فخفق قلب عمرو، وشعر بأنه قريب من النصر أكثر مما يتصور، وخرج الضيف، فأفلتت من عمرو صيحة فوز، رأى أمامه غريمه دون سواه، القاتل المجهول المحوط بالأسرار، وانقض عليه كالوحش وقبض على ذراعيه وهو يصيح: أنت القاتل!
وذعر الرجل واختفى المقاول مغلقا الباب، فضاعف ذلك من وحدة الرجل الغريب وهتف: أي قاتل!
فلطمه بقوة هدامة وصاح به: اعترف!
فتمتم الآخر بصوت كالأنين: رحماك! - أنت الذي قتلت دولت فيظي!
وفطن إلى هفوة لسانه أما الآخر فلم يفطن، وانهار تماما فقال: أعترف ... ولكن لا تضربني.
فدفعه أمامه وهو قابض على ذراعيه بوحشية. •••
وفكر طويلا في موضوع الرسالة دون حسم، وهداه تفكيره إلى وجوب كتابتها على آلة كاتبة ما دام مصرا على إخفاء إمضائه - وبالتالي شخصه - إذ ليس من حسن الفطن أن يرسل خطه إلى المحقق، واقتنع بذلك لحد أنه عزم على شراء آلة كاتبة صونا للسرية اللازمة، وكان يتخبط في فراغ مخيف بين صمت الصحف، وعيني عم سليمان حتى اعتقد أن بقاءه في المدينة حمق ما بعده حمق ولكن أين المفر؟! وقال له عم سليمان مرة وهو يقدم له القهوة: لست على ما يرام يا أستاذ عمرو.
فغلى دمه لظنه أنه يطبق عليه الحصار، ولكنه قال ببرود، وهو يكبح انفعالاته المتطايرة: بخير والحمد لله.
واشترى في ذات اليوم الآلة الكاتبة - وهو آسف - لارتفاع ثمنها. ما أجدره بالتوفير! لا بالتبذير ما دامت فكرة الزواج من دولت تغزو خياله بسحرها، ونظر إلى حذائه الأبيض ذي السطح البني وابتسم فهو لا ينسى أنه كان المناسبة التي هيأت له التعرف بحسام فيظي، وبالتالي بمنية القلب دولت، فما كاد الرجل يغادر دكان عم أمين علي حتى قال له عمرو: فصل لي حذاء مثل حذائه.
فابتسم الرجل وقال: ندر في أيامنا الإقبال على هذا الصنف رغم فخامته.
অজানা পৃষ্ঠা