জাওয়াহির আল-হাসান ফি তাফসির আল-কোরআন
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
জনগুলি
ويعتصم معناه يتمسك وعصم الشيء إذامنع وحمي ومنه قوله يعصمني من الماء وباقي الآية بين وقوله تعالى يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله حق تقاته قال ابن مسعود حق تقاته هوأن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر وكذلك عبر الربيع بن خثيم وقتادة والحسن قالت فرقة نزلت الآية على عموم لفظها من لزوم غاية التقوى حتى لا يقع إلا خلال في شيء من الأشياء ثم نسخ ذلك بقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وبقوله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقالت جماعة لا نسخ هنا وإنما المعنى اتقوا الله حق تقاته في ما استطعتم وهذا هو الصحيح وخرج الترمذي عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وهي اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن يكون طعامه قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وخرجه ابن ماجه أيضا اه وقوله تعالى ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون معناه دوموا على الإسلام حتى يوافيكم الموت وأنتم عليه والحبل في هذه الآية مستعار قال ابن مسعود حبل الله الجماعة وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة وأن أمتي ستفترق على اثنين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة فقيل يا رسول الله وما هذه الواحدة قال فقبض يده وقال الجماعة وقرأ واعتصموا بحبل الله جميعا وقال قتادة وغيره حبل الله الذي أمر بالاعتصام به هو القرءان ورواه أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن زيد هو الإسلام وقيل غير هذا مما هو كله قريب بعضه من بعض وقوله تعالى ولا تفرقوا يريد التفرق الذي لا يتأتى معه الائتلاف كالتفرق بالفتن والافتراق في العقائد وأما الافتراق في مسائل الفروع والفقه فليس بداخل في هذه الآية بل ذلك هوالذي قال فيه صلى الله عليه وسلم خلاف أمتي رحمة وقد اختلفت الصحابة في الفروع أشد اختلاف وهم يد واحدة على كل كافر وقوله سبحانه وأذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم الآية هذه الآية تدل على أن الخطاب إنما هو للأوس والخزرج كما تقدم وكانت العدواه قد دامت بين الحيين مائة وعشرين سنة حتى رفعها الله بالإسلام فجاء النفر الستة من الأنصار إلى مكة حجاجا فعرض النبي صلى الله عليه وسلم نفسه عليهم وتلا عليهم شيئا من القرآن كما كان يصنع مع قبائل العرب فآمنوا به وأراد الخروج معهم فقالوا يا رسول الله إن قدمت بلدنا على ما بيننا من العداوة والحرب خفنا إلا يتم مانريده بك ولكن نمضي نحن ونشيع أمرك ونداخل الناس وموعدنا وإياك العام القابل فمضوا وفعلوا وجاءت الأنصار في العام القابل فكانت العقبة الثانية وكانوا اثني عشر رجلا فيهم خمسة من الستة الأولين ثم جاءوا من العام الثالث فكانت بيعة العقبة الكبرى حضرها سبعون وفيهم اثنا عشر نقيبا ووصف القصة مستوعب في السير ويسر الله تعالى الأنصار للإسلام بوجهين أحدهما أن بني إسرائيل كانوا مجاورين لهم وكانوا يقولون لمن يتوعدونه من العرب يبعث لنا الآن نبي نقتلكم معه قتل عاد وأرم فلما رأى النفر من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لبعض هذا والله النبي الذي تذكره بنو إسراءيل فلا تسبقن إليه والوجه الآخر الحرب التي كانت ضرستهم وافنت سراتهم فرجوا أن يجمع الله به كلمتهم فكان الأمر كما رجوا فعدد الله سبحانه عليهم نعمته في تاليفهم بعد العداوة وذكرهم بها قال الفخر كانت الأنصار قبل الإسلام أعداء فلما أكرمهم الله سبحانه بالإسلام صاروا أخوانا في الله متراحمين واعلم أن كل من كان وجهه إلى الدنيا كان معاديا لأكثر الخلق ومن