ولا ينبئك عن شدة حرص العلماء على الرواية عن الإمام مالك مثل قول بشر بن الحارث الحافي: «حدثنا مالك - وأستغفر الله -؛ إن من زينة الدنيا أن يقول الرجل: حدثنا مالك» (١).
وقد تصدّر الإمام مالك للرواية والفتوى نحو سبعين سنة، وجلس للناس وهو ابن سبع عشرة سنة، ويقال: ابن إحدى وعشرين، بعد أن شهد له شيوخه بالأهلية، فلذا - ولغيره أيضا - روى عنه أهل عدة طبقات، قال صلاح الدين العلائي: «وسبب كثرة الرواية عنه أنه انتصب للرواية ونشر العلم قديما، وعمّر كثيرا، وقصده الناس من سائر الأمصار، وكان بالمدينة النبوية المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وغالب من يمر بها حاجّا يكتب عنه، فانتشرت الرواية عنه في البلدان ﵁» (٢).
ومن مشاهير تلامذته الأئمة الذين رووا عنه وتفقهوا به ونهلوا من معينه: محمد بن الحسن الشّيباني (ت ١٨٩)، وعبد الرحمن بن القاسم العتقي (ت ١٩١)، وزياد بن عبد الرحمن المعروف بشبطون (ت ١٩٣)، وعبد الله بن وهب المصري (ت ١٩٧)، ويحيى بن سعيد القطّان (ت ١٩٨)، وعبد الرحمن ابن مهدي (ت ١٩٨)، ومحمد بن إدريس الشافعي الإمام (ت ٢٠٤)، وأشهب بن عبد العزيز (ت ٢٠٤)، وأبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر (ت ٢١٨)، وأبو نعيم الفضل بن دكين (ت ٢١٩)، وعبد الله بن مسلمة القعنبي (ت ٢٢١)، ويحيى بن عبد الله بن بكير (ت ٢٣١)، ويحيى بن يحيى
_________
(١) ترتيب المدارك: ٢/ ٣٥.
(٢) بغية الملتمس في سباعيات حديث الإمام مالك بن أنس: ٦٥.
1 / 12