فنصفه بما وصف به نفسه، وذلك من صفاته التي يستحيل أن يوصف بضدها؛ لأنه لو لم يوصف بأنه سميع بصير لوصف بأنه غير سميع وبصير، فلما ثبت وصح أنه هو السميع البصير لم تجز الصفة له بغير ذلك من الأضداد، ولم يزل الله تعالى سميعا بنفسه، بصيرا بنفسه، عالما بنفسه، قادرا بنفسه، لا بآلة ولا بجارحة هي غيره، ولكن هو الحي العالم السميع البصير، القادر الواحد القهار، العزيز الجبار، الغني عن كل ما خلق، وكذلك وصف نفسه.
فإن قال: فما معنى العزيز؟
قيل: معناه: نفي الذلة عنه. ومعنى الغني: هو الغني عن الأشياء، فلا يجوز عليه منها نفع ولا ضر، فهو الغني عنها. وقد وصف نفسه أنه العزيز الحكيم الغني الكريم، وكذلك يوصف كما وصف نفسه. والعزيز: هو الغالب القاهر، وكذلك قال: {وهو الواحد القهار} .
فإن قال: أفتقولون: إن الله رب؟
قيل له: نعم، ومعنى الرب هو المالك، ولا مالك إلا رب، ولا رب إلا مالك، وكذلك نطقت اللغة والإجماع على أن المالك للشيء هو ربه، والمالك هو القادر. /10/
فإن قال: أفتقولون لم يزل الله ربا؟
قيل له: نعم، لم يزل قادرا، ومالكا لما يقدر عليه. وأما العبد فمالك؛ لأنه انتفع باستخدام غيره، فسمي في اللغة ربه ومولاه على المجاز، ومن ملك شيئا فهو رب له، وأما الله فهو رب على الحقيقة كما قال: {[وهو] رب كل شيء}، و{ربكم ورب آبائكم الأولين}.
فإن قال: ما معنى قولكم الله، والإله، وإله؟
قيل له: معنى ذلك أن الإله هو المستحق للعبادة، والله هو الإله.
وقد قيل: هو اسم خاص مشتق له يسمى به، وقد سمى نفسه أنه إله، وأنه الله، وأنه الإله، وأنه {لا إله إلا هو العزيز الحكيم}، كما وصف نفسه، لا نعدو ذلك.
فإن قال: أفتقولون: إن الله عظيم؟
قيل له: نعم، كذلك هو سمى نفسه.
পৃষ্ঠা ১৪