فلا تنقمي حبي فما فيه منقم
ثم بكيا قطعة من الليل وانصرفا. (3) جلتها أو لم تجلها؟
كان أهل بثينة يأتمنون عليها عجوزا منهم يقال لها: أم منظور، فجاءها جميل يسألها أن تريه بثينة، فقالت: لا والله، لا أفعل وقد ائتمنوني عليها. فتوعدها ليضرنها ... قالت: المضرة والله في أن أريكها. فخرج من عندها وهو يقول:
ما أنس لا أنس منها نظرة سلفت
بالحجر يوم جلتها أم منظور
ولا انسلابتها خرسا جبائرها
إلي من ساقط الأرواق مستور
فما كان إلا قليل حتى انتهى إليهم هذان البيتان فاتهموا أم منظور وهي تقسم لهم فلا يصدقونها!
وقيل في رواية أخرى: إن مصعب بن الزبير أنشد هذين البيتين فقال: لوددت أني عرفت كيف جلتها؟ فأخبروه أن أم منظور هذه حية، فكتب في حملها إليه مكرمة، وسألها عن الجلوة فقالت: ألبستها قلادة بلح ومخنقة بلح واسطتها تفاحة، وضفرت شعرها، وجعلت في فرقها شيئا من الخلوق - أي الطيب - ومر بنا جميل راكبا ناقته، فجعل ينظر إليها بمؤخر عينيه، ويلتفت إليها حتى غاب عنا. فأقسم عليها مصعب لتجلون امرأته عائشة بنت طلحة مثل ما جلت بثينة، ففعلت. وركب مصعب ناقته وأقبل عليها، وجعل ينظر إلى عائشة بمؤخر عينيه، ويسير حتى غاب عنهما ... ثم رجع. (4) يتهمها ولا يتهم بأمة
أشاع أهل بثينة أن جميلا إنما يتبع أمة لهم؛ ليدفعوا عنهم الوصمة ويصموه، فواعد جميل بثينة حتى لقيها ببرقاء ذي ضال، وتحادثا ليلا طويلا حتى أسحرا، فاقترح عليها أن ترقد فقالت: ما شئت! على أني خائفة أن نكون قد أصبحنا، فوسدها جانبه ثم اضطجعا ونامت، وانسل مستويا على راحلته، وأصبحت في مضجعها، فرآها الحي راقدة عند مناخ راحلة جميل، وفي ذلك يقول:
অজানা পৃষ্ঠা