[chapter 1]
هذه مقالة جالينوس في العادات
قال جالينوس ان حذاق الاطبا وجميع الناس كافة يرون ان احد الاغراض التي يقصد نحوها في التماس الصحة الغرض المأخوذ من العادة وان كان قوم ممن شانهم افساد الامور الجميلة يرومون ان يطرحوه ويرذلوه واذا هم سالونا عن السبب الذي من اجله اذا اكل انسان لحم بقر فضره متى اتفق ذلك في اول امره ياكله ثم اضطره الامر الى ان ياكله في كل يوم من السنة اجمع اما لم يضره بتة واما كان ما يناله من مضرته اقل مما ينال من لم يعتد اكله فاجبناهم في ذلك وردوا علينا بعض كل جواب فاتيناهم به بالقول ظنوا انهم مع نقضهم لجوابنا بالقول قد ابطلوا نفس وجود الامر بمنزلة ما لو ان رجلا نقض كل راي اعتقده الناس في البصر كيف يكون فقال ان الناس لا يبصروا اصلا
والامر في ان الغرض الماخوذ من العادة عظيم النفع في استخراج الاشيا التي بها تكون المداواة امر ظاهر ومن اجل ذلك قد نجد ابقراط يقول في كتاب الفصول ان من اعتاد الصبر على التعب في الاشيا التي قد الفها وان كان ضعيفا او شيخا فالامر عليه في احتمالها اسهل واضف منها على القوي والشاب الذي لم يعتدها وذكر ايضا بكلام طويل في كتاب تدبير الامراض الحادة المضاد العارضة من الاغذية التي لم يعتدها اكلها والمنافع المكتبسة من التدبير التي جرت به العادة وكذلك ايضا ارسسطراطس في المقالة الثانية من كتابه في الاسترخا قد نجده امتثل قول ابقراط فيما وصف من علمه بامر العادات ومع هذا ايضا فلسنا نجد احدا من هاولا ولا غيرهم من ساير الاطبا القدما الا وقد يظن به انه قد ذكر في امر العادات اشيا لا تدخل في باب الاجماع ولا تنفك من حجج ينقضها ايضا فان القوم انما الذين يظن بهم الظان انهم قد وجدوا شيئا مقنعا انما وجد كل واحد منهم ما وجده من السبب في نوع واحد غير النوع الذي وجد فيه صاحبه فمنهم من وجد سببا مقنعا في الاطعمة وحدها ومنهم من وجد في الرياضات او في الاعمال واما في الانواع كلها جملة فليس فيهم احد وجد سببا مقنعا
পৃষ্ঠা ১৩৯
ولذلك قد تخالفنا قوم مرارا كثيرة في اسقا الما البارد لمن به مرض حاد فمنعونا من اسقا المحموم ما باردا ويامرونا بالاقتصاد على الاستدلالات الماخوذة من الاغراض الاخر اعني من المواضع الالمة ومن الامراض التي فيها ومن الاسباب الفاعلة لها ومن اوقات السنة والبلدان وامزاج المرضى على ما جرت العادة بالنظر في ذلك ويقولون ان هذا الامر حقيق بان نضحك منه ان تكون الكبد وارمة او الرية او المعدة او غير ذلك من ساير الاعضا التي منزلتها من الشرف منزلة هذه ويومر المريض المعتاد لشرب الما البارد لشربه لا لشي من الاسباب الاخر بل للعادة فقط فان ذلك فيما زعموا تشبيه بان ياذن الرجل لمن اعتاد الاستحمام بالما البارد ان يفعل ذلك ولو كان محموما كانا نحن معشر من يتبع العادة نامر جميع المرضى على اي الحالات كانت امراضهم ان يفعلوا ما كانوا معتادية من غير ان نستعمل مع الغرض الذي نقصد نحوه من العادة جميع الاغراض الاخر
পৃষ্ঠা ১৪০
ومن ذلك ان ارسطاطاليس الميطوليني وقد كان رجلا مقدما في علم الفلاسفة المشايين لما وقع في مرض قد كان في مثله يمكن ان ينفع شرب الما البارد وكان رجلا لم يشرب الما البارد قط رد على من اشار عليه بشربه وقال لهم انه يعلم يقينا انه ان ذاق الما البارد تشنج وذلك بزعمه لانه قد كان راى اخر عرض له التشنج من الما البارد ممن كان شبيها به في مزاج بدنه وسحنته وكان معتادا لشرب الما الحار ولو كان ارسطاطاليس اعتاد شرب الما البارد لكان حريا الا يفزع ولا يجبن منه ولو انه فزع وجبن منه لكان الاطبا الذين يتولون علاجه سيقهرونه لا محالة ويقسرونه على