জামাল দিন আফঘানি
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
জনগুলি
على قومه يستغن عنه ويذمم
وبالإضافة إلى تأصيل الأفغاني للاشتراكية في الإسلام فإنه يؤصلها أيضا في البداوة والمساواة الطبيعية التي لا تقوم على الحسد أو الانتقام. ثم جاء الإسلام فجالس الرسول الفقراء وشاركهم في الحياة العامة طبقا للطبيعة البدوية. وسار أبو بكر على سنة الرسول مع أنه كان تاجرا غنيا ولكنه كان يعيش عيشة الفقراء. وسار عمر على أثره بالرغم من اتساع الفتوحات وازدياد الثروات. وراقب سير عماله، معاوية في الشام، وعمرو في مصر، وغيره في العراق. وحذرهم من سيرة الأكاسرة.
21
واضح أن تصور الأفغاني للاشتراكية أنها دينية فقهية، وأنها أخلاقية تطوعية تقوم على إعطاء الصدقات، وأنها سلمية تنبذ العنف والحقد، وأنها بدوية محلية تقوم على حياة الفطرة والمشاركة في المجتمعات الأولية كما فعل كاوتسكي في «المسيحية البدائية». ويظل السؤال: هل يمكن من المبادئ الأخلاقية العامة تأسيس أيديولوجية اقتصادية متكاملة؟ وهل يمكن من هذه المبادئ العامة أن تتحول إلى ممارسة فعلية؟
ويجيب الأفغاني نفسه على بعض هذه التساؤلات جوابا على سؤال أحد الجالسين عن تكفير مشايخ الإسلام للاشتراكية بأن الاشتراكية وإن قل نصراؤها اليوم فإنها ستسود العالم عندما يعم العلم الصحيح ويشعر البشر بأنهم إخوة، وأن التفاضل بالأنفع للمجموع وليس بالسلطان السياسي أو المالي أو العسكر. وإنما يحتاج الأمر إلى الشجاعة والبسالة والجهر بالحق كما قال المسيح
بيتي بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة للصوص .
ثم تغير الأمر، وتبدلت الأحوال. وخاطب عمر بن الخطاب واليه عمرو بن العاص على مصر بأنه لم يقطعه مصر له ولقومه، وأنه يحيا حياة الأمراء بينما يموت باقي المسلمين جوعا وقحطا، يبني القصور والدور وغيره في العراء. وهدد معاوية في الشام وحذره من غطرسة هرقل وتعاظم الأكاسرة، وطالبه بمشاركة الناس في الأموال. وأعطى عمر النموذج والقدوة، فلبس مثل باقي المسلمين، وأكل وشرب وسكن مثلهم دون تململ أو تذمر من أحد. ولما جاءت خلافة عثمان ثم الأمويون من بعده، تذمر الهاشميون خاصة والقرشيون وفي مقدمتهم أبناء الصديق والفاروق. فقد تغيرت الحياة الروحية في الأمة، وقرب عثمان ذوي القربي وأرباب الثروة، طبقة فوق طبقة، أمراء وأشراف ، في ثروة وثراء وبذخ. ونشأت الطبقات الاجتماعية. فقام أبو ذر الغفاري وخاطب معاوية في الشام وأمره برد الأموال إلى الفقراء، ورد معاوية بأنه يستحيل العودة إلى الوراء، إلى الصديق والفاروق، إنما الصدقات واجبة، والوعظ ضروري لتخفيف حسد الفقراء للأغنياء. استمر أبو ذر في النصح، وعاود مذكرا بسيرة السلف الصالح، فأرسل له معاوية ألف دينار ليلا لامتحانه وشرائه فوزعها أبو ذر على الفقراء. فلما أراد معاوية استردادها لأنها أتت إلى أبي ذر خطأ أمره باستردادها من الفقراء. فلما علم معاوية صدق أبي ذر أرسله إلى الخليفة عثمان في المدينة. ولكن أبا ذر استمر في دفاعه عن الفقراء، وذكره بأحاديث الرسول إذا واصل التمييز بين الناس في العطاء واستعلاء الأغنياء على الفقراء. ووجبت الهجرة على أبي ذر. فترك المدينة وفي قول آخر نفاه عثمان إلى الربذة.
وظل الأفغاني يركز على القيم الاجتماعية مثل المساواة دفاعا عن الفقراء. فالفقر عدو الفضيلة، والثراء نصير الرذيلة. ولا فضيلة لفقير؛ لأن الصراع من أجل البقاء يأتي أولا. ولا فضيلة لغني؛ لأن الثراء يؤدي إلى الانحلال، الغنى غنى النفس، والفقر فقر الروح. وكم من غني محمود بمظهره فقير مقهور في حقيقة أمره. ومع ذلك فالمال عصب الحياة. ووضع الحسب يستطيل بالقليل من المال على غيره.
22
ويتناول الأفغاني قيم الزراعة والصناعة والتجارة؛ فالزرع قيمة. ولولا الزرع ولولا القرع ما كان سرف الأغنياء ولا ترف الأمراء، والصناعة قيمة. وموقف الزراع والصناع من الحضارة أنفع من موقف الإمارة، أما التجارة فهي فضيلة واحدة بصرف النظر عن المتاجر فيه. فبائع الدر وبائع الفحم يتساويان بالاسم ويختلفان بقدر المباع، والتجارة فضيلة إنسانية وإلهية. لذلك استعملها القرآن لشرح العلاقة بين الإنسان والله للمجتمع التجاري دون نقد أخلاق التجار كما يفعل ابن خلدون.
অজানা পৃষ্ঠা