كان وجهه إلى خدمة المولى سبحانه لم يكن معاديا لأحد لأنه يرى الكل أسيرا في قبضة القضاء والقدر ولهذا قيل أن العارف إذا أمر أمر برفق ونصح لا بعنف وعسر وكيف وهو مستبصر بالله في القدر ا ه وقوله تعالى فأصبحتم عبارة عن الاستمرار قال ص أصبح يستعمل لاتصاف الموصوف بصفته وقت الصباح وبمعنى صار فلا يلحظ فيها وقت الصباح بل مطلق الإنتقال والصيرورة من حال إلى حال وأصبح هنا بمعنى صار وما ذكره ابن عطية من أن أصبح للإستمرار لم يذهب إليه أحد من النحويين ا ه قلت وفيما أدعاه نظر وهي شهادة على نفي وكلام ع واضح من جهة المعنى والشفا حرف كل جرم له مهوى كالحفرة والبير والجرف والسقف والجدار ونحوه ويضاف في الإستعمال إلى الأعلى كقوله شفا جرف وإلى الأسفل كقوله شفا حفرة فشبه الله كفرهم الذي كانوا عليه بالشفا لأنهم كانوا يسقطون في جهنم دأبا فانقذهم الله منها بالإسلام وقوله تعالى فأنقذكم منها أي من النار ويحتمل من الحفرة والأول أحسن قال العراقي انقذكم أي خلصكم ا ه وقوله تعالى ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير أمر الله سبحانه الأمة بأن يكون منها علماء يفعلون هذه الأفعال على وجوهها ويحفظون قوانينها ويكون سائر الأمة متبعين لاولائك إذ هذه الأفعال لا تكون إلا بعلم واسع وقد علم الله سبحانه أن الكل لا يكونون علما ء فمن هنا للتبعيض وهو تأويل الطبري وغيره وذهب الزجاج وغير واحد إلى أن المعنى ولتكونوا كلكم أمة يدعون ومن لبيان الجنس ومعنى الآية على هذا أمر الأمة بأن يدعوا جميع العالم إلى الخير فيدعون الكفار إلى الإسلام والعصاة إلى الطاعة ويكون كل واحد في هذه الأمور على منزلته من العلم والقدرة وروى الليث بن سعد قال حدثني محمد بن عجلان أن وافدا النضري أخبره عن انس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليؤتين برجال يوم القيامة ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء لمنازلهم من الله يكونون على منابر من ونور قالوا ومن هم يا رسول الله قال هم الذين يحببون الله إلى الناس ويحببون الناس إلى الله ويمشون في الأرض نصحا قلنا يا رسول الله هذا يحببون الله إلى الناس فكيف يحببون الناس إلى الله قال يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فإذا أطاعوهم أحبهم الله تعالى ا ه من التذكرة للقرطبي قال ع قال أهل العلم وفرض الله سبحانه بهذه الآية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من فروض الكفاية إذا قام به قائم سقط عن الغير وقال النبي صلى الله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان والناس في الامر بالمعروف وتغيير المنكر على مراتب ففرض العلماء فيه تنبيه الولاة وحملهم على جادة العلم وفرض الولاة تغييره بقوتهم وسلطانهم ولهم هي اليد وفرض سائر الناس رفعه إلى الولاة والحكام بعد النهي عنه قولا وهذا في المنكر الذي له دوام وإما أن رأى أحد نازلة بديهية من المنكر كالسلب والزنا ونحوه فيغيرها بنفسه بحسب الحال والقدرة ويحسن لكل مؤمن أن يعتمل في تغيير المنكر وإن ناله بعض الأذى ويؤيد هذا المنزع أن في قراءة عثمان وابن مسعود وابن الزبير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويستعينون الله على ما أصابهم فهذا وإن لم يثبت في المصحف ففيه إشارة إلى التعرض لما يصيب عقيب الأمر والنهي كما هو في قوله وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك وقوله سبحانه ولا تكونوا كالذين تفرقوا الآية قال أبن عباس هي إشارة إلى كل من افترق من الأمم في الدين فأهلكهم الإفتراق وقال الحسن هي إشارة إلى اليهود والنصارى قلت وروى ابو داود في سننه عن معاوية بن أبي سفيان قال قال النبي صلى الله عليه وسلم أن من قبلكم من أهل الكتاب أفترقوا على ثنتين وسبعين ملة