ولا أعلم شيئا أقبح من هذا برجل يتضمن للناس صناعة يشفى بها المرضى، وهو يجهل حركات الطبيعة وتهوله الأعراض التى هى عند العوام هائلة، بمنزلة من ليس عنده من الطب علم. ولا يقدر على أن يميز بين ما يكون على طريق الواجب وبين ما يكون على خلاف ذلك. وليس كذلك قال أبقراط، لكنه قال «لا تثقن بخفة من المرض الذى لم يأت على الطريق الواجب؛ ولا يهولنك أمر صعب أتى على غير طريق الواجب.» وقد أعلمنا فى كثير من كتبه ما الشىء الكائن على طريق الواجب. وذلك أن لكل واحد من الأمراض طبيعة خاصة: فبعضها طبيعة سليمة، وبعضها طبيعة قتالة؛ وبعضها طبيعة حادة، وبعضها طبيعة مزمنة. ولكل واحد من الأمراض أيضا مقدار من العظم وحال من السلامة والخبث. فإذا عرف الطبيب هذه الأشياء لم يخف عليه ما يكون بطريق ما يوجبه المرض، وما يكون من سبب آخر غيره. ولم يهله عرض يعرض كما يهول الجاهل بالطب، إذا كان ذلك العارض إنما يدل على بحران، لا على موت؛ ولم يثق براحة جرى أمرها على غير الطريق الواجب. وجميع هذه الأشياء متصلة بصواب العلاج.
وذلك أن الذى يعرف طبيعة المرض ومقدار عظمه منذ أوله، يبدأ فيقيسها إلى قوة المريض. :فيستدل من ذلك فى أى دور من أدوار الأيام الأربعة يكون بحرانه، ثم يعلم كيف يكون البحران أسليم يكون أو قتال. ثم إنه أيضا يقدر الغذاء من أول المرض، على حسب ما يشاكل طبيعة المرض، وقرب بجرانه وبعده. فإذا علم أن المرض ينتهى منتهاه ويأتى بحرانه فى الأربعة أيام الأول، دبر المريض بغاية التدبير اللطيف. وإذا علم أن منتهاه وبحرانه يتأخر إلى اليوم السابع، دبره أيضا بتدبير لطيف، لكن لطافته أقل لطافة من الأول. وإذا علم أن منتهى المرض وبحرانه يجاوز السابع، كان ما ينقص من تلطيف الغذاء أكثر. وإذا علم أن المرض سيطول أكثر من ذلك ويزمن، دبر المريض أولا بتدبير فيه بعض الغلظ. فإذا دنا منتهاه دبره بتدبير ألطف، وإذا حضر المنتهى دبره بغاية التدبير اللطيف.
পৃষ্ঠা ৬৬