وقال تعالى: {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}، فأوجب عليهم الشكر والذكر، والاعتراف له بحقه الذي أوجبه عليهم من المعرفة به، وأنه لهم خالق ورازق، وهاد ومنعم، وأنه بهم رؤوف رحيم.
وقلت: ما أول ما افترض الله على عباده المكلفين؟
قال: فأول ذلك المعرفة به أنه لهم خالق ورازق على وجه الفكر والنظر والاعتبار؛ لأن الله تعالى ليس بمشاهد، ولا مرئي ولا محسوس، ولكن بالشواهد يستدل عليه العاقل من خلق نفسه، وخلق غيره، وخلق السموات والأرض وما بينهما، يعلم أن لها خالقا لا يشبهها ولا تشبهه، وهو الله الواحد القهار، وقد قال الله تعالى: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد}، وقال: {أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شيء}، وقال: {أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق}، وقال تعالى: {وفي أنفسكم أفلا تبصرون}.
وفي كتاب الله /3/ ما قد بين وعرف أنبياءه، وما دلت عليه آياته، وبين أنه حجة يستدل بها عليه ما لا يحتمله كتابي هذا في رقعتي هذه لو عددته، وبذلك دلت عليه الآيات فيما ذكرت.
পৃষ্ঠা ৩