জাওয়াহির আল-হাসান ফি তাফসির আল-কোরআন

আল-তাআলিবি d. 429 AH
198

জাওয়াহির আল-হাসান ফি তাফসির আল-কোরআন

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

জনগুলি

قال الفخر وأما وجه المناسبة بين هذه الآية والتي قبلها فهو ما تقدم من أن قوما من الصحابة رضي الله عنهم حرموا على أنفسهم المطاعم والملاذ وحلفوا على ذلك فلما نهاهم الله تعالى عن ذلك قالوا يا رسول الله فكيف نصنع بأيماننا فأنزل الله تعالى هذه الآية انتهى وقوله سبحانه فكفارته إطعام عشرة مساكين أي إشباعهم مرة واحدة وحكم هؤلاء أن لا يتكرر واحد منهم في كفارة يمين واحدة واختلف في معنى قوله سبحانه من أوسط فرأى مالك وجماعة معه هذا التوسط في القدر ورأى ذلك جماعة في الصنف والوجه أن يعم بلفظ الوسط القدر والصنف فرأى مالك أن يطعم المسكين بالمدينة مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك رطل وثلث وهذا لضيق المعيشة بالمدينة ورأى في غيرها أن يتوسع ورأى من يقول أن التوسط إنما هو في الصنف أن يكون الرجل المكفر يتجنب أدنى ما يأكل الناس في البلد وينحط عن الأعلى ويكفر بالوسط من ذلك ومذهب المدونة أن يراعي المكفر عيش البلد وتأويل العلماء في الحانث في اليمين بالله أنه مخير في الإطعام أو الكسوة أو العتق والعلماء على أن العتق أفضل ذلك ثم الكسوة ثم الإطعام بدأ الله تعالى عباده بالأيسر فالأيسر قال الفخر وبدأ سبحانه بالإطعام لأنه أعم وجودا والمقصود منه التنبيه على أنه سبحانه يراعي التخفيف والتسهيل في التكاليف وثانيها أن الإطعام أفضل قلت وهذا هو مشهور مذهب مالك انتهى ويجزىء عند مالك من الكسوة في الكفارة ما يجزىء في الصلاة وقوله سبحانه أو تحرير رقبة أي مؤمنة قاله مالك وجماعة لأن هذا المطلق راجع إلى المقيد في عتق الرقبة في قتل الخطأ وقوله سبحانه فمن لم يجد معناه لم يجد في ملكه أحد هذه الثلاثة المذكورة واختلف العلماء في حد هذا العادم ومتى يصح له الصيام فقال الشافعي ومالك وجماعة من العلماء إذا كان المكفر لا يملك إلا قوته وقوت عياله يومه وليلته فله أن يصوم فإن كان عنده زائد على ذلك ما يطعم عشرة مساكين لزمه الإطعام قال الطبري وقال آخرون جائز لمن لم يكن له فضل على راس ماله الذي يتصرف به في معايشه أن يصوم وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود ثلاثة أيام متتابعات وقال بذلك جماعة وقال مالك وغيره أن تابع فحسن وإن فرق أجزأ وقوله إذا حلفتم معناه وأردتم الحنث أو وقعتم فيه وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس الآية قال ع وفي معنى الأزلام الزجر بالطير وأخذ الفال في الكتب ونحوه مما يصنعه الناس وأخبر سبحانه أن هذه الأشياء رجس قال ابن عباس في هذه الآية رجس سخط وقال ابن زيد الرجس الشر قال ع الرجس كل مكروه ذميم وقد يقال للعذاب والرجز العذاب لا غير والركس العذرة لا غير والرجس يقال للأمرين وقوله سبحانه فاجتنبوه أمر باجتنابه فحرمت الخمر بظاهر القرآن ونص الأحاديث وإجماع الأمة وأمر الخمر إنما كان بتدريج ونوازل كثيرة كقصة حمزة حين جب الاسنمة وقوله وهل أنتم إلا عبيد أبي ثم أعلم سبحانه عباده أن الشيطان إنما يريد أن تقع العداوة بسبب الخمر وما يعترى عليها بين المؤمنين وبسبب الميسر إذ كانوا يتقامرون على الأموال حتى ربما بقي المقمور فقيرا فتحدث من ذلك ضغائن وعداوات فإن لم يصل الأمر إلى حد العداوة كانت بغضاء ولا تحسن عاقبة قوم