بين الديون والمظالم وما تحمله برأي أربابه وبين ما تحمله بغير رأيهم؟ قيل له: إن الدين الذي تحمله برأي أربابه وأنفسهم بذلك طيبة فهو غير آثم، إلا أن يضيقوا عليه ويطالبوا ولا تطيب نفوسهم بحبسه عليهم، فحينئذ يأثم بتأخيره إياه عنهم وهو يجد السبيل إلى دفع حقوقهم، وأما المتعدي على الناس في أموالهم والآخذ لهم بغير رأيهم، وأنفسهم بذلك غير طيبة، وهم مضيقون عليه وطالبون له أن يجدوا السبيل إلى مطالبته وقد حرج الله عليه حبسه مالهم عليه وتأخيره عنهم حقوقهم؛ فإن قال: فهل لوارثه أن يحبس من هذا المال شيئا لقوت يومه أو من (¬1) كان يجوز لمن ورث عنه إذا مات المتعدي وأقر بهذه الديون؟ قيل له: لا يجوز؛ لأن الميت كان مالكا لذلك المال والوارث ليس بمالك له إلا بعد أن يقضي تلك الديون كلها، قال الله جل ذكره: { ?من بعد وصية يوصى بها أودين } (¬2) ؛ فإن قال: فإن كان عليه زكاة كثيرة هل يأثم بتأخيرها ؟ قيل: لا يأثم إن أخرها إلا أن يطالب بها الإمام أو من يطالبها بأمر الإمام، فحينئذ إن أخرها كان آثما، فإن قال: فإن لم يكن إمام هل يضيق عليه إن أخرها الزمان الطويل؟ قيل له: لا يأثم بتأخيرها إلا أن يرى (¬3) الفقراء بسوء حال من جوع أو عري فحينئذ يأثم إن أخرها عنهم. فإن قال: ولم قلتم: إنه يكون عاصيا بتأخيرها ولم تطلب منه؟ قيل له: إن الفقراء ليس (¬4)
¬__________
(¬1) في (ج): ما.
(¬2) النساء: 11.
(¬3) (ج): يرا.
(¬4) لعل صوابها "ليسوا" كما هو ظاهر..
পৃষ্ঠা ১৩৭