وقال الطيبي: "أول من صنف في الصحيح المجرد الإمام البخاري، ثم مسلم، وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز" (١).
وقال العيني: "اتفق علماء الشرق والغرب على أنه ليس بعد كتاب الله تعالى أصح من صحيحي البخاري ومسلم" (٢).
وقال الفصيح الهروي: "أول من صنف في الصحيح المجرد الإمام البخاري ثم مسلم وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى" (٣).
ليس بعجيب أن يقال في الصحيحين ذلك فهما كذلك، ولكن العجب أنهما أول تأليف في الصحيح المجرد، والمعتاد في البدايات النقص ووجود الخلل، ثم يستكمل ذلك من يأتي بعد، إلا الصحيحين فقد أدركا الأولية والأفضلية، فهما أول ما ألف في الصحيح، ثم توالت بعد المؤلفات والمستخرجات، فلم تدرك تلك الرتبة ولا قاربت تلك المنزلة، والله يختص برحمته من يشاء والله واسع عليم.
لقد تحرى الإمامان البخاري ومسلم -رحمهما الله- الصدق في كتابيهما وبالغا في التحري، وقد قال ﷺ (ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا) (٤)، فأبقى الله ذكرهما في العالمين، وجعل لهما لسان صدق في الآخرين، وذلك فضل الله يؤتيه من
_________
(١) الخلاصة ٣٦.
(٢) عمدة القاري ١/ ٥.
(٣) جواهر الأصول ١٨.
(٤) البخاري ١٠/ ٥٠٧ رقم (٦٠٩٤) ومسلم رقم (٢٦٠٧).
مقدمة / 9