وكذلك من ذهب أصحابنا إلى أن العلة في التحريم ما أنبتت الأرض بما أنبتت ؛ أنه لما كان مما وردت فيه الشريعة تحريمه، وأثبت النبي صلى الله عليه وسلم اسم الربا فيه هو هذه الأصناف الستة، وكلها من نبات الأرض وجب عندهم أن تكون العلة هي الأرض، وكذلك من ذهب إلى ما يوزن بما يوزن لا يجوز؛ لأنه لما كان محرمه الرسول عليه السلام من هذه الأصناف، فمنها ما يكال وما يوزن، فكل ما يكال بما يكال لا يجوز، وكذلك ما يوزن بما يوزن لا يجوز، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم " ولهذا الخبر إن كان صحيحا تأويل، والله ولي التوفيق؛ لأن آية الربا توجب حكما " في الظاهر وهذا الخبر يوجب ظاهره حكما" (¬1) غيره ولا يخلو هذا الخبر من أن يكون متقدما للآية، أو يكون معها أو يكون بعدها، فإن كان الخبر مع الآية فهو بيان لها أو مستثنيا لبعض ما خص من جملتها، فإن كان بعدها فهو ناسخ لبعضها فقد ورد تخصيص لبعضها، أو مبين لغرضها أو ناسخ لها. وإن كان قبلها (¬2) اعتبروه (¬3) معنيان: أحدهما: أن يكون منسوخا بها، والآخر: أن يكون مرتبة عليه فتكون جارية على عمومها إلا فيما خص الخبر من جملتها. والنظر يوجب عندي أن تكون علة ما يكال في المكيل، وعلة ما يوزن في الموزون؛ لأن الخبر ورد بذكر ما يكال أو ما يوزن إلا أن يمنع من ذلك خبر مسلم أو اتفاق من الأمة والله أعلم. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم (ابتاع بعيرا ببعيرين) (¬4)
¬__________
(¬1) ما بين قوسين لا توجد في (ب) و (ج).
(¬2) في (ب) و (ج) بعدها، والصواب قبلها، لأن كلمة بعدها وردت في الجملة التي قبلها.
(¬3) في (ب) اعتدوه، وفي (ج) اعتزوه.
(¬4) رواه أبو عبيدة عن جابر بن زيد: شرح الجامع الصحيح ج 3/ 215..
পৃষ্ঠা ৬৩