জামাল দিন আফঘানি
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
জনগুলি
كان يمكن أن تكون نهضة مصر كخديوية مستقلة نموذجا لنهضة باقي الخديويات التي يقترحها الأفغاني كصيغة للامركزية للعراق ولباقي الولايات العشر. كما أن نهضة ولاية مثل مصر ستبعث باقي الولايات على التنافس. فتنهض ولاية العراق. بل إن ولاية إيران تسرع لتأييد السلطنة والاتحاد معها تدعيما لكليهما ضد مطامع الغرب الموجهة نحو عموم الشرق. وقد يبعث ذلك الهند إلى الاتحاد مع السلطنة حماية لهما من الغزو الاستعماري، ويعود الشرق للشرقيين بفضل نموذج مصر وعلاقتها بالخلافة العثمانية، الخديوية القوية المستقلة في الدولة اللامركزية. ولكن السلطان عبد الحميد تردد في قبول فكرة تقسيم الدولة العثمانية إلى عشر خديويات بدلا من ثلاثين ولاية؛ لأن محمد علي باشا وابنه إبراهيم كادا أن يستقلا بمصر فتحا بالقوة. ولم يرغب في الاستماع إلى نصيحة الأفغاني باللامركزية ابتداء من الواقع الذي فرض نفسه، واقع مصر، روح الممالك الإسلامية، وباب الحرمين. ففي صون مصر داخل الملك الإسلامي وطرد الإنجليز منها صون للممالك الإسلامية، وغلق لكل بلية قد تقع للمسألة الشرقية وبؤرتها ومحركها مصر، أوصل محمد علي مصر إلى باب السعادة والثراء في أقل وقت. وما أبعد الشقة بينه وبين الإنجليز في صنع مصر.
10
وقدم إلى الآستانة الخديوي عباس حلمي مع وفد من المصريين. فدعاه الخليفة إلى حدائق يلدز. وخطب فيهم الأفغاني بأن الخديوي قد أحسن صنعا بزيارة دار الخلافة التي تجمع شتات المسلمين. ثم طلب الخديوي مقابلة جمال الدين فأذن السلطان. وقابله الأفغاني في نزهته المعتادة. عبر الخديوي عن إعجابه بجمال الدين ومحبته له، ودعاه لزيارة مصر. ولم يتطرق إلى أي موضوع سياسي. ثم أبلغت الجواسيس السلطان أن جمال الدين قد تعهد للخديوي عباس بتأسيس دولة عباسية في مصر كما فعل الخراساني مع العباسيين قديما. ومصر مفتاح الطريق إلى ربوع الدولة الإسلامية. وحذر الأفغاني السلطان من خطورة الجواسيس وشبههم بالكلب العقور الذي يمنع نزول صاحب المنزل لاستقبال الضيف أو صعود الضيف لصاحب المنزل. وقد اتهم عبد الله النديم بالمشاركة في هذه الخطة لقوله دعابة إنه لو تخلصت مصر من براثن بريطانيا وتسنى لعباس أن تكون له همة محمد علي ومضاء إبراهيم وسخاء إسماعيل لأصبح لائقا للخلافة. ولكن ليس لأمير المؤمنين اليوم ولاية على ممالك الإسلام. ولا يوجد مؤمنون ملتفون حوله. ولا توجد حرية للخليفة للتصرف، وليس لديه القوة للدفاع بها عن الإذلال واستعباد المسلمين في بلادهم. ومع ذلك أخذ السلطان على الأفغاني اتصاله بعباس حلمي خديوي مصر من أجل نقل الخلافة إليه. وهو اتهام باطل. فالخلافة في رأي الأفغاني، كفالة الله في خلقه، لها صفاتها وشروطها، وعباس حلمي نظرا لظروفه أعجز من السلطان في القيام بأعباء الخلافة.
11
والسودان جزء متمم لمصر؛ فالأفغاني من أوائل الذين وضعوا شعار وحدة وادي النيل؛ فمصر للمصريين والسودان جزء متمم لها. ويدافع الأفغاني عن السودان ضد الإنجليز كما يدافع عن مصر. والعثمانيون والمصريون يخففون من حدة ثورة المهدي حقنا للدماء ولكنهم متعاطفون معها، مؤيدون لها مثل تأييدهم لثورة عرابي. ويكشف الأفغاني تفصيليا خداع الإنجليز في السودان منذ كان اللورد دوفرين بالقاهرة لبيان حالة مصر وكتابة تقرير لحكومته عنها، وتلويح الإنجليز بالتنازل عن السودان حرصا على عدم النفقات. وأصدرت الأمر إلى جوردون بالتخلي عن السودان لتوهم السودانيين بمنة الاستقلال. فعين المهدي أميرا على كردفان، ورد الاعتبار لأمرائها على الولايات للاستيلاء عليها تعويضا لها عن مقاومة مصر، وإقامة سكة حديد من سواكن إلى بربر لتخليص جوردون تظاهرا، والحقيقة لربط إنجلترا بالسودان عن طريق البحر مباشرة في التجارة دون المرور بمصر. ومع ذلك حدث زلزال للإنكليز في السودان، وزحف محمد أحمد عليه بجيش، والسلطان ومصر معه. ويحث الأفغاني مصر والمصريين على القيام بواجب الدين والوطن دون انتظار أمر السلطان ضد الإنجليز ودون بيع البلاد بالنقد. والخائن للوطن خائن للدين. ويعطي الأفغاني نموذجا من الخطاب الوطني والدعوة إلى الجهاد اعتمادا على قول الأسلاف، والحث على الشجاعة ورفض الجبن. ويستعمل آيتين قرآنيتين
فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون ،
يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله ،
ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين ،
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين . ويرفض الأفغاني تتويجه على السودان؛ لأن ما لا يملك لا يمنح، وصاحب الحق السلطان حي يرزق. ويخدع الإنجليز السودان كما يخدعون مصر؛ لأن الذي يريد الإصلاح ينشئ الجامعات، وهي معدومة في مصر والسودان.
12
অজানা পৃষ্ঠা