مولى الموالي واترك العبد عتيق مكارم الأخلاق وإلا فضع سيف نقمتك في نحر عبد نعمتك وأنت حل من دم أراقه أهله أو آل أمره إلى وارث لايسعه إلا النزول عن المطالبة به: ألا وهو مقام جلالتكم السامي.
وحاشاك أن تعدم الصادق في خدمتك بهفوة لم يقصدها وذنب أقلع عنه.
وعلى كل فالعبد بين يديك وأمره منك وإليك فقد ألقي إليك مقاليد الأجل فافعل ما تشاء واتق الله ﷿.
"وكتب أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي بالبصرة سنة ٢٥٥هـ؟"
أعاذك الله من سوء الغضب وعصمك من سرف الهوى وصرف ما أعارك من القوة إلى حب الإنصاف ورجح في قلبك إيثار الأناة: فقد خفت أيدك الله أن أكون عندك من المنسوبين إلى نزق السفهاء ومجانبة سبل الحكماء.
وبعد فقد قال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت المتوفي سنة ٥٤هـ؟.
وإنّ امرأ أمسى وأصبحَ سالمًا ... من النّاس إلا ما جنى لسعيدُ
وقال الآخر:
ومنْ دعا الناس إلى ذمّةِ ... ذمّوه بالحقّ وبالباطلِ
فإن كنت اجترأت عليك أصلحك الله فلم أجترئ إلا لأن دوام تغافلك عني شبيه بالإهمال الذي يورث الإغفال والعفو المتتابع يؤمن من المكافأة ولذلك قال عيينة بن حصن بن حذيفة لعثمان ﵀ "عمر كان خيرًا لي منك أرهبني فاتقاني وأعطاني فأغناني"فإن كنت لا تهب عقابي "أيدك الله" لخدمة فهبه لأ ياديك عندي فإن النعمة تشفع في النقمة وإلا تفعل ذلك لذلك فعد إلى حسن العادة وإلا فافعل ذلك الحسن الأحدوثة وإلا فات ما أنت أهله من العفو دون ما أنا أهله من استحقاق العقوبة فسبحان من جعلك تعفو عن المتعمد وتتجافى عن عقاب المصر حتى إذا صرت إلى من هفوته ذكر وذنبه ونسيان ومن لا يعرف الشكر إلا لك والأنعام إلا منك هجمت عليه بالعقوبة: واعلم أيدك الله أن شين غضبك علي كزين صفحك عني وأن موت ذكرى مع انقطاع سببي منك كحياة ذكرك مع اتصال سببي بك واعلم أن لك فطنة عليم وغفلة كريم والسلام.
الكلام على الرسائل المتداولة
هذه الرسائل تتفرع إلى ثلاثة أقسام باعتبار الغرض المقصود: فأما أن تقصد بها أمور الكاتب: وأما أمور المكتوب إليه وأما غرضًا ثالثًا.
فالأول يشمل على الرسائل التجارية والطلب والشكر والاعتذار والثاني على رسائل النصح والملامة والإخبار والتهنئة والتعزية والأجوبة والثالث على رسائل الوصاة والشفاعات.
1 / 85