقاتلوا فيندفع القوم لكثرتكم وذهب بعض المفسرين إلى أن قول عبد الله بن عمرو أوادفعوا استدعاء للقتال حمية إذ ليسوا بأهل للقتال في سبيل الله والمعنى قاتلوا في سبيل الله أو قاتلوا دفاعا عن الحوزة إلا ترى أن قزمان قال في ذلك اليوم والله ما قاتلت إلا على احساب قومي وقول الأنصاري يومئذ لما أرسلت قريش الظهر في الزروع اترعى زروع بنى قيلة ولما نضارب وقوله تعالى الذين قالوا لاخوانهم وقعدوا لو اطاعونا ما قتلوا الذين بدل من الذين المتقدم لاخوانهم أي لاجل اخوانهم أو في شأن اخوانهم المقتولين ويحتمل أن يريد لا خوانهم الأحياء من المنافقين ويكون الضمير في اطاعونا للمقتولين وقعدوا جملة في موضع الحال معترضة اثناء الكلام وقولهم لو اطاعونا يريدون في ان لا يخرجوا وباقى الآية بين ثم اخبر سبحانه عن الشهداء انهم في الجنة احياء يرزقون وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن الله يطلع على الشهداء فيقول يا عبادى ما تشتهون فازيدكم فيقولون يا ربنا لا فوق ما اعطيتنا هذه الجنة ناكل منها حيث نشاء لكنا نريد أن تردنا إلى الدنيا فنقاتل في سبيلك فنقتل مرة اخرى فيقول سبحانه قد سبق انكم لا تردون والاحاديث في فضل الشهداء كثيرة قال الفخر والروايات في هذا الباب كأنها بلغت حد التواتر ثم قال قال بعض المفسرين أرواح الشهداء احياء وهي تركع وتسجد تحت العرش إلى يوم القيامة والعقيدة إن الارواح كلها احياء لا فرق بين الشهداء وغيرهم في ذلك إلا ما خصص الله به الشهداء من زيادة المزية والحياة التي ليست بمكيفة وفي صحيح مسلم عن مسروق قال سألنا ابن مسعود عن هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فقال أما أنا فقد سألت عن ذلك فقال يعني النبي صلى الله عليه وسلم أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تاوى إلى تلك القناديل الحديث إلى أخره ومن الآثار الصحيحة الدالة على فضل الشهداء ما رواه مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمرو ابن الجموح وعبد الله بن عمرو الأنصاريين ثم السلميين كانا قد حفر السيل قبرهما مما يلى السيل وكانا في قبر واحد وهما ممن استشهد يوم احد فحفر عنهما لغيرا من مكانهما فوجدا لم يغيرا كأنما ماتا بالأمس وكان احدهما قد جرح فوضع يده على جرحه فدفن وهو كذلك فاميطت يده عن جرحه ثم ارسلت فرجعت كما كانت وكان بين احد وبين يوم حفر عنهما ست واربعون سنة قال أبو عمر في التمهيد حديث مالك هذا يتصل من وجوه صحاح بمعنى واحد متقارب وعبدالله بن عمرو هذا هو والد جابر بن عبدالله وعمرو بن الجموح هو ابن عمه ثم اسند أبو عمر عن جابر بن عبد الله قال لما اراد معاوية أن يجري العين باحد نودي بالمدينة من كان له قتيل فليات قتيله قال جابر فاتيناهم فاخرجناهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة اصبع رجل منهم فانفطرت دما قال أبو سعيد الخدري لا ينكر بعد هذا منكر ابدا وفي رواية فاستخرجهم يعني معاوية بعد ست وأربعين سنة لينة اجسادهم تتثنى اطرافهم قال أبو عمر الذي أصابت المسحاة أصبعه هو حمزة رضي الله عنه ثم اسند عن جابر قال رأيت الشهداء يخرجون على رقاب الرجال كأنهم رجال نوم حتى إذا اصابت المسحاة قدم حمزة رضي الله عنه فانثعبت دما وقوله سبحانه ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم الآية معناه يسرون ويفرحون وذهب قتادة وغيره إلىأن استبشارهم هو أنهم يقولون اخواننا الذين تركناهم خلفنا في الدنيا يقاتلون في سبيل الله مع نبيهم فيستشهدون فينالون من الكرامة مثل ما نلنا نحن فيسرون لهم بذلك إذ يحصلون لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وذهب فريق من العلماء إلىأن الإشارة في قوله بالذين لم يلحقوا إلى جميع المؤمنين الذين لم يلحقوا بهم في فضل الشهادة وذلك لما عاينوا من ثواب الله فهم فرحون لأنفسهم بما آتاهم الله من فضله ومستبشرون للمؤمنين أنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ثم