وأن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهي الجماعة وروى أبو هريرة نحوه ولم يذكر النار ا ه وقوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه الآية بياض الوجوه عبارة عن إشراقها واستنارتها وبشرها برحمة الله قاله الزجاج وغيره وقوله تعالى أكفرتم تقرير وتوبيخ متعلق بمحذوف تقديره فيقال لهم اكفرتم وفي هذا المحذوب جواب أما وهذا هو فحوى الخطاب وهو أن يكون في الكلام شيء مقدر لا يستغنى المعنى عنه كقوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة المعنى فافطر فعدة وقوله تعالى بعد ايمانكم يقتضى أن لهؤلاء المذكورين أيمانا متقدما وأختلف أهل التأويل في تعيينهم فقال أبي بن كعب هم جميع الكفار وإيمانهم هو إقرارهم يوم قيل لهم الست بربكم قالوا بلى وقال أكثر المتأولين المراد أهل القبلة من هذه الأمة ثم اختلفوا فقال الحسن الآية في المنافقين وقال قتادة هي في أهل الردة وقال أبو أمامة هي في الخوارج وقوله تعالى تلك ءايات الله نتلوها عليك بالحق الإشارة بتلك إلى هذه الآيات المتضمنة تعذيب الكفار وتنعيم المؤمنين ولما كان في هذا ذكر التعذيب أخبر سبحانه أنه لا يريد أن يقع منه ظلم لأحد من العباد وإذا لم يرد ذلك فلا يوجد البتة لأنه لا يقع من شيء إلا ما يريده سبحانه وقوله بالحق معناه بالإخبار الحق ويحتمل أن يكون المعنى نتلوها عليك مضمنة الأفعال التي هي حق في نفسها من كرامة قوم وتعذيب ءاخرين ولما كان للذهن أن يقف هنا في الوجه الذي به خص الله قوما بعمل يرحمهم من أجله وءاخرين بعمل يعذبهم عليه ذكر سبحانه الحجة القاطعة في ملكة جميع المخلوقات وأن الحق أن لا يعترض عليه وذلك في قوله ولله ما في السموات وما في الأرض الآية وقوله تعالى كنتم خيرأمة أخرجت للناس الآية اختلفت في تأويل هذه الآية فقيل نزلت في الصحابة وقال الحسن بن أبي الحسن وجماعة من أهل العلم الآية خطاب لجميع الأمة بأنهم خير أمة أخرجت للناس ويؤيد هذا التأويل كونهم شهداء على الناس وأما قوله كنتم على صيغة المضي فإنها التي بمعنى الدوام كما قال تعالى وكان الله غفورا رحيما وقال قوم المعنى كنتم في علم الله وهذه الخيرية التي خص الله بها هذه الآمة إنما يأخذ بحظه منها من عمل بهذه الشروط من الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان بالله مما جاء في فضل هذه الأمة ما خرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون الأولون يوم القيامة وفي رواية مسابقون يوم القيامة ونحن أول من يدخل الجنة وفي رواية نحن الآخرون من أهل الدنيا والاولون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق وفي رواية المقضى بينهم اه وخرج ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نحن ءاخر الأمم واول من يحاسب يقال أين الأمة الآمية ونبيها فنحن الآخرون الأولون وفي رواية عن ابن عباس فتفرج لنا الأمم عن طريقنا فنمضي غرا محجلين من ءاثار الطهور فتقول الأمم كادت هذه الآمة أن تكون أنبياء كلها وخرجه أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده بمعناه اه من التذكرة وروى أبو داود في سننه قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن أبيه عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل اه وقد ذكرنا هذا الحديث أيضا عن غير أبي داود وهذا الحديث ليس هو على عمومه في جميع الأمة لثبوت نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة وقوله تأمرون بالمعروف وما بعده أحوال في موضع نصب وفي الحديث خير الناس اتقاهم لله وءامرهم بالمعروف وانهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم رواه البغوي في منتخبه اه من الكوكب الدري وقوله سبحانه منهم المؤمنون تنبيه على حال عبد الله بن سلام وأخيه وثعلبة بن سعية وغيرهم ممن آمن وقوله