متباغضين ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا وباجتماع النفوس والكلمة يحمى الدين ويجاهد العدو والبغضاء تنقض عرى الدين وتهدم عماد الحماية وكذلك أيضا يريد الشيطان أن يصد المؤمنين عن ذكر الله وعن الصلاة ويشغلهم عنها بإتباع الشهوات والخمر والميسر والقمار كله من أعظم الآفات في ذلك وفي قوله سبحانه فهل أنتم منتهون وعيد زائد على معنى انتهوا وقوله سبحانه ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية قال ابن عباس وغيره لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة يا رسول الله كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ونحو هذا من القول فنزلت هذه الآية وهذا نظير سؤالهم عن من مات على القبلة الأولى والجناح الإثم والحرج والتكرار في قوله سبحانه اتقوا يقتضي في كل واحدة زيادة على التي قبلها وفي ذلك مبالغة في هذه الصفات لهم وليست الآية وقفا على من عمل الصالحات كلها واتقى كل التقوى بل هي لكل مؤمن وإن كان عاصيا أحيانا إذا كان قد عمل من هذه الخصال الممدوحة ما استحق به أن يوصف بأنه مؤمن عامل للصالحات متق في غالب أمره محسن فليس على هذا الصنف جناح فيما طعم مما لم يحرم عليه وطعموا معناه ذاقوا فصاعدا في رتب الأكل والشرب وقد يستعار للنوم وغيره وحقيقته في حاسة الذوق وقوله سبحانه يا أيها الذين ءامنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد أي ليختبرنكم يرى طاعتكم من معصيتكم وقوله بشيء يقتضي تبعيضا ومن يحتمل أن تكون للتبعيض ويحتمل أن تكون لبيان الجنس كقوله تعالى فاجتنبوا الرجس من الأوثان وقوله تعالى ليعلم الله من يخافه بالغيب معناه ليستمر علمه تعالى عليه وهو موجود إذ قد علم تعالى ذلك في الأزل وبالغيب قال الطبري معناه في الدنيا حيث لا يرى العبد ربه فهو غائب عنه والظاهر أن المعنى بالغيب من الناس أي في الخلوة ممن خاف الله انتهى قلت وقول الطبري أظهر ثم توعد تعالى من اعتدى بعد النهي بالعذاب الأليم وهو عذاب الآخرة وقوله سبحانه يا أيها الذين ءامنوا لا تقتلوا الصيد وانتم حرم الآية الصيد مصدر عومل معاملة الاسماء فاوقع على الحيوان المصيد ولفظ الصيد هنا عام ومعناه الخصوص فيما عدا ما استثنى وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأة والفارة والعقرب والكلب العقور وأجمع الناس على إباحة قتل الحية وبسط هذا في كتب الفقه وحرم جمع حرام وهو الذي يدخل في الحرم أو في الإحرام واختلف في قوله متعمدا فقال مجاهد وغيره معناه متعمدا لقتله ناسيا لاحرامه فهذا يكفر وأما أن كان ذاكرا لاحرامه فهو أعظم من أن يكفر وقد حل ولا رخصة له وقال جماعة من أهل العلم منهم ابن عباس ومالك والزهري وغيرهم المتعمد القاصد للقتل الذاكر لاحرامه فهو يكفر وكذلك الناسي والقاتل خطأ يكفران وقرأ نافع وغيره فجزاء مثل بإضافة الجزاء إلى مثل وقرأ حمزة وغيره فجزاء بالرفع مثل بالرفع أيضا واختلف في هذه المماثلة كيف تكون فذهب الجمهور إلى أن الحكمين ينظران إلى مثل الحيوان المقتول في الخلقة وعظم المرأى فيجعلان ذلك من النعم جزاءه وذهب الشعبي وغيره إلى أن المماثلة إنما هي في القيمة يقوم الصيد المقتول ثم يشتري بقيمته ند من النعم ورد الطبري وغيره هذا القول والنعم لفظ يقع على الإبل والبقر والغنم إذا اجتمعت هذه الأصناف فإن انفرد كل صنف لم يقل نعم إلا للإبل وحدها وقصر القرآن هذه النازلة على حكمين عدلين عالمين