(فالدليل) على ذلك ما أنبأني الشيخ المعمر أحمد بن المفرج بن أحمد بن مسلمة بدمشق عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي عن أبي الفضل بن خيرون عن القاضي الصيمري عن عمر بن إبراهيم عن مكرم بن أحمد بن عبد الوهاب ابن محمد عن عبيد بن إسماعيل قال بعث المنصور إلى أبي حنيفة وسفيان الثوري وشريك بن عبد الله فادخلوا عليه فقال لهم لم أدعكم إلا لخير وكتب قبل ذلك ثلاثة عهود* فقال لسفيان هذا عهدك على قضاء البصرة فخذه والحق بها وقال لشريك هذا عهدك على قضاء الكوفة فخذه والحق بها* وقال لأبي حنيفة هذا عهدك على مدينتي هذه ثم قال لحاجبه وجه معهم أو كما قال فمن أبى فاضربه مائة سوط* فأما شريك فأخذ عهده ومضى* وأما سفيان فأخذ عهده وتركه في المنزل وهرب إلى اليمن* وأما أبو حنيفة فلم يقبل العهد فضرب مائة سوط وحبس فمات بالحبس* وقد اتفق العلماء على أنه ضرب على القضاء فلم يقبل ومات في الحبس ثم اختلفوا* فقال بعضهم مات من الضرب* وقال بعضهم سقي السم* وذكر بعضهم أشياء أخر والله تعالى أعلم بالحقيقة*
(فإن قيل) قد ذكر أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في تاريخ بغداد من المطاعن في أبي حنيفة ومعائبه ونقائصه ومثالبه ما يعارض ما ذكرت من فضائله ومناقبه*
(فالجواب) عنه من وجوه خمسة (أربعة) من حيث الإجمال (والخامس) من حيث التفصيل*
(أما الأول) فإن الأخبار إذا تعارضت تساقطت وتهادرت وتهاترت وجعلت كأنها لم ترد ولم ترو عن أحد وقد ذكر الخطيب الحسود عفا الله عنه من مناقب الإمام المحسود رضي الله عنه ومفاخره ومحامده ومآثره التي حدثت بها الركبان في الفلوات والنسوان في الخلوات وجرت بها ألسنة أهل الآفاق وخيار أهل الشام والعراق وأنه رضي الله عنه وفضائله*
شعر
كالشمس في كبد السماء وضوئها ... يغشى البلاد مشارقا ومغاربا
পৃষ্ঠা ৩৮