تعالى لن يضروكم إلا أذى أي إلا أذى بالالسنة فقط وأخبر سبحانه في قوله وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار بخبر غيب صححه الوجود فهي من آيات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وفائدة الخبر هي في قوله ثم لا ينصرون أي لا تكون حرب اليهود معكم سجالا وخص الأدبار بالذكر دون الظهر تخسيسا للفار وهكذا هوحيث تصرف وقوله تعالى ضربت معناه اثبتت بشدة والزام وهذا وصف حال تقررت على اليهود في أقطار الأرض قبل مجيء الإسلام وثقفوا معناه أخذوا بحال المذنب المستحق الإهلاك وقوله إلا بحبل من الله في الكلام محذوف يدركه فهم السامع تقديره فلا نجاة لهم من القتل أوالإستيصال إلا بحبل وهو العهد وقوله ذلك إشارة إلى الغضب وضرب الذلة والمسكنه وباقي الآية تقدم تفسير نظيره وقوله تعالى ليسوا سواء الآية قال ابن عباس رضي الله عنهما لما أسلم عبد الله ابن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود معهم قال الكفار من أحبار اليهود ما آمن بمحد إلا شرارنا ولو كانوا خيارا ما تركوا دين آبائهم فأنزل الله سبحانه في ذلك ليسوا سواء الآية وقال مثله قتادة وابن جريج وهو أصح التأويلات في الآية واختلف في قوله قائمة فقال ابن عباس وغيره معناه قائمة على كتاب الله وحدوده مهتديه وقال اسدي القائمة القانتة المعطية وهذا كله يرجع إلى معنى واحد ويحتمل أن يراد بقائمة وصف حال التالين في إناء الليل ومن كانت حاله هذه فلا محالة أنه معتدل على أمر الله وآيات الله في هذه الآية هي كتبه والآناء الساعات واحدها أني بكسر الهمزة وسكن النون وحكم هذه الآية لا يتفق في شخص شخص بأن يكون كل واحد يصلي جميع ساعات الليل وإنما يقوم هذا الحكم من جماعة الأمة إذ بعض الناس يقوم أول الليل وبعضهم آخره وبعضهم بعد هجعة ثم يعود إلى نومه فيأتي من مجموع ذلك في المدن والجماعات عمارة إناء الليل بالقيام وهكذا كان صدر هذه الأمة وعرف الناس القيام في أول الثلث الآخر من الليل أو قبله بشيء وحينئذ كان يقوم الأكثر والقيام طول الليل قليل وقد كان في الصالحين من يلتزمه وقد ذكر الله سبحانه القصد من ذلك في سورة المزمل وقيام الليل لقراءة العلم المبتغى به وجه الله داخل في هذه الآية وهو أفضل من التنفل لمن يرجى انتفاع المسلمين بعلمه قلت وقد تقدم في أول السورة ما جاء من التأويل في حديث النزول فلنذكر الآن الحديث بكماله لما فيه من الفوائد روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فاستجيب له من يسئلني فأعطيه من يستغفرني فاغفر له رواه الجماعة اعنى الكتب الستة البخاري وملسما وأبا داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وفي بعض الطرق حتى يطلع الفجر زاد ابن ماجه فلذلك كانوا يستحبون الصلاة آخر الليل على أوله وعن عمرو بن عنبسة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن رواه ابو داود والترمذي والنسائي والحاكم في المستدرك واللفظ للترمذي وقال حسن صحيح وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم اه من السلاح وعن أبي إمامة قلت يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات رواه الترمذي ولانسائي وقال الترمذي هذا حديث حسن وفي رواية جوف الليل الآخر ارجى أو نحو هذا من السلاح ومما يدخل في ضمن قوله سبحانه ويسارعون في الخيرات أن يكون المرء مغتنما للخمس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك وغناك قبل فقرك فيكون متى أراد أن يصنع خيرا بادر إليه ولم يسوف نفسه بالأمل فهذه أيضا مسارعة في الخيرات وذكر بعض الناس قال دخلت مع بعض الصالحين في مركب فقلت له ما تقول أصلحك الله في الصوم في السفر فقال لي إنها المبادرة يا ابن الأخ قال المحدث فجاءني والله بجواب ليس من أجوبة الفقهاء قال ص قوله من الصالحين