بحكم النازلة وبالتقدير فيها وعلى هذا جمهور الناس قال ابن وهب في العتبية من السنة أن يخير الحكمان من أصاب الصيد كما خيره الله تعالى في أن يخرج هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما فإن اختار الهدي حكما عليه بما يريانه نظيرا لماأصاب ما بينهما وبين أن يكون عدل ذلك شاة لأنها أدنى الهدي فما لم يبلغ شاة حكما فيه بالطعام ثم خير في أن يطعمه أو يصوم مكان كل مد يوما وكذلك قال مالك في المدونة إذا أراد المصيب أن يطعم أو يصوم فإن كان لما أصاب نظير من النعم فإنه يقوم صيده طعاما لا دراهم قال وإن قوماه دراهم واشترى بها طعام لرجوت أن يكون واسعا والأول أصوب فإن شاء أطعمه وإلا صام مكان كل مد يوما وإن زاد ذلك على شهرين أو ثلاثة وقال يحيى بن عمر من أصحابنا إنما يقال كم من رجل يشبع من هذا الصيد فيعرف العدد ثم يقال كم من الطعام يشبع هذا العدد فإن شاء أخرج ذلك الطعام وإن شاء صام عدد إمداده وهذا قول حسن احتاط فيه لأنه قد تكون قيمة الصيد من الطعام قليلة فبهذا النظر يكثر الإطعام وقوله تعالى هديا بالغ الكعبة ذكرت الكعبة لأنها أم الحرم والحرم كله منحر لهذا الهدي ولا بد أن يجمع في هذا الهدي بين الحل والحرم حتى يكون بالغ الكعبة فالهدي لا ينحر إلا في الحرم واختلف في الطعام فقال جماعة الإطعام والصوم حيث شاء المكفر من البلاد وقال عطاء بن أبي رباح وغيره الهدي والإطعام بمكة والصوم حيث شئت وقوله سبحانه ليذوق وبال أمره الذوق هنا مستعار والوبال سوء العاقبة والمرعى الوبيل هو الذي يتأذى به بعد أكله وعبر بأمره عن جميع حاله من قتل وتكفير وحكم عليه ومضى ماله أو تعبه بالصوم واختلف في معنى قوله سبحانه عفا الله عما سلف الآية فقال عطاء بن أبي رباح وجماعة معناه عفا الله عما سلف في جاهليتكم من قتلكم الصيد في الحرمة ومن عاد الآن في الإسلام فإن كان مستحلا فينتقم الله منه في الآخرة ويكفر في ظاهر الحكم وإن كان عاصيا فالنقمة هي في الزام الكفارة فقط قالوا وكلما عاد المحرم فهو يكفر قال ع ويخاف المتورعون أن تبقى النقمة مع التكفير وهذا هو قول الفقهاء مالك ونظرائه وأصحابه رحمهم الله وقال ابن عباس وغيره أما المتعمد فإنه يكفر أول مرة وعفا الله عن ذنبه فإن اجترأ وعاد ثانيا فلا يحكم عليه ويقال له ينتقم الله منك كما قال الله تعالى وقوله سبحانه والله عزيز ذو انتقام تنبيه على صفتين تقتضيان خوف من له بصيرة ومن خاف ازدجر ومن هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل قلت والصيد للهو مكروه وروى أبو داود في سننه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى السلطان افتتن انتهى وقوله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم الآية البحر الماء الكثير ملحا كان أو عذبا وكل نهر كبير بحر وطعامه هو كل ما قذف به وما طفا عليه قاله جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهو مذهب مالك ومتاعا نصب على المصدر والمعنى متعكم به متاعا تنتفعون به وتأتدمون ولكم يريد حاضري البحر ومدنه وللسيارة المسافرين واختلف في مقتضى قوله سبحانه وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما فتلقاه بعضهم على العموم من جميع جهاته فقالوا أن المحرم لا يحل له أن يصيد ولا أن يأمر من يصيد ولا أن يأكل صيدا صيد من أجله ولا من غير أجله وأن لحم الصيد بأي وجه كان حرام على المحرم وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يرى