أكد سبحانه استبشارهم بقوله يستبشرون بنعمة ثم بين سبحانه بقوله وفضل أن ادخاله إياهم الجنة هو بفضل منه لا بعمل أحد وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر انها على قدر الأعمال قلت وخرج أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن حرب صاحب ابن المبارك في رقائقه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاصى أن الشهداء في قباب من حرير في رياض خضر عندهم حوت وثور يظل الحوت يسبح في انهار الجنة يأكل من كل رائحة في أنهار الجنة فإذا امسى وكزه الثور بقرنه فيذكيه فيأكلون لحمه يجدون في لحمة طعم كل رائحة ويبيت الثور في افناء الجنة فإذا أصبح غدا عليه الحوت فوكزه بذنبه فيذكيه فيأكلون فيجدون في لحمه طعم كل رائحة في الجنة ثم يعودون وينظرون إلى منازلهم من الجنة ويدعون الله عز وجل أن تقوم الساعة الحديث مختصرا وقد ذكره صاحب التذكرة مطولا وقرأ الكساءي وأن الله بكسر الهمزة على استيناف الأخبار وقرأ باقي السبعة بالفتح على أن ذلك داخل فيما يستبشر به وقوله الذين استجابوا يحتمل أن يكون صفة للمؤمنين على قراءة من كسر الألف من أن والأظهر أن الذين ابتداء وخبره في قوله للذين احسنوا منهم الآية والمستجيبون لله والرسول هم الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد في طلب قريش وقوله سبحانه الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم الآية الذين صفة للمحسنين وهذا القول هو الذي قاله الركب من عبد القيس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حين حملهم أبو سفيان ذلك فالناس الأول هم الركب والناس الثاني عسكر قريش هذا قول الجمهور وهو الصواب وقول من قال إن الآية نزلت في خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر الصغرى لمعياد أبي سفيان وأن الناس هنا هو نعيم بن مسعود قول ضعيف وعن أبن عباس أنه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل رواه مسلم والبخاري انتهى وقوله سبحانه إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه الآية إشارة إلى جميع ما جرى من إخبار الركب عن رسالة أبي سفيان ومن جزع من جزع من الخبر وقرأ الجمهور يخوف أولياءه قال قوم معناه يخوف المنافقين ومن في قلبه مرض وحكى أبو الفتح بن جني عن ابن عباس أنه قرأ يخوفكم أولياءه فهذه قراءة ظهر فيها المفعولان وهي مفسرة لقراءة الجماعة وفي قراءة أبي ابن كعب يخوفكم بأوليائه وفي كتاب القصد إلى الله تعالى للمحاسبي قال وكلما عظمت هيبة الله عز وجل في صدقور الأولياء لم يهابوا معه غيره حياء منه عز وجل أن يخافوا معه سواه انتهى وقوله سبحانه ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر المسارعة في الكفر هي المباردة إلى أقواله وأفعاله والجد في ذلك وسلى الله تعالى نبيه عليه السلام بهذه الآية عن حال المنافقين والمجاهرين إذ كلهم مسارع وقوله تعالى انهم لن يضروا الله شيئا خبر في ضمنه وعيد لهم أي وإنما يضرون أنفسهم والحظ إذا أطلق فإنما يستعمل في الخير وقوله سبحانه ولا يحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خيرا لأنفسهم نملي معناه نمهل ونمد في العمر والمعنى لا تحسبن أملاءنا للذين كفروا خيرا لهم فالآية رد على الكفار في قولهم إن كوننا ممولين أصحة دليل على رضى الله بحالتنا وقوله تعالى ما كان الله ليذر أي ليدع المؤمنين مختلطين بالمنافقين مشكلا أمرهم حتىيميز بعضهم من بعض بما يظهره من هؤلاء وهؤلاء في أحد من الأفعال والأقوال هذا تفسر مجاهد وغيره وقوله وما كان الله ليطلعكم على الغيب أي في أمر أحد وما كان من الهزيمة وأيضا فما كان الله ليطلعكم على المنافقين تصريحا وتسمية لهم ولكن بقرائن أفعالهم وأقوالهم قال الفخر وذلك أن سنة الله جارية بأنه لا يطلع عوام الناس على غيبه أي لا سبيل لكم إلى معرفة ذلك الامتياز إلا بإمتحانات كما تقدم فأما معرفة ذلك على سبيل الإطلاع من الغيب فهو من خواص الأنبياء فلهذا