من للتبعيض ابن عطية ويحسن أيضا أن يكون لبيان الجنس وتعقب بأنه لم يتقدم شيء فيه إبهام فيبين جنسه اه وقوله تعالى وما تفعلوا من خير فلن تكفروه أي فلن يعطى دونكم فلا تثابون عليه وفي قوله سبحانه والله عليم بالمتقين وعد ووعيد وقوله تعالى مثل ما ينفقون في هذه الحيوة الدنيا كمثل ريح الآية وقع في الآية التشبيه بين شيئين وشيئين وترك من كل منهما مادل عليه الكلام وهذه غاية الإيجاز والبلاغة وجمهور المفسرين على أن ينفقون يراد به الأموال التي كانوا ينفقونها في التحنث ا يبطلها كفرهم كما تبطل الريح الزرع والصر البرد الشديد المحرق لكل ما يهب عليه والحرث شامل للزرع والثمار وقوله سبحانه حرث قوم ظلموا أنفسهم الآية من أهل العلم من يرى أن كل مصائب الدنيا فإنما هي بمعاصي العبيد وينتزع ذلك من غير ما آية في القرآن فيستقيم على قوله إن كل حرث تحرقه ريح فإنما هو لمن قد ظلم نفسه والضمير في قوله وما ظلمهم الله للكفار الذين تقدم ضميرهم في ينفقون وليس هو للقوم ذوي الحرث وقوله تعالى يا أيها الذين أمنوا لا تتخذوا بطانة أي لا تتخذوا من الكفار واليهود والمنافقين أخلاء تأنسون بهم في الباطن وتفاوضونهم في الآراء وقوله سبحانه من دونكم يعني من دون المؤمنين وقوله سبحانه لا يالونكم خبالا معناه لا يقصرون لكم فيما فيه فساد عليكم تقول ما ألوت في كذا أي ما قصرت بل اجتهدت والخبال الفساد قال ابن عباس كان رجال من المؤمنين يواصلون رجالا من الهيود للحلف والجوار الذي كان بينهم في الجاهلية فنزلت الآية في ذلك وقال ابن عباس أيضا وقتادة والربيع والسدي نزلت في المنافقين قال ع ويدخل في هذه الآية استكتاب أهل الذمة وتصريفهم في البيع والشراء ونحو ذلك وما في قوله ما عتنم مصدرية فالمعنى ودوا عنتكم والعنت المشقة والمكروه يلقاه المرء وعقبة عنوت أي شاقة قال ص قال الزجاج عنتكم أي مشقتكم وقال ابن جرير ضلالكم وقال الزبيدي العنت الهلاك اه وقوله تعالى قد بدت البغضاء من افواههم أي فهم فوق المستتر الذي تبدو البغضاء في عينيه وخص سبحانه الافواه بالذكر دون الالسنة إشارة إلى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم هذه ثم قال سبحانه للمؤمنين قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون تحذيرا وتنبيها وقد علم سبحانه أنهم عقلاء ولكن هذا هز للنفوس كما تقول أن كنت رجلا فافعل كذا وكذا وقوله هأنتم أولاء تحبونهم الضمير في تحبونهم للذين تقدم ذكرهم قي قوله بطانه من دونكم قال ص وتؤمنون بالكتاب كله قال أبو البقاء الكتاب هنا جنس أي بالكتب كلها وقوله تعالى عذوا عليكم الأنامل من الغيط عبارة عن شدة الغيظ مع عدم القدرة على انفاذه ومنه قول ابي طالب يعضون غيظا خلفنا بالأنامل وقوله سبحانه قل موتوا بغيظكم قال فيه الطبري وكثير من المفسرين هو دعاء عليهم وقال قوم بل أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأمته أن يواجهوهم بهذا فعلى هذا زال معنى الدعاء وبقي معنى التقريع وقوله تعالى إن الله عليم بذات الصدور وعين وذات الصدور ما تنطوى عليه وقوله سبحانه إن تمسسكم حسنه تسؤهم6 الآية الحسنة والسيئة في هذه الآية لفظ عام في كل ما يحسن ويسوء قلت ويجب على المؤمن أن يجتنب هذه الأخلاق الذميمة وروينا في كتاب الترمذي عن واثلة بن الأسقع رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تظهر الشماتة لأخيك فيC ويبتلك اه والكيد الاحتيال بالأباطيل وقوله تعالى وأكيد كيدا من باب تسمية العقوبة باسم الذنب وقوله تعالى وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال هذا ابتداء عتب المؤمنين في أمر أحد وفيه نزلت هذه الآيات كلها وكان من أمر غزوة أحد أن المشركين اجتمعوا في ثلاثة ألاف رجل وقصدوا المدينة ليأخذوا بثارهم في يوم بدر فنزلوا عند احد يوم