الخلف اليوم على ما بينهم من خلافات جذرية، «لا تجتمع أمتي على ضلالة» لا يمكن تطبيقه على واقع المسلمين اليوم، وهذا أمر يعرفه كل دارس لهذا الواقع السيء، يضاف إلى ذلك الأحاديث الصحيحة التي جاءت مبينة لما وقع فيمن قبلنا من اليهود والنصارى، وفيما سيقع بالمسلمين بعد الرسول ﵇ من التفرق، فقال ﵌: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، والنصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستختلف أو ستتفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: هي الجماعة» هذه الجماعة هي: جماعة الرسول ﵇، هي التي يمكن القطع بتطبيق الحديث السابق: لا تجتمع أمتي على ضلالة؛ أن المقصود بهذا الحديث هم الصحابة الذين حكم الرسول ﵇ بأنهم هم الفرقة الناجية ومن سلك سبيلهم ونحا نحوهم.
وهؤلاء السلف الصالح هم الذين حَذَّرنا ربُنا ﷿ في القرآن الكريم من مخالفتهم، ومن سلوك سبيل غير سبيلهم، في قوله ﷿: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥]، أنا ألفت نظر إخواننا في كثير من المناسبات إلى حكمة عطف ربنا ﷿ قوله في هذه الآية: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ على مشاققة الرسول، ما الحكمة من ذلك مع أن الآية لو كانت بحذف هذه الجملة، لو كانت كما يأتي: «ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا» لكانت كافية في التحذير وتأنيب من يشاقق الرسول ﵌، والحكم عليه بمصير سيء، لم تكن الآية هكذا، وإنما أضافت إلى ذلك قوله ﷿: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ هل هذا عبث؟ حاشا لكلام الله ﷿ من العبث، إذًا: ما الغاية، ما الحكمة من عطف هذه الجملة: ﴿وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ على ﴿يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾؟