[chapter 1]

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب جالينوس فى أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن

| كتاب جالينوس فى أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن

|| كتاب جالينوس فى أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن

(الباب الأول فى موضوع المقالة وفى منفعتها العلاجية)

| (الباب الأول فى موضوع المقالة وفى منفعتها العلاجية)

|| (الباب الأول فى موضوع المقالة وفى منفعتها العلاجية)

إنى لما فحصت وفتشت عن اتباع قوى النفس لأمزاج البدن لا مرة ولا مرتين بل مرارا كثيرة، ولم أنفرد برأيى فى النظر فى ذلك بل فعلته أولا مع المؤدبين لى وفعلته بأخرة مع قوم من الفلاسفة علماء، وجدت القول بذلك حقا ثابتا نافعا لمن أحب جمال أمر نفسه. فإنا متى عدلنا البدن بالأطعمة والأشربة وبالأشياء التى نفعل كل يوم على ما أوضحت وبينت فى كتاب أخلاق النفس كان ذلك مما يعين النفس على نيل الفضيلة كما يوصف من فعل أصحاب فيثاغورس وأصحاب أفلاطن وكثير من القدماء وغيرهم.

[chapter 2] (الباب الثانى فى اختلاف أفعال النفس وآلالمها عند الأطفال مثلا، وفى نسبة أفعال النفس الى قواها، وفى الأفعال الخاصة بأجزاء النفس الثلاثة عند رأى أفلاطن)

পৃষ্ঠা ৯

ومبدأ جميع القول الذى نريد ذكره هو معرفة اختلاف أفعال النفس وآلامها الظاهرة فى الصبيان الصغار التى منها يتبين قواها وذلك أن منهم من نجده جبانا جدا ومنهم جرىء جدا ومنهم شره ورغيب جدا ومنهم على خلاف ذلك ومنهم ذو قحة ومنهم ذو حياء وأصناف كثيرة شبيهة بهذه نجدها فيهم قد ذكرتها فى موضع آخر.

وأما هاهنا بعد فأكتفى بأن أبين بمثالات أذكرها أن قوى أنواع النفس الثلاثة وأجزائها الثلاثة قد تكون بالطبع فى الصبيان مختلفة. فإنه قد يمكننا أن نتتج من هذا أن طبيعة النفس ليست لكلهم واحدة بعينها، واسم الطبيعة فى هذا الموضع بدل على الشىء الذى يدل عليه اسم الجوهر، لأنه لو لم يكن جوهر أنفسهم مختلفا لكانت أفعالهم كلهم واحدة بأعيانها وكانوا كلهم يألمون آلاما واحدة بأعيانها من أسباب واحدة بأعيانها. فقد وضح أن جوهر أنفس الصبيان مختلف بقدر اختلاف أفعالها والآمها. وإن كان ذلك كذلك فهى مختلافة فى قواها أيضا. وكثير من الفلاسفة قد ارتبكوا فى هذا الموضع، وذلك لأنهم لم يفهموا معنى القوة بالحقيقة، لأنهم فيما أحسب يتوهمون القوى كأنها أشياء حالة من الجواهر، كما نحل نحن فى المنازل، ولا يعلمون أن كل شىء مما يكون فله سبب ما فاعل يفهم على الجهه الإضافة إليه وأن هذا السبب إذا أنزلته شيئا من الاشياء، إلا أنه سبب كان له اسم مفرد، وإذا عملت على أنه سبب من جهه نسبته الى الشىء الكائن منه فهو قوة للشىء الكائن منه. ومن أجل ذلك قد نقول: إن عدد قوى الجوهر كعدد أفعاله.

পৃষ্ঠা ১০

ومثال ذلك أنا نقول: إن للصبر قوة مسهلة وقوة مقوية للمعدة وقوة ملحمة للجراحات الطريئة التى بدمها وقوة خاتمة للقروح المساوية لسطح الجلد وقوة مجففه لرطوبة الأجفان، وليس الفاعل لكل واحد من هذه الأفعال شيئا سوى الصبر، لأنه هو الفاعل لها، ولأنه يستطيع أن يفعلها قد يقال: إن له من القوى بحسب ما له من الأفعال. وذاك أنا نقول: إن الصبر يمكنه أن يسهل وأن يقوى المعده وأن يلحم الجراحات وأن يختم القروح وأن يجفف العينين الرطبتين، كأنه لا فرق بين قولنا: إن الصبر يمكنه ان يسهل، وقثولنا: إن له قوة مسهلة. وكذلك أيضا قولنا: إنه يمكنه 〈أن〉 يجفف العينين الرطبتين يدل على الشىء الذى يدل عليه قولنا: إن له قوة مجففه للعينين الرطبتين.

وعلى هذا النحو أيضا إذا قلنا: إن النفس الفكرية الساكنة فى الدماغ يمكنها أن تحس بالحواس ويمكنها أن تذكر المحسوسات بذاتها وأن تفهم وتعرف اتفاق الأشياء واختلافها وتفهم الحل والتركيب، لم ندل بذلك على شىء سوى ما يدل عليه إذا نحن عبرنا اللفظ فقلنا: إن النفس الفكرية لها قوى كثية، وهى الحس والفكر والفهم وسائر القوى الباقية، ولأنا ليس نقول: إنه إنما لها أن تحس فقط بقول مطلق بل قد نقول: إنها ترى أنواع ما ترى وتسمع وتذوق وتشم وتلمس، قد نقول أيضا قوة مبصرة وسامعه وشامة وذواقة ولامسة.

وكذلك كان يقول أفلاطن فى القوة الشهوانية التى للنفس، وكانت عادته أن يستعمل هذا الاسم أحيانا على جهة العموم لاعلى جهة الخصوص. وقد كان يقول: إن لهذه النفس شهوات كثيرة ، وللنفس الغضبية شهوات كثيرة وأكثر من هاتين أنواع شهوات النفس الثالثة، وهى التى سماها بهذا السبب من جهة الغالب عليها شهوانية، وذلك لأن من عادة الناس أن يسموا أحيانا لبعض الاشياء الغالبة فى جنسها باسم الجنس كله كما اذا قلنا: ان هذا القول من قول الشاعرة وهذا من قول الشاعر، فهمنا أن الشاعر الذى عنى هو أوميرس وأن الشاعرة سافو. وكذلك يسمون السبع الأسد وأشياء كثيرة شبية يسمونها من جهة الغلبة.

পৃষ্ঠা ১১

فالمسمى على جهة استعمال العموم فى اسم الشهوة: أما للحق والعلم والتعلم واللب والحفظ وفى جملة القول الأشياء الحسنة والجميلة، فهو جزء النفس الذى نسميه بالعادة الجزء الفكرى، وأما للحرية والغلبة والقهر والرياسة والمديح والكرامة، فالجزء الغضبى، وأما للنكاح والتلذذ بكل ما يؤكل أو يشرب، فالجزء الذى سماه أفلاطن من جهة الغالب عليه الشهوانى. وليس يمكن أن تكون لهذه النفس شهوة الأشياء الجميلة الحسنة، ولا للنفس الفكرية شهوة ال نكاح أو الشراب أو الأطعمة ولا شهوة الغلبه والرياسة والمديح والكرامة، وكذلك أيضا ليس يمكن أن يكون للنفس الغضبية شىء من الشهوات النفس الفكرية أو الشهوانية.

[chapter 3] (الباب الثانى فى فناء أجزاء النفس الثلاثة، وفى مناسبة البدن بالنفس حسب رأى أرسطوطاليس فى الهيولى والصورة، وفى البرهان على أن جوهر النفس بكامبها هو مزاج الكيفيات الأصلية الاربعة، وفى تأثيرات الحرارة والبرودة على النفس)

পৃষ্ঠা ১২

وقد برهنت فى موضع آخر أن أنواع النفس ثلاثة وأن هذا هو رأى أفلاطن، وبينت أيضا أن واحدة فى الكبد وأخرى فى القلب والأخرى فى الدماغ. وقد نجد أفلاطن قد قنع بأن الجزء الفكرى وحده من هذه الثلاثة الأنواع أو الأجزاء التى للنفس غير ميت. وأما أنا فليس عندى ما أقضى به أنها غير ميتة ولا أنها ليست كذلك. وأنا مبتدئ بالفحص عن نوعى النفس اللذين فى القلب والكبد، وهما اللذان نقر هو ونحن أنهما يفسدان عند الموت. ولسنا نحتاج فى هذا الوقت، وإن كان لكل واحد من هذه الأعضاء جوهر خاصى، أن نبحث عن ذلك الجوهر أيما هو بالحقيقة، بل نقول: إنا قد برهنا على أن الجوهر هو العام لجميع الأجرام مركب من شيئين اولين: الهيولى والصورة. أعنى الهيولى المفردة من الكيفيات بالتوهم، و[من] المزاج الذى لها من الأربع الكيفيات أعنى الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة، لأن من هذين كان النحاس والحديد والذهب واللحم والعصب والعظم والغضروف والشحم وفى جملة القول جميع الأجرام التى سماها أفلاطون السابقة فى الكون وسماها أرسطاطاليس متشابهة الأجزاء. وينبغى إذا قال أرسطاطاليس: إن النفس هى متشابهة الأجزاء. أن يسأل أو يسال أصحابه: أيفهم من هذا القول أنه أراد الصورة الموجودة فى الآلية أم آخر [من] الشيئين الأولين اللذين عنهما يكون الجسم الطبيعى الذى هو متشابه الأجزاء بسيط عند الحس، ليس له تركيب آلى. فإنهم سوف يجيبون بالضرورة أنه أراد بالصورة آخر الشيئين الأوليين لأجسام الطبيعة، لأن الأفعال إنما هى أولى لهذه الأجسام. وقد برهنا ذلك فى مواضع أخر، وإن احتجنا إليه ايضا فى وقتنا هذا برهناه.

فإن كانت هذه الأجرام وما أشبهها إنما قوامها من هيولى وصورة، وكان أرسطاطاليس أيضا يرى أن الجسم الطبيعى إنما يكون متى كانت هذه الأربع الكيفيات فى الهولى، فقد اضطر أن يجعل الصورة مزاج هذه الكيفيات، ويجب عند ذلك أن يكون جوهر النفس مزاجا ما من هذه الأربع التى إن شاء أحد أن يقول: إنها كيفيات، أعنى رطوبة ويبوسة وحرارة وبرودة، وإن شاء أن يقول: إنها أجرام ذوات كيفية، أعنى رطبة ويابسة وحارة وباردة، قال أى ذلك شاء.

পৃষ্ঠা ১৩