هذا، وأما العفة فغنية عن الذكر والبيان، فإن الابنة النافع لها ماء الرجال، المفسر في كتبهم بالنبت، المردود عليهم بأنه كان يخرج من بين الصلب والترائب في الألسنة والأفواه مذكورة (1). وأما المعرفة بالشريعة فكانوا من أجهل الناس نفسا، حتى اعترفوا بأن كل الناس أفقه منهم حتى المخدرات في الحجال (2)، " ولولا معاذ لهلك عمر " من المسلمات عندهم، وإن كان " لولا علي لهلك عمر " (3) أشهر منه ولكنهم لشدتهم عنادا وفرطهم جهلا ينكرونه ولا يعرفونه، فويل للذين يعرفون نعمة الله ثم ينكرونه، وما أولئك بالمؤمنين.
نعم قول هذا الرجل السينائي: " ويجب أن يسن النبي على الجمهور أو على أهل السابقة أنهم إذا افترقوا وتنازعوا بالميل والهوى، وأجمعوا على غير من وجدوا الفضل فيه والاستحقاق له فقد كفروا بالله " - وفيه إيماء إلى ما يعرفه العاقل إذا تأمله - مطابق للحق وموافق للواقع، ونحن على ذلك من الشاهدين وعلى صدقه من المصدقين إلى يوم الدين، وما شهدنا إلا بما علمنا.
ثم أنت خبير بما في كلامه من الإشارة إلى أن عليا كان قد صحح أن عمر غير أهل للخلافة، وأنه كان ممنوا بنقص، وأن هذا النقص كان موجودا فيه، بل كان أعلم منه بالشريعة وأشجع وأعف، وكان هو يعتضد به ويرجع إليه في معرفة السنة النازلة، وإصلاح أحوال المدن الفاسدة، وذلك أيضا مشهور وفي الدفاتر مسطور. وأما أنه كان أعقل منه وأحسن في أمر الايالة، وكان متوسطا في البواقي ولم يكن غريبا فيها ولا صائرا إلى أضدادها، فمع أنه ممنوع والسند ما سبق آنفا، فمجاب: بأن العقل عبارة عن الفهم، يقال: عقل هذا أي فهمه، ثم استعمل في غريزة نفسانية مدركة لما فيه صلاح النفس في النشأة الآخرة، وقد يطلق على نفس ذلك الإدراك، وعلى من كان مصلحا لأمور معاشه إذا كان دخيلا في صلاح المعاد،
পৃষ্ঠা ১২