قال: الدليل على ذلك أن الله تعالى قد ذم الجهل به، والفرية عليه، فلو لم يأمر بمعرفته من قد أكمل عقله، وألزمه ذلك لكان قد أباح له جهله، فلما كان الله قد أنعم عليهم، ووضع لهم الأدلة، وأمرهم بشكره ليشكروه على نعمه، كما قال الله: {فاذكروني أذكركم * واشكروا لي ولا تكفرون}، دل ذلك أن عليهم معرفته وشكره، وقد جعل لهم دليلا على معرفته؛ لأن العالم بما فيه من آثار الصنعة دليل على أن الله لا يجوز في حكمه أن يهملهم وقد نصب لهم ما يعرف به من آثار صنعته، فيعرف ويستدل به عليه؛ إذ لا تجوز عليه الرؤية، ولا المشاهدة، ولا الحس، ولا اللمس، ولا يعرف بغير الاستدلال عليه، والاستدلال /4/ لا يقع إلا من وجه النظر والاكتساب بالدلائل، وليس ذلك من طريق الاضطرار، والله تعالى لا يخلق شيئا لا معنى له؛ إما منفعة عاجلة أو آجلة.
পৃষ্ঠা ৫