يقال لهم: حدثونا عن قولكم: نفينا عنه الجهل فهل ينفي الجهل إلا العلم؟! وقولكم: نفينا عنه الصمم فهل ينفي الصمم إلا السمع؟! وقولكم: نفينا عنه العمى فهل ينفي العمى إلا البصر؟! وقولكم: نفينا عنه الاستكراه فهل ينفي الاستكراه إلا القدرة؟! وقولكم: نفينا عنه الغفلة فهل ينفي الغفلة إلا التذكرة؟
وفي قياد قولكم هذا إثبات للأضداد، ونحن نسألكم عن هذه الأضداد التي أثبتموها أهي الله نفسه أم هي غيره؟
فإن قالوا: هي الله نفسه؛ فقد دخلوا في أشنع ما أنكروا على من خالفهم، إذ وصفوا الله بأنه علم، وأنه سمع، وأنه بصر، وأنه قدرة، وأنه حفظ، وأنه تذكرة، والله لم يصف نفسه بشيء مما وصفتموه، إنما قال: هو السميع العليم البصير ، وجميع ما وصف به نفسه. فمن وصفه بغير ما وصف به نفسه فقد افترى إثما عظيما.
وإن قلتم: هذه الأضداد غيره، فقد أثبتم معه غيره وجعلتموه ذا أجزاء كالخلق، تعالى الله علوا كبيرا.
واعلموا أن قولكم: نفينا عنه الجهل، لا يكون الجهل ضد عالم، إنما يكون الجهل ضد العلم، والجاهل ضد العالم، والصمم ضد السمع، ولا يكون ضد السميع، والعمى ضد البصر، ولا يكون ضد البصير؛ فتفهموا الأضداد ومجاريها، وما نفى بعضها عن بعض تعلموا أن القوم ليس على طريق مستقيم.
فإن قالوا: إن العليم لم يزل وهذا من أسماء ذاته، والغفور من أسماء فعله، والخالق والرازق هذه من أسماء فعله، وأن هذه الأسماء عندهم إنما أضيفت إليه بفعله، فمن الحجة عليهم أن يقال لهم: أليس الغفور هو العليم؟
فإن قالوا: نعم، تركوا قولهم.
পৃষ্ঠা ২০