وبهجتهم بظهور الدولة والسلطنة والانتقام من الأعداء ونيلهم بعض ما يستحقونه من العقاب والذلة... إلى غير ذلك من البواعث في الحكمة - في الأخبار مذكور وفي الآثار مسطور، وقد سبق في الخبر الأول، وله نظائر لا يسع ذكرها المقام، والصلاة على محمد وآله خير البرية والأنام.
تنبيه نبيه [وجوب حفظ النفس ودفع الضرر عنها] لا شبهة في وجوب حفظ النفس مهما أمكن، ودفع الضرر المظنون عنها، بل ما يحتمل الضرر مطلقا كما يحكم به العقل، من غير توقفه في شئ منه على ورود النقل، ولذا لا يشرب العاقل - مثلا - السم القاتل إلا ويلام عليه، وكذا لا يلقي بنفسه إلى التهلكة ويتحرز عن المؤذيات عامة، ورد به الشرع أو لم يرد، علم بما فيه أم لم يعلم، فإذا طلب طالب عن أحد نفسه وجب على المطالب نفسه دفعه إن أمكنه وإلا وجب عليه الهرب منه، لأنه أحد أفراد ما يدفع به عن النفس الواجب حفظها عقلا.
وفي حكم طلبه النفس طلبه الفساد بالحريم في وجوب دفعه إن أمكنه، وكذلك وجب عليه الدفع عن الأقارب وأخيه المؤمن، مع القدرة والأمن من الضرر وظن السلامة، معتمدا في الدفاع على الأسهل فالأسهل كالصياح في الخصام ثم الضرب ثم الجرح ثم التعطيل بقطع جوارحه بحيث يصير معطلا عن المجادلة والمقاومة، فإن لم يندفع إلا بالقتل كان دمه هدرا وقتله واجبا.
نعم لا يجب الابتداء والمبادرة إليه إلا مع العلم والظن الغالب بقصده، ثم لو كف كف عنه، ولو عاد عاد إليه، كل ذلك بالعقل، ولذا لو قصر الدافع وقد أمكنه الدفع ليم وسفه، مع قطع النظر عن ورود الشرع بذلك، ولذلك شاع وذاع في سائر أصناف الناس الغير المتشرعين بل في الأعاجم من الحيوانات، ولذا يذب عنه وعما ولد عنه وعن حماه وحريمه بقدر الإمكان، وإلا فر ثم كر إلى أن يغلب أو يغلب، وهذا مشاهد محسوس.
পৃষ্ঠা ৩০