وذلك أن رجلا أتانى يسألنى عيادة مريض قد بلغ به الضعف إلى أن قد دعا أهله وأخلاءه، لما يرون من ضعفه، إلى أن يغذوه فى الليل، فضلا عن النهار، مرتين. وكان به مع ذلك اختلاط فى ذهنه، وحمى شديدة. فلما أن مسست عرقه، قضيت أن فى أحشائه ورما عظيما. وكان قد بلغ من شأن ذلك الورم أنه كان يظهر للجاهل بالطب بالنظر واللمس. فجعل من حضر منهم يعجب من أننى عرفت من نبض العرق أن فى الأحشاء ورما. وإلى هذا بلغ الأمر فى زماننا هذا من دروس محاسن هذه الصناعة. فلما نظرت فى جميع أمور هذا المريض بشرت أهله بسلامته وأعلمتهم أنه لا بأس عليه. فسألونى عما ينبغى أن يفعل به، فأمرتهم أن يقطعوا عنه الغذاء، ويدعوه قارا هادئا، ولا يحركوا من أمره شيئا إلى أن آمرهم بأمرى. وإنما أمرتهم بذلك لأنى علمت علما يقينا أن مرض ذلك المريض قريب من منتهاه، وأن بحرانه قد حضر، وأنه لم يبلغ من ضعف ذلك المريض ألا يحتمل أن يقطع عنه الغذاء يوما واحدا . فإنه إذا تقدم الطبيب فعرف هذه الأشياء دله ذلك على ما ينبغى أن يفعل. والفصل الذى قاله أبقراط: «إن المرض إذا بلغ منتهاه، فيجب أن يستعمل من التدبير ما هو فى الغاية من اللطافة.»
পৃষ্ঠা ৮০