قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ما بال قوم تسمو بهم منازلهم وثقافتهم إلى الرفيع من الأمر، فلا يأتون إلا ما فيه ضعة وتسفل وانحطاط؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: أولئك قوم يتفوق فيهم سلطان الغرائز على سلطان الحضارة، وقد خلقوا للضعة، فلما حاولت الحضارة أن ترفعهم، ثقلت عليها عقولهم وقلوبهم ونفوسهم وخفت أجسامهم؛ فارتفعت هذه الأجسام إلى المقام الممتاز، وظلت العقول والقلوب والنفوس حيث خلقت، تجذبها الحضارة إلى أعلى فلا تنجذب، وتجذبها الغريزة إلى أسفل فتسمع وتطيع.
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: ألا ترى أن الحياة الديمقراطية تتكشف عن كثير من هؤلاء؟
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: ذلك أحرى أن يكون؛ لأن الديمقراطية تلقي القيود وتيسر الظهور لما خفي من أمور الناس، والارتفاع لمن حقه أن يظل وضيعا.
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: وأنت مع ذلك تحب الديمقراطية وتؤثرها!
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: نعم، لأن حسناتها أكثر من سيئاتها، ومنافعها أكثر من آثامها، والخير الخالص لم يتح للناس في هذه الحياة.
نكسة
قال الطالب الفتى لأستاذه الشيخ: قد كان فلان أبيا حميا ذكيا مرتفعا عما يؤذي كرامة الرجل الكريم، فلما بلغ السبعين ابتذل من نفسه ما لم يكن للابتذال سبيل إليه.
قال الأستاذ الشيخ لتلميذه الفتى: ردته السن إلى طفولة العقل، وحفظت عليه رجولة الجسم؛ فأدركه شيء يشبه النكسة.
تحكم
অজানা পৃষ্ঠা