الأربعاء الثاني عشر من شوال سنة ثلاث من الهجرة على رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة واقاموا هنالك يوم الخميس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة يدبر وينتظر أمر الله سبحانه فلما كان في صبيحة يوم الجمعة جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس واستشارهم وأخبرهم أنه كان يرى بقرا تذبح وثلما في ذباب سيفه وأنه يدخل يده في درع حصينة وأنه تأولها المدينة وقال لهم أرى ان لا نخرج إلى هؤلاء الكفار فقال له عبد الله ابن أبي بن سلول أقم يا رسول الله ولا تخرج إليهم بالناس فإن هم أقاموا أقاموا بشر محبس وإن انصرفوا مضوا خائبين وإن جاءونا إلى المدينة قاتلناهم في الأفنية ورماهم النساء والصبيان بالحجارة من الآطام فوالله ما حاربنا قط عدو في هذه المدينة إلا غلبناه ولا خرجنا منها إلى عدو إلا غلبنا فوافق هذا الرأي راي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأي جماعة عظيمة من المهاجرين والأنصار وقال قوم من صلحاء المؤمنين ممن فاتته بدر يا رسول الله أخرج بنا إلى عدونا وشجعوا الناس ودعوا إلى الحرب فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس صلاة الجمعة وقد حشمه هؤلاء الداعون إلى الحرب فدخل اثر صلاته بيته ولبس سلاحه فندم أولئك القوم وقالوا أكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم في سلاحه قالوا يا رسول الله أقم إن شئت فإنا لا نريد أن نكرهك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينبغي لنبي لبس سلاحه أن يضعها حتى يقاتل ثم خرج بالناس وسار حتى قرب من عسكر المشركين فعسكر هنالك وبات تلك الليلة وقد غضب عبد الله بن أبي بن سلول وقال أطاعهم وعصاني فلما كان في صبيحة يوم السبت اعتزم النبي صلى الله عليه وسلم على المسير إلى مناجزة المشركين فنهض وهو في الف رجل فانخزل عنه عند ذلك عبد الله بن أبي بن سلول بثلاثمائة رجل من منافق ومتبع وقالوا نظن أنكم لا تلقون قتالا ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبع مائة فهمت عند ذلك بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج بالإنصراف ورأوا كثافة المشركين وقلة المسلمين وكادوا أن يجبنوا ويفشلوا فعصمهم الله تعالى وذم بعضهم بعضا ونهضوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطل على المشركين فتصاف الناس وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر على الرماة عبد الله بن جبير وكانوا خمسين رجلا وجعلهم يحمون الجبل وراء المسلمين وأسند هو إلى الجبل فلما اضطرمت نار الحرب انكشف المشركون وانهزموا وجعل نساء المشركين يشددن في الجبل ويرفعن عن سوقهن قد بدت خلاخيلهن فجعل الرماة يقولون الغنيمة الغنيمة وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال لهم لا تبرحوا من هنا ولو رأيتمونا تخطفنا الطير فقال لهم عبد الله بن جبير وقوم منهم اتقوا الله واثبتوا كما أمركم نبيكم فعصوا وخالفوا وانصرفوا يريدون النهب وخلوا ظهور المسلمين للخيل وجاء خالد في جريدة خيل من خلف المسلمين حيث كان الرماة فحمل على الناس ووقع التخاذل وصيح في المسلمين من مقدمتهم ومن ساقتهم وصرخ صارخ قتل محمد فتخاذل الناس واستشهد من المسلمين سبعون وتحيز رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعلى الجبل وتحاوز الناس هذا مختصر من القصة يتركب عليه تفسير الآيات وأمر أحد مستوعب في السير وليس هذا التعليق مما يقتضي ذكره وتبوىء معناه تعين لهم مقاعد يتمكنون فيها ويثبتون وقوله سبحانه مقاعد جمع مقعد وهو مكان القعود وهذا بمنزلة قولك مواقف ولكن لفظة القعود أدل على الثبوت ولا سيما أن الرماة إنما كانوا قعودا وكذلك كانت صفوف المسلمين أولا والمبارزة والسرعان يجولون وقوله تعالى والله سميع أي ما تقول وما يقال لك وقت المشاروة وغيره وهمت معناه أرادت ولم تفعل والفشل في هذا الموضع هو الجبن الذي كاد يلحق الطائفتين ففي البخاري وغيره عن جابر قال نزلت هذه الآية فينا إذ همت طائفتان في بني سلمة وبني حارثة وما أحب أنها لم تنزل والله يقول والله وليهما وقوله سبحانه ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة لما أمر الله سبحانه بالتوكل عليه ذكر بأمر بدر الذي كان ثمرته التوكل علىالله سبحانه والثقة به وقوله سبحانه وأنتم اذلة معناه قليلون اسم الذل في هذا الموضع مستعار إذ نسبتهم إلى عدوهم وإلى جميع الكفار في أقطار الأرض تقتضي عند المتأمل ذلتهم وأنهم مغلوبون روى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر فقال صلى الله عليه وسلم اللهم إنهم حفاة فأحملهم اللهم أنهم عراة فاكسهم اللهم انهم جياع فاشبعهم ففتح الله عليهم يوم بدر فانقلبوا حين انقلبوا وما فيهم رجل إلا قد رجع بجمل أو جملين واكتسوا وشبعوا رواه أبو داود والحاكم في المستدرك على الصحيحين واللفظ له وقال صحيح على شرط الشيخين اه من السلاح وقوله سبحانه إذ تقول العامل في إذ فعل مضمرويحتمل أن يكون العامل نصركم وعلى هذا قول الجمهور إن هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم كان ببدر قال ابن عباس لم تقاتل الملائكة في يوم من الأيام إلا يوم بدر وكانوا يكونون في سائر الأيام عددا ومددا لا يضربون قال الشعبي وهم يحضرون حروب المسلمين إلى يوم القيامة وقال قتادة أمد الله المؤمنين يوم بدر بخمسة آلاف قال عكرمة كان الوعد يوم بدر فلم يصبروا يوم احد ولا اتقوا فلم يمدوا ولو مدوا لم يهزموا وقال الضحاك وابن زيد إنما كان هذا الوعد والمقالة للمؤمنين يوم أحد ففر الناس وولوا مدبرين فلم يمدهم الله وإنما مدوا يوم بدر بألف من الملائكة مردفين والفوز النهوض المسرع إلى الشيء مأخوذ من فور القدر والماء ونحوه ومنه الفور في الحج والوضوء ومسومين معناه معلمين بعلامات وروي أن الملائكة اعلمت يوم بدر بعمائم بيض إلا جبريل فإنه كان بعمامة صفراء على مثال عمامة الزبير بن العوام وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسلمين يوم بدر سوموا فإن الملائكة قد سومت وقوله سبحانه وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم الضمير في جعله الله عائد على الإنزال والإمداد ومعنى الآية وما كان هذا الامداد إلا لتستبشروا به وتطمئن به قلوبكم وترون حفاية الله بكم وإلا فالكثرة لا تغنى شيئا إلا أن ينصر الله واللام في قوله ليقطع متعلقة بقوله وما النصر ويحتمل أن تكون متعلقة بجعله فيكون قطع الطرف إشارة إلى من قتل ببدر على قول ابن إسحاق وغيره أو إلى من قتل بأحد على ما قال السدي وقتل من المشركين ببدر سبعون وقتل منهم يوم أحد أثنان وعشرون رجلا والطرف الفريق وقوله سبحانه أو يكبتهم معناه يخزيهم والكبت الصرع لليدين وقال ص الكبت الهزيمة وقيل الصرع لليدين اه وقوله تعالى ليس لك من الأمر شيء الآية روي في سبب هذه الآية أنه لما هزم اصحابه صلى الله عليه وسلم وشج وجهه وكسرت رباعيته جعل يمسح وجهه ويقول كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وفي بعض طرق الحديث كيف بقوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى الله فنزلت الآية فقيل له ليس لك من الأمر شيء أي عواقب الأمور بيد الله فامض أنت لشأنك ودم على الدعاء إلى ربك قلت وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم ممتثلا أمر ربه قال عياض روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت عليهم فقال أني لم أبعث لعانا ولكني بعثت داعيا ورحمة اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال في بعض كلامه بأبي وأمي أنت يا رسول الله لقد
পৃষ্ঠা ৩০৮