شربه الا ان هذا مات في مرضته هذه فيما بلغني عنه ولما سالني من حضر وفاته هل كنت تقدم على اسقايه الما البارد بثقة ويقين كما تقدمت على ذلك في بشر كثير فاسقيت بعضهم الما البارد في وقت مرضه كله وبعضهم في وقت دون وقت على ان غيري من الاطبا كانوا يجبنون عن اسقايهم اياه ام قد اصاب الرجل في امتناعه منه واحسن في الحرس على طبيعته فاجبتهم بانه قد اصاب غاية الصواب في حرسه لانه كان منهوك البدن جدا وكان فم معدته باردا منذ اول امره حتى انه كان ان حمل عليها فضلا قليلا اصابه من ساعته فواق ولكن كما ان هذا لا يحتمل شرب الما البارد لمكان عادته ولمكان طبيعة بدنه على ان مرضه كان يدل انه ينبغي ان يسقى ما باردا كذلك كنت انا اسقي مريضا ما باردا بغاية الثقة والاتكال متى كانت حماه الحمى المحرقة خالصة وهي التي ترعى ما وسوس ولم يكن في شي من احشايه ورم بين وكنت اسقي انسانا اخر ما باردا وانا ليس منه في غاية الثقة والاتكال لكن كنت اسقيه اياه بعد ان اقول لخواصه انه ان لم يشرب ما باردا يموت لا محالة وان شرب رجوت له ان يسلم ويعافا رجا كبيرا وتالله ان جميع من شربه ممن رجوت له العافية سلم وعوفي واذا كان هذا الباب هو احد الاشيا التي يداوا بها الامراض 〈و〉قد امتحن بالتجارب على طول الزمان فقد ينبغي لنا ان ناخذ في البحث عن سببه بعد ان نذكر اولا بما قاله بقراط في كتابه في تدبير الامراض الحادة وما قاله ارسسطراطس في المقالة الثانية من كتابه في الاسترخا والذي قاله بقراط هو هذا
পৃষ্ঠা ১৪১
انه قد تقدر ان تعلم باهون السعي امر التدبير الردي في المطعم والمشرب اذا كان يجري على امر واحد يشبه بعضه بعضا دايما فهو اوثق واحرز وابعد عن الخطر في التماس الصحة من ان ينقل الرجل تدبيره دفعة ويغيره تغييرا عظيما الى شي اخر افضل منه لان من اعتاد ان يتغذى في كل يوم مرتين او من اعتاد ان يتغذى مرة واحدة في اليوم يعرض له من الانتقال عن ذلك دفعة مضرة وضعف فمن كان قد اعتاد ان لا يتغدا فهو ان تغدى عرض له من انتقاله على عادته دفعة ضعف وثقل في جميع بدنه وكسل فان هو مع هذا تعشا عرض له جشا حامض وقد يعرض لبعضهم الخلفة وذلك لانه اثقل معدته ثقلا لم يعتده وانما اعتادت تجف ولا تنتفخ مرتين في اليوم ولا تطبخ الطعام مرتين ثم ان بقراط اذا هو ادخل في وسط كلامه صفة السبيل في مداواة ما يعرض لهولا من المضار عاد الى ما كان فيه واتبع ذلك بذكر من يدع عادته فيقول هذا القول وان اكل من هذه حاله ثلث مرار في اليوم 〈و〉يشبع في كل مرة منها كان ما يناله من الاذى اشد وان هو ايضا اكل اكثر من ثلث مرار كان الاذى اعظم على ان خلقا كثيرا يحتمل باهون سعي ان ياكل في اليوم ثلث مرات اكلا كثيرا اعني من قد اعتاد ذلك وكذلك ايضا من اعتاد ان ياكل في اليوم مرتين متى لم يتغدا عرض له خمول وضعف وتهيب لكل عمل ويصيبه وجع الفواد ويظن ان احشاه معلقة ويبول بولا حارا اصفر اللون ويكون برازه يتوقد وبعضهم يعرض له مرارة في فمه وتكون عيناه غايرتين وصدفاه يضربان وتبرد يداه ورجلاه وجل من لا يتغدا لا يقدر ان ياكل في العشا اكلا كثيرا وان هو تعشا اثقل معدته وكان نومه اردى منه لو انه كان قد تقدم فتغدا فاذا كانت هذه الاشيا قد تعرض للاصحا على ما وصفت وذلك بسبب تغير التدبير الذي جرت به العادة في نصف النهار فالامر ظاهر انه ليس ينبغي ان يزاد فيما جرت به العادة ولا ينقص منه فاذا كان هذا الذي اكل مرة واحدة وخرج في اكلته عن العادة اذا هو مكث نهاره اجمع يحلل بدنه ثم تعشى بمقدار ما لم يزل يعتاده فبالواجب يكون ثقل ذلك اعظم عليه واشد اذ كان حين لم يتغدا اذاه ذلك واضعفه فلما تعشى اثقله العشا وان هو مكث مدة اطول يتحلل بدنه ثم تعشا دفعة كان ما يناله من الثقل اعظم واكثر ثم ان ابقراط من بعد هذا ايضا كما فعل قبل لما وصف الوجه في اصلاح المضرة العارضة لمن يتحلل تحللا خارجا عن العادة اتبع ذلك ووصله بان قال:
