ولعل هذا مذهب بعض البصريين، وحجة هؤلاء أن القرآن لا يعلم نسخه، إلا بخبر من الله تبارك وتعالى، أو الرسول عليه السلام، أو إجماع الأمة على النسخ، أو تقوم دلالة على نفس الخطاب، ولم تقم الدلالة من هذه الوجوه، قالوا: وقد قال الله جل ذكره: { ?ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } (¬1) ، والسنة فليست مثل القرآن، والسنة وإن كانت حكم الله تعالى، فليست مثل القرآن في نفسه معجزة، قال الله جل ذكره: ? { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } . (¬2) والسنة ليست بنفسها معجزة، فإذا لم تكن مثل القرآن (¬3) لم تجز أن تنسخ القرآن، والحجة لمن أجاز نسخ القرآن بالسنة، قالوا: لأن القرآن حكم الله جل ذكره، والسنة حكم الله ينسخ أحدهما بالآخر، واحتجوا بقول الله جل ذكره: ? { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } ، (¬4) فالكتاب دال على أن يخبر عن الله جل ذكره، فهو ينسخ أحكامه بعضها ببعض، (وفي نسخة) أحكامها ببعضها ببعض، مرة من الكتاب، ومرة على لسان نبيه عليه السلام. والله أعلم بالأعدل من القولين.
باب في الأسماء وما يدل على مسمياتها
¬__________
(¬1) البقرة: 106.
(¬2) الإسراء: 88.
(¬3) في (ب) و (ج) فإذا لم تكن مثل القرآن إلا من طريق الحكم.
(¬4) النجم: 3.
পৃষ্ঠা ৪১