قال تعالى ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء انتهى وقال الزجاج وغيره روي أن بعض الكفار قال لم لا يكون جميعنا أنبياء فنزلت هذه الآية ويجتبي معناه يختار ويصطفي وقوله سبحانه ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله الآية قال السدي وجماعة من المتأولين الآية نزلت في البخل بالمال والإنفاق في سبيل الله واداء الزكاة المفروضة ونحو ذلك قال ومعنى سيطوقون ما بخلوا به هو الذي ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل عنده فيبخل عليه إلا أخرج له يوم القيامة شجاع من النار يتلمظ حتى يطوقه قلت وفي البخاري وغيره عنه صلى الله عليه وسلم قال من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله الآية قلت وأعلم أنه قد وردت آثار صحيحة بتعذيب العصاة بنوع ما عصوا به كحديث من قتل نفسه بحديدة فهو يجأ نفسه بحديدته في نار جهنم والذي قتل نفسه بالسم فهو يتحساه في نار جهنم ونحو ذلك قال الغزالي في الجواهر وأعلم أن المعاني في عالم الآخرة تستتبع الصور ولا تتبعها فيتمثل كل شيء بصورة توازي معناه فيحشر المتكبرون في صور الذر يطأهم من أقبل وأدبر والمتواضعون أعزاء انتهى وهو كلام صحيح يشهد له صحيح الآثار ويؤيده النظر والإعتبار اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه قال ابن العربي في أحكامه قال علماؤنا البخل منع الواجب والشح منع المستحب والصحيح المختار أن هذه الآية في الزكاة الواجبة لأن هذا وعيد لمانعيها والوعيد إذا اقترن بالفعل المأمور به أو المنهي عنه اقتضى الوجوب أو التحريم انتهى وتعميمها في جميع انواع الواجب أحسن وقوله سبحانه ولله ميراث السموات والأرض خطاب على ما يفهمه البشر دال على فناء الجميع وأنه لا يبقى مالك إلا الله سبحانه وقوله سبحانه لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء الآية نزلت بسبب فنحاص اليهودي وأشباهه كحيي بن أخطب وغيره لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قالوا يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير الغني وهذا من تحريف اليهود للتأويل على نحو ما صنعوا في توراتهم وقوله تعالى قول الذين قالوا دال على أنهم جماعة وقوله تعالى سنكتب ما قالوا الآية وعيد لهم أي سنحصي عليهم قولهم ويتصل ذلك بفعل آبائهم من قتل الأنبياء بغير حق وقوله سبحانه وأن الله أي وبأن الله ليس بظلام للعبيد قال ص قيل المراد هنا نفي القليل والكثير من الظلم كقول طرفة ... ولست بحلال التلاع مخافة ... ولكن متى يسترفد القوم أرفد ...
ولا يريد أنه قد يحل التلاع قليلا وزاد أبو البقاء وجها آخر وهو أن يكون علىالنسب أي لا ينسب سبحانه إلى ظلم فيكون من باب بزاز وعطار انتهى قلت وهذا القول أحسن ما قيل هنا فمعنى وما ربك بظلام أي بذي ظلم وقوله سبحانه الذين قالوا إن الله عهد إلينا الآية هذه المقالة قالتها أحبار اليهود مدافعة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم والمعنى أنك لم تأتنا بقربان تأكله النار فنحن قد عهد إلينا ألا نؤمن لك وقوله تعالى قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم من أمر القربان والمعنى أن هذا منكم تعلل وتعنت ولو أتيتكم بقربان لتعللتم بغير ذلك ثم أنس سبحانه نبيه بالأسوة والقدره فيمن تقدم من الأنبياء قال الفخر والمراد بالبينات المعجزات انتهى والزبر الكتاب المكتوب قال الزجاج زبرت كتبت وقوله سبحانه كل نفس ذائقة الموت الآية وعظ فيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته عن أمر الدنيا وأهلها ووعد بالفلاح في الآخرة فبالفكرة في الموت يهون أمر الكفار وتكذيبهم وإنما توفون أجوركم أي على الكمال ولا محالة أن يوم القيامة تقع فيه توفية الأجور وتوفية العقوبات وزحزح معناه أبعد والمكان الزحزاح البعيد وفاز معناه نجا من خطره وخوفه والغرور الخدع والترجية بالباطل والحياة الدنيا ولك ما فيها من الأموال هي متاع قليل
পৃষ্ঠা ৩৩৭