পৃষ্ঠা ১৪২
وللانسان ان يعدد اشيا كثيرة اجابة لهذه من الاشيا التي ترد المعدة وغير ذلك لان الناس يسهل عليهم احتمال الاطعمة التي قد الفوها واعتادوها وان لم تكن اطعمة خيارا في طبايعها وكذلك الاشربة ويعسر عليهم احتمال الاطعمة التي لم يالفوها ويعتادوها وان كانت ليست بردية وكذلك الاشربة وليس بعجب لمن يتناول من اللحم مقدارا كبيرا على غير عادته او تناول انجدان او لبن الانجدان وهو الحلتيت او قصب نبات الانجدان او غير ذلك مما قوته عظيمة ان يعرض له من امثال هذه الاشيا في البطن وجع وان يكون ذلك من بعضها اكثر من بعض وانما التعجب متى علمتكم مقدار ما يحدثه الطعام الذي يسمى مازا من الاذى والنفخة والرياح في بطن من اعتاد ان ياكل الخبز اذا هو اكل ذلك الطعام على غير اعتياده له واي ثقل يحدث عن الخبز واحتباس البطن فيمن قد اعتاد اكل المازا والخبز ايضا نفسه اذا اكل حارا اي عطش يحدث عنه وكيف يشبع دفعة بسبب تجفيفه وابطا الحرارة والخبز المختبز من السميذ النقي والخبز المختبز من دقيق ليس بالنقي اذا اكل كل واحد منهما على غير اعتياد من اكله له ما الذي يفعله كل واحد منهما من الافعال المخالفة لافعال غير والمازا نفسها اذا اكلت يابسة على غير اعتياد من اكلها لها او رطبة او لزجة والسويق ما الذي يفعله الحديث منه فيمن لم يعتد تناول الحديث وما الذي يفعله السويق الاخر فيمن قد اعتاد بشرب السويق الحديث وشرب الشراب وشرب الما اذا انتقل عن كل واحد منهما الى الاخر دفعة على غير اعتياد لذلك وشرب الشراب الكثير المزاج والشراب الصرف اذا شرب كل واحد منهما بغية يحدث في المعدة ترهلا ورياحا وفي الامعا نفخة والصرف يحدث اختلاجا في العروق وثقلا في الراس وعطشا والشراب الابيض والشراب الاسود يحدثان في ابدان من يبدل كل واحد منهما بالاخر ولو كانا كلاهما في الخمرية على مثال واحد تغيرا كثيرا فيكون تعجب الانسان من انواع الشراب الخمرية وانواعه الحلوة اذا وجدها عندما تبدل الواحد من هذه بالواحدة من تلك لم يكن فعلهما فعلا واحدا اقل فقد اتينا من كلام ابقراط الى هذه الغاية في قوى العادات بمثالات فيها كفاية وبلاغ
পৃষ্ঠা ১৪৩
واما اراسسطراطس فانه قال في المقالة الثانية من كتابه في الاسترخا قال قولا هذه حكايته وقد ينبغي لمن يريد ان يداوي مداواة تجري على حقها وصدقها ان يبحث عن امر العادات بحثا كثيرا وذلك ان انواع التعب والكد اذا عاناها من قد الفها واعتادها لم يتعب وسلم معها من الاعيا ومن عاناها على غير اعتياد منه لها فانه وان تعب تعبا يسيرا يعرض له اعيا والاطعمة ايضا ما هو منها قد جرت به العادة وان كان اعسر في الانهضام من غيره فهو يستمرا اسرع واسهل من الطعام الذي لم تجر به العادة وان كان اسرع انهضاما. والاستفراغات ايضا التي تنقص البدن اذا جرت بها العادة البدن يقبضها وان كانت لا تنفع ومتى فقدها وقع في المرض مثال ذلك ما يعرض في استفراغ الدم من السعلة وفي انواع النقص التي ينقص بها قوم ابدان انفسهم حتى تصير عادة وفي القروح التي تخرج من البدن في وقت دون وقت وبعض الناس يعرض له ايضا في الوقت بعد الوقت هيضة فان هذه الانواع من النقص كلها وان كانت لا تنفع قد يقبضها البدن ويطلبها واذا لم تكن في وقت العادة وقع اصحابها الذين اعتادوا نقص ابدانهم بها في علل كبيرة وذلك كله انما يكون بسبب العادة ومع هذا فلو ان انسانا