জামাল দিন আফঘানি
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
জনগুলি
وتحسب أنك جرم صغير
وفيك اطوى العالم الأكبر
6
الإنسان نفسه من أكبر أسرار الكون. ويستجلي بعقله ما غمض عليه عن طريق العلم. فما كان خيالا أصبح حقيقة. يقلب الإنسان النظر في الفضاء والبحار، ويقلد الطيور والحيتان فتنكشف الطيارات والغواصات والصواريخ، ويتحرر العقل من الأوهام كل يوم. وليس بمستحيل إيجاد مطية توصله إلى القمر أو الأجرام الأخرى (وقد حدث بالفعل). فالعقل ليس فقط مناطا للتكليف وسندا للحرية والمسئولية متوجها نحو الفعل، ولكنه أيضا الطريق إلى العلم واكتشاف قوانين الطبيعة متوجها نحو العالم.
7
ويدافع الأفغاني عن السببية وانتظام حوادث الكون في قوانين ثابتة يدركها العقل، وينكر وقوع الصدفة في الكون. ومن ثم يتأسس العلم، ويتم تفسير الظواهر الطبيعية، وتخضع الأحياء أيضا للقوانين مثل هروب الجرذ من الأفعى، ولجوء الإنسان تحت الشجرة للوقاية من ظواهر الطبيعة. ويحيل الأفغاني إلى القرآن
وآتيناه من كل شيء سببا . فالعلم هو العلم بتسلسل الأسباب. ولولا قصر العمر لعلم الإنسان أشياء كثيرة كما يقول القرآن
يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا ، لذلك كانت العلوم باستمرار ناقصة مثل علم الطب الذي يكتشف كل يوم شيئا جديدا. ولا يعرف كنه الكهرباء حتى الآن. عرفه القدماء في شكل الحجر الصواني. ويقول علماء اليوم إن الأصل الماء - الحركة، ومنها تتولد الحرارة، مثل ما قاله أبو بكر ابن بشرون منذ أكثر من ألف عام. وإذا كانت حقائق الأشياء ثابتة فإنه يتعذر على فرد واحد العلم بها؛ لأن العلم تراكم معرفي تاريخي بين جماعات متعددة وعبر العصور.
8
وبالعقل والتكليف والعلم تنشأ الصناعة وتعني العمران كما هو الحال عند الطهطاوي؛ فالإنسان من الحيوانات الأرضية، وليس من الحيوانات السماوية كما كان يزعم حكماء الفرس والصين. نشأ في الطبيعة راعيا وصائدا وزارعا، يتعلم من الحيوان الدفاع والهجوم. لم يكن قد تربع بعد على عرش الوجود، بل كان جاهلا بحقائق الكون، هيابا من العالم. هذا حال القبائل في جنوب أفريقيا التي لم تختلط بالعالم وما زال فيها سذاجة الفطرة. ثم تحضر الإنسان بالكد والعناء وبقوة العقل في التصريف. وقد تحقق ذلك في الصناعة التي اخترعها بقوته العقلية لتكوين عوض له عن ضعفه. فصناعة الحياكة تحمي جسمه مثل الحيوان. وصناعة الحديد والأسلحة بدلا من المخالب. ومن هنا أتت أهمية الصناعة وأقسامها الأولية. الصناعة قوة تتجاوز الأفعال الطبيعية مثل حرق النار، وتزداد قوة. وبالفكر الصحيح يتم اكتشاف نظام الكون. وتستعمل القوة ليس فقط لخدمة النفس كما يفعل الحيوان بل لخدمة الغير. العقل آلة الإنسان وقوته. وعمله الصناعة. فالصلة بين العقل والصناعة كالصلة بين النظر والعمل. ينظر العقل في كلية العالم فيدرك النوع الإنساني، ويعمل على حفظه وكماله. ويرى أن ذلك يتم بالاجتماع والزراعة والحدادة والتجارة والحياكة ثم التخصص في بعض منها حتى ينشأ من مجموعها التعاون الإنساني. وذلك مثل أعضاء البدن التي في مجموعها وعلى تخصصها تكون البدن. وتنقسم إلى صنائع طبقا للمنفعة والضرورة والكثرة والكمال والتمام إلى ثمانية: ناقصة ضرورية كالحدادة، ناقصة غير ضرورية كقص الثياب، نافع للإنسان وحده كالحكمة، خيرة بالوسط مثل الزراعة والكتاب، ولها غايات سوى نفس الإنسان ولكن تئول إليه، كثيرة النفع كالنجارة والتجارة، قليلة النفع مثل صناعة الصيد، متممة لفعل الطبيعة مثل الطب المتمم لأفعال القوى الحيوانية المساعد لها على وظائفها، ومزينة له مثل الصباغة والنقش والتلوين. وتتفاوت هذه الصناعات الثمانية شرفا وحكمة. أعلاها الحكمة؛ لأنها تبحث في كل شيء، فهي أشرف الصناعات، وغيرها خادم لها. وهو نفس تصور الفلاسفة القدماء خاصة الفارابي.
অজানা পৃষ্ঠা