بأسا للمحرم أن يأكل ما صاده حلال لنفسه أو لحلال مثله وقال بمثل قول عمر عثمان بن عفان والزبير ابن العوام وهو الصحيح لأن النبي صلى الله عليه وسلم أكل من الحمار الذي صاده أبو قتادة وهو حلال والنبي عليه السلام محرم ثم ذكر سبحانه بأمر الحشر والقيامة مبالغة في التحذير ولما بان في هذه الآيات تعظيم الحرم والحرمة بالاحرام من أجل الكعبة وإنها بيت الله تعالى وعنصر هذه الفضائل ذكر سبحانه في قوله جعل الله الكعبة البيت تنبيها سنه في الناس وهداهم إليه وحمل عليه الجاهلية الجهلاء من التزامهم أن العكبة قوام والهدي قوام والقلائد قوام أي أمر يقوم للناس بالتأمين ووضع الحرب أوزارها وأعلم تعالى أن التزام الناس لذلك هو مما شرعه وارتضاه وجعل في هذه الآية بمعنى صير والكعبة بيت مكة وسمي كعبة لتربيعه قال أهل اللغة كل بيت مربع فهو مكعب وكعبة وذهب بعض المتأولين إلى أن معنى قوله تعالى قياما للناس أي موضع وجوب قيام بالمناسك والتعبدات وضبط النفوس في الشهر الحرام ومع الهدي والقلائد قال مكي معنى قياما للناس أي جعلها بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر اتباعه فهي تحجزهم عن ظلم بعضهم بعضا وكذلك الهدي والقلائد جعل ذلك أيضا قياما للناس فكان الرجل إذا دخل الحرم أمن من عدوه وإذا ساق الهدي كذلك لم يعرض له وكان الرجل إذا أراد الحج تقلد بقلادة من شعر وإذا رجع تقلد بقلادة من لحاء شجر الحرم فلا يعرض له ولا يؤذى حتى يصل إلى أهله قال ابن زيد كان الناس كلهم فيهم ملوك تدفع بعضهم عن بعض ولم يكن في العرب ملوك تدفع عن بعضهم ظلم بعض فجعل الله لهم البيت الحرام قياما يدفع بعضهم عن بعض انتهى من الهداية والشهر هنا اسم جنس والمراد الأشهر الثلاثة بإجماع من العرب وشهر مصر وهو رجب وأما الهدي فكان أمانا لمن يسوقه لأنه يعلم أنه في عبادة لم يأت لحرب وأما القلائد فكذلك كان الرجل إذا خرج يريد الحج تقلد من لحاء السمر أو غيره شيئا فكان ذلك أمانا له وكذلك إذا انصرفوا تقلدوا من شجر الحرم وقوله ذلك إشارة إلى أن جعل الله هذه الأمور قياما وقوله سبحانه بكل شيء عليم عام عموما تاما في الجزئيات ودقائق الموجودات والقول بغير هذا إلحاد في الدين وكفر وقوله سبحانه ما على الرسول إلا البلاغ الآية إخبار للمؤمنين مضمنه الوعيد أن انحرفوا ولم يمتثلوا ما بلغ الرسول إليهم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون قلت قال الشيخ أبو مدين رضي الله عنه الحق تعالى مطلع على السرائر والظواهر في كل نفس وحال فايما قلت رآه مؤثرا له حفظه من الطوارق والمحن ومضلات الفتن وقال رحمه الله ما عرف الحق من لم يؤثره وما أطاعه من لم يشكره انتهى وقوله تعالى قل لا يستوي الخبيث والطيب الآية لفظ عام في جميع الأمور فيتصور في المكاسب وعدد الناس والمعارف من العلوم ونحوها فالخبيث من هذا كله لا يفلح ولا ينجب ولا تحسن له عاقبة والطيب وإن قل نافع جميل العاقبة وينظر إلى هذه الآية قوله تعالى والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا والخبث هو الفساد الباطن في الأشياء حتى يظن بها الصلاح وهي بخلاف ذلك وقوله سبحانه فاتقوا الله يا أولي الألباب تنبيه على لزوم الطيب في المعتقد والعلم وخص أولوا الألباب بالذكر لأنهم المتقدمون في ميز هذه الأمور والذين لا ينبغي لهم إهمالها مع ألبابهم وإدراكهم وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم الآية اختلف الرواة في سببها والظاهر من الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحت عليه الأعراب والجهال بأنواع من السؤالات حسبما هو معلوم في الروايات فزجرهم الله تعالى عن ذلك بهذه الآية وأشياء أسم لجمع شيء قال ابن عباس معنى الآية لا تسألوا عن أشياء في ضمن الأنباء عنها مساءة لكم أما بتكليف شرعي يلزمكم وأما بخبر يسوءكم ولكن إذا نزل القرءان بشيء وابتدأكم ربكم بأمر فحينئذ أن سألتم عن تفصيله وبيانه بين لكم وابدي ويحتمل قوله وأن تسألوا عنها حين ينزل القرءان تبد لكم أن يكون في معنى الوعيد كأنه قال لا تسألوا وأن سألتم لقيتم غب ذلك وصعوبته قال النووي وعن أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وحرم أشياء فلا تنتهكوها وسكت عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها رويناه في سنن الدارقطني انتهى وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوني ما تركتكم إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم انتهى وعفا الله عنها معناه تركها ولم يعرف بها قد سألها قوم من قبلكم الآية قال الطبري كقوم صالح في سؤالهم الناقة وكبنى إسراءيل في سؤالهم المائدة أي وكطلب الأمم قديما التعمق في الدين من أنبيائها ثم لم تف بما كلفت وقوله سبحانه ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام الآية أي لم يجعل سبحانه شيئا من ذلك ولا سنه لعباده المعنى ولكن الكفار فعلوا ذلك كعمرو بن لحي وغيره من رؤسائهم يفترون على الله الكذب بقولهم هذه قربة إلى الله وأكثرهم يعنى الأتباع لا يعقلون بل يتبعون هذه الأمور تقليدا وجعل في هذه الآية لا يتجه أن تكون بمعنى خلق ولا بمعنى صير وإنما هي بمعنى ماسن ولا شرع قال ص ما جعل ذهب ابن عطية والزمخشري إلى انها بمعنى شرع قال ابن عطية ولا تكون بمعنى خلق لأن الله تعالى خلق هذه الأشياء كلها ولا بمعنى صير لعدم المفعول الثاني قال أبو حيان ولم يذكر النحويون لها هذا وقد جاء حذف أحد مفعولي ظن وأخواتها قليلا فتحمل هذه على حذف المفعول الثاني أي ما صير الله بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حاميا مشروعا وهو اولى من اثبات معنى لم يسمع فيها وذكر أبو البقاء أنها هنا بمعنى سمى انتهى قلت وحاصل كلام أبي حيان أنه شهادة على نفي وعلى تقدير صحته فيحمل كلام ابن عطية على أنه تفسير معنى لا تفسير اعراب وبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة وبحر شق كانوا إذا نتجت الناقة عشرة بطون شقوا أذنها بنصفين طولا فهي مبحورة وتركت ترعى وترد الماء ولا ينتفع بشيء منها ويحرم لحمها إذا ماتت على النساء ويحلل للرجال وذلك كله ضلال والسائبة هي الناقة تسيب للآلهة والناقة أيضا إذا تابعت ثنتي عشرة اناثا ليس فيهن ذكر سيبت وكانت السوائب أيضا في العرب كالقربة عند المرض يبرأ منه والقدوم من السفر وإذا نزل بأحدهم أمر يشكر الله تعالى عليه تقرب بأن يسيب ناقة فلا ينتفع منها بلبن ولا ظهر ولا غيره يرون ذلك كعتق بني ادم ذكره السدي وغيره وكانت العرب تعتقد أن من عرض لهذه النوق فأخذها أو انتفع منها بشيء فانه تلحقه عقوبة من الله والوصيلة قال اكثر الناس أن الوصيلة في الغنم قالوا إذا ولدت الشاة ثلاثة بطون أو خمسة فإن كان اخرها جديا ذبحوه لبيت الآلهة وأن كان عنافا استحيوها وان كان جدي وعناق استحيوهما وقالوا هذه العناق وصلت أخاها فمنعته من أن يذبح