তাফসির আল-তাবারি
جامع البيان في تفسير القرآن
وقد علقت دم القتيل إزارها
يعني بإزارها نفسها. وبذلك كان الربيع يقول: حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعيد، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع: { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } يقول: هن لحاف لكم، وأنتم لحاف لهن. والوجه الآخر أن يكون جعل كل واحد منهما لصاحبه لباسا لأنه سكن له، كما قال جل ثناؤه: { جعل لكم الليل لباسا } يعني بذلك سكنا تسكنون فيه. وكذلك زوجة الرجل سكنه يسكن إليها، كما قال تعالى ذكره:
وجعل منها زوجها ليسكن إليها
[الأعراف: 189] فيكون كل واحد منهما لباس لصاحبه، بمعنى سكونه إليه، وبذلك كان مجاهد وغيره يقولون في ذلك. وقد يقال لما ستر الشيء وواراه عن أبصار الناظرين إليه هو لباسه وغشاؤه، فجائز أن يكون قيل: هن لباس لكم، وأنتم لباس لهن، بمعنى أن كل واحد منكم ستر لصاحبه فيما يكون بينكم من الجماع عن أبصار سائر الناس. وكان مجاهد وغيره يقولون في ذلك بما: حدثنا به المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } يقول: سكن لهن. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } قال قتادة: هن سكن لكم، وأنتم سكن لهن. حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { هن لباس لكم } يقول: سكن لكم، { وأنتم لباس لهن } يقول: سكن لهن. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد في قوله: { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } قال: المواقعة. حدثني أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إبراهيم، عن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قوله: { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } قال: هن سكن لكم، وأنتم سكن لهن. القول في تأويل قوله تعالى: { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم }. إن قال لنا قائل: وما هذه الخيانة التي كان القوم يختانونها أنفسهم التي تاب الله منها عليهم فعفا عنهم؟ قيل: كانت خيانتهم أنفسهم التي ذكرها الله في شيئين: أحدهما جماع النساء، والآخر: المطعم والمشرب في الوقت الذي كان حراما ذلك عليهم. كما: حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: ثنا ابن أبي ليلى: أن الرجل كان إذا أفطر فنام لم يأتها، وإذا نام لم يطعم، حتى جاء عمر بن الخطاب يريد امرأته فقالت امرأته: قد كنت نمت فظن أنها تعتل فوقع بها قال: وجاء رجل من الأنصار فأراد أن يطعم فقالوا: نسخن لك شيئا؟ قال: ثم نزلت هذه الآية: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } الآية.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: ثنا حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر، فلما دخل رمضان كانوا يصومون، فإذا لم يأكل الرجل عند فطره حتى ينام لم يأكل إلى مثلها، وإن نام أو نامت امرأته لم يكن له أن يأتيها إلى مثلها. فجاء شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك، فقال لأهله: أطعموني فقالت: حتى أجعل لك شيئا سخنا، قال: فغلبته عينه فنام. ثم جاء عمر فقالت له امرأته: إني قد نمت فلم يعذرها وظن أنها تعتل فواقعها. فبات هذا وهذا يتقلبان ليلتهما ظهرا وبطنا، فأنزل الله في ذلك: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } وقال: { فالآن باشروهن } فعفا الله عن ذلك. وكانت سنة. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبيد الله بن عتبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: كانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا تركوا الطعام والشراب وإتيان النساء، فكان رجل من الأنصار يدعى أبا صرمة يعمل في أرض له، قال: فلما كان عند فطره نام، فأصبح صائما قد جهد، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" ما لي أرى بك جهدا "
؟، فأخبر بما كان من أمره. واختان رجل نفسه في شأن النساء، فأنزل الله { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم... } إلى آخر الآية. حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثني أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء نحو حديث ابن أبي ليلى الذي حدث به عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كانوا إذا صاموا ونام أحدهم لم يأكل شيئا حتى يكون من الغد، فجاء رجل من الأنصار، وقد عمل في أرض له وقد أعيا وكل، فغلبته عينه ونام، وأصبح من الغد مجهودا، فنزلت هذه الآية: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر }. حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن رجاء البصري، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر لم يأكل إلى مثلها، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، وكان توجه ذلك اليوم فعمل في أرضه، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال: هل عندكم طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك.
فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته قالت: قد نمت فلم ينتصف النهار حتى غشي عليه، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت فيه هذه الآية: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } إلى: { من الخيط الأسود } ففرحوا بها فرحا شديدا. حدثني المثنى قال: ثنا أبو صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قول الله تعالى ذكره: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلو العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة، ثم إن ناسا من المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء، منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن } يعني انكحوهن { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر }. حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن ابن لهيعة، قال: حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد. فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سمر عنده، فوجد امرأته قد نامت فأرادها، فقالت: إني قد نمت فقال : ما نمت ثم وقع بها، وصنع كعب بن مالك مثل ذلك. فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأنزل الله تعالى ذكره: { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن... } الآية. حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد بن سلمة، قال: ثنا ثابت: أن عمر بن الخطاب واقع أهله ليلة في رمضان، فاشتد ذلك عليه، فأنزل الله: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم }. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } إلى: { وعفا عنكم } كان الناس أول ما أسلموا إذا صام أحدهم يصوم يومه، حتى إذا أمسى طعم من الطعام فيما بينه وبين العتمة، حتى إذا صليت حرم عليهم الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة. وإن عمر بن الخطاب بينما هو نائم، إذ سولت له نفسه، فأتى أهله لبعض حاجته، فلما اغتسل أخذ يبكي ويلوم نفسه كأشد ما رأيت من الملامة.
ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنى أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة، فإنها زينت لي فواقعت أهلي، هل تجد لي من رخصة يا رسول الله؟ قال: «لم تكن حقيقا بذلك يا عمر»، فلما بلغ بيته، أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن، وأمر الله رسوله أن يضعها في المائة الوسطى من سورة البقرة، فقال: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } إلى { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } يعني بذلك الذي فعل عمر بن الخطاب. فأنزل الله عفوه، فقال: { فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن } إلى: { من الخيط الأسود } فأحل لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لهم الصبح. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } قال: كان الرجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يصوم الصيام بالنهار، فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء، فإذا رقد حرم ذلك كله عليه إلى مثلها من القابلة. وكان منهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك، فعفا الله عنهم، وأحل ذلك لهم بعد الرقاد وقبله في الليل كله. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الصائم في رمضان، فإذا أمسى، ثم ذكر نحو حديث محمد بن عمرو وزاد فيه: وكان منهم رجال يختانون أنفسهم، وكان عمر بن الخطاب ممن اختان نفسه، فعفا الله عنهم، وأحل ذلك لهم بعد الرقاد وقبله، وفي الليل كله. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال: أخبرني إسماعيل بن شروس، عن عكرمة مولى ابن عباس: أن رجلا قد سماه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار جاء ليلة وهو صائم، فقالت له امرأته: لا تنم حتى نصنع لك طعاما فنام، فجاءت فقالت: نمت والله فقال: لا والله قالت: بلى والله فلم يأكل تلك الليلة وأصبح صائما، فغشي عليه فأنزلت الرخصة فيه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم } وكان بدء الصيام أمروا بثلاثة أيام من كل شهر ركعتين غدوة، وركعتين عشية، فأحل الله لهم في صيامهم في ثلاثة أيام، وفي أول ما افترض عليهم في رمضان إذا أفطروا وكان الطعام والشراب وغشيان النساء لهم حلالا ما لم يرقدوا، فإذا رقدوا حرم عليهم ذلك إلى مثلها من القابلة.
وكانت خيانة القوم أنهم كانوا يصيبون أو ينالون من الطعام والشراب وغشيان النساء بعد الرقاد، وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم، ثم أحل الله لهم ذلك الطعام والشراب وغشيان النساء إلى طلوع الفجر. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم } قال: كان الناس قبل هذه الآية إذا رقد أحدهم من الليل رقدة، لم يحل له طعام ولا شراب، ولا أن يأتي امرأته إلى الليلة المقبلة، فوقع بذلك بعض المسلمين، فمنهم من أكل بعد هجعته أو شرب، ومنهم من وقع على امرأته فرخص الله ذلك لهم. حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: كتب على النصارى رمضان، وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فكتب على المؤمنين كما كتب عليهم، فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى، حتى أقبل رجل من الأنصار يقال له أبو قيس بن صرمة، وكان يعمل في حيطان المدينة بالأجر، فأتى أهله بتمر، فقال لامرأته: استبدلي بهذا التمر طحينا فاجعليه سخينة لعلي أن آكله، فإن التمر قد أحرق جوفي، فانطلقت فاستبدلت له، ثم صنعت، فأبطأت عليه فنام، فأيقظته، فكره أن يعصي الله ورسوله، وأبى أن يأكل، وأصبح صائما فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشي، فقال:
অজানা পৃষ্ঠা