وعلى أن الوصيلة في الغنم جاءت الروايات عن اكثر الناس وروي عن ابن المسيب أن الوصيلة من الإبل وأما الحامي فإنه الفحل من الإبل إذا ضرب في الإبل عشر سنين وقيل إذا ولد من صلبه عشر وقيل إذا ولد من ولد ولده قالوا حمى ظهره فسيبوه لا يركب ولا يسخر في شيء وعبارة الفخر وقيل الحامي الفحل إذا ركب ولد ولده انتهى قلت والذي في البخاري والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدود وإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل شيء عليه وسموه الحامي انتهى وقوله سبحانه وإذا قيل لهم يعني لهؤلاء الكفار المستنين بهذه الأشياء تعالوا إلى ما أنزل الله يعني القرءان الذي فيه التحريم الصحيح قالوا حسبنا معناه كفانا وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم الآية قال أبو ثعلبة الخشني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال ائتمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم فإن وراءكم أياما أجر العامل فيها كأجر خمسين منكم وهذا هو التأويل الذي لا نظر لاحد معه لأنه مستوف للصلاح صادر عن النبي عليه السلام وجملة ما عليه أهل العلم في هذا أن الأمر بالمعروف متعين متى رجي القبول أو رجي رد الظالم ولو بعنف ما لم يخف الآمر ضررا يلحقه في خاصته أو فتنة يدخلها على المسلمين أما بشق عصا وأما بضرر يلحق طائفة من الناس فإذا خيف هذا فعليكم أنفسكم محكم واجب أن يوقف عنده وقوله سبحانه إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون هذا تذكير بالحشر وما بعده وذلك مسل عن أمور الدنيا مكروهها ومحبوبها روي عن بعض الصالحين أنه قال ما من يوم إلا ويجيء الشيطان فيقول ما تأكل وما تلبس وأين تسكن فأقول له آكل الموت والبس الكفن واسكن القبر قال ع فمن فكر في مرجعه إلى الله سبحانه فهذا حاله قلت وخرج البغوي في المسند المنتخب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يا أيها الناس أنكم تعملون أعمالا تعزب عنكم إلى يوم القيامة وتوشك العوازب أن تؤب إلى أهلها فمسرور بها ومكظوم انتهى من الكوكب الدري والله المستعان وقوله تعالى يا أيها الذين ءامنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان الآية إلى قوله يوم يجمع الله الرسل قال مكي هذه الآيات عند أهل المعاني من اشكل ما في القرءان اعرابا ومعنى وحكما قال ع وهذا كلام من لم يقع له الثلج في تفسيرها وذلك بين من كتابه وبالله نستعين لا نعلم خلافا أن سبب هذه الآية أن تميما الداري وعدي بن بداء وكانا نصرانيين سافرا إلى المدينة يريدان الشام لتجارتهما وقدم المدينة أيضا ابن أبي مارية مولى عمرو بن العاصي يريد الشام تاجرا قال الفخر وكان مسلما فخرجوا رفاقة فمرض ابن أبي مارية في الطريق وأوصى إلى تميم وعدي أن يؤديا رحله إلى اوليائه من بني سهم وروى ابن عباس عن تميم الداري أنه قال برى الناس من هذه الآية غيري وغير عدي بن بداء وذكر القصة إلا أنه قال وكان معه جام فضة يريد به الملك فأخذته أنا وعدي فبعناه بألف وقسمنا ثمنه فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت خمسمائة فوثبوا إلى عدي فأتوا به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحلف عمرو بن العاصي ورجل اخر معه ونزعت من عدي خمسمائة قال ع واختلفت الفاظ هذه القصة وما ذكرته هو عمود الأمر ولم تصح لعدي صحبة فيما علمت ولا ثبت إسلامه وقد صنفه في الصحابة بعض

পৃষ্ঠা ৪৯৫