طالبنا بان نذكر له من وسط قول ما كلمتين او ثلث من غير ان نكون اعتدنا ذلك لما امكنا ان نذكر له ذلك بسهولة فان نحن اخذنا في القول على النسق من الكلام الذي قيل تلك الكلمات التي اقترحها علينا اتيناه بما اراد بسهولة وان كنا قد اعتدنا ان نقول كلمات منتزعة من وسط كلام سهل علينا الامر فيما يطلبه منا وقد يعرض للناس ايضا هذا الذي اصفه وهو ان من لم يعتد ان يتعلم فهو يبطي في التعلم ويتعلم اليسر فاذا اعتاد التعلم فهو يتعلم اكثر واسرع وهذا ايضا بعينه يعرض في الفحص والبحث عن الاشيا على هذا المثال وذلك ان من لم يعتد اصلا ان يبحث ويفحص عن شي يعما عقله في اول حركته ويتشوش ويتخيل فيدع البحث من ساعته ويتنحا عنه وذلك لان فكرته تعيا وتكل وتضعف وتتحير كما يعرض ذلك لمن يحضر احضارا لم يعتده فاما من قد اعتاد ان يفحص فانه يغوص وينفر عن كل شي وتبلغ فكرته اقاصي الاشيا فيفحص عنها وينقل فكرته الى مواضيع شتى من غير ان يخرج عن البحث لا في بعض نهاره فقط لكن في جميع عمره فيناقض المطالبات ويقلب فكرته ويديرها في معاني مختلفة وهذا ما يظهر عيانا من قوة العادة وتمكنها في جميع حالات الناس من عوارض النفس والام البدن وقد اتينا في هذا الباب بما يحتاج اليه في هذا القول واذا نحن صرنا الى الكلام الكلي في الطب ذكرناه بكلام طويل كثير فان ذكره والبحث عنه هناك مما لا بد منه ضرورة متى اردنا ان لا يدخل كلامنا في الطب خلل ونقصان في اشيا كثيرة
فهذا ما قاله احمد الاطبا مذهبا وابعدهم صوتا وهو ارسسطراطس وبقراط في قوى العادات ولم يسند استخراج ما استخرجاه من علم ذلك الى القياس بل اسنداه الى الاشيا التي تظهر بالحس عيانا وذلك امر يفهمه ايضا من ساير الناس خلق كبير ممن ليس عيشه كعيش الخنازير والحمير اعني اي الاشيا تنفعهم وايها تضرهم فانك تسمعهم في كل يوم يقولون انهم الفوا هذا الطعام وهذا الشراب واعتادوه فهم لذلك لا يقدرون على تركه لانهم متى تركوه وانتقلوا عنه الى غيره اضر بهم ذلك وعلى هذا المثال يقولون في ابواب التصرف بمنزلة الاستحمام وخلافه وركوب الخيل والتقنص والاحضار والصراع والسهر والتردد في الشمس والبرد والهم وجميع امثال هذه الاشيا ونظايرها
[chapter 2]
পৃষ্ঠা ১৪৪
ولذلك نحن مستخفون بمن يظن ان الغرض المقصود اليه من العادة لا منفعة فيه في شي من ابواب المداواة او هو قليل المنفعة وفاحصون عن السبب الذي من اجله صارت للعادة قوة عظيمة على هذا من الحال وهل السبب في العادات كلها واحد ام في كل واحد منها سبب غير السبب في الاخرى بمنزلة ان السبب في الاطعمة غير السبب في الرياضة وغيره في الاستحمام وفي غير ذلك مما اشبهه ونجعل مبدانا في ذلك من الاشيا التي توكل فنقول لم صار من اعتاد اكل لحم البقر بعضهم لا يضره ذلك اصلا وبعضهم يضره اقل من مضرته اياه في اول الامر ولم صار بعض الناس بسبب ما عليه طبيعته من اول امره كما قال ارسسطراطس في كتابه يستمري لحم البقر اسرع واسهل من استمرايه السمك الرضراضي والسبب الذي به صاروا هاولا يستمرون لحم البقر اسرع واسهل من استمرايهم للسمك الرضراضي قد ذكرناه في الموضع الذي بحثنا فيه عن القوى الطبيعية وسنذكره ايضا هاهنا بعد قليل بسبب اشتراك الكلام فاما في هذا الموضع فانا نجعل مبدا كلامنا فيمن يستمري طعاما من الاطعمة اي طعام كان اجود من استمرايه لغيره بسبب اعتياده له بعد ان اضع اولا اصلا يصطلح عليه ويجري عليه مبنا الامر في هذه الابواب كلها وهو ان بالطبع اشيا خاصية تقوم مشاكلة لطبايعهم واشيا غير خاصية لهم ولا مشاكلة لطبايعهم وقد قلت في ذلك كله قولا طويلا في الموضع الذي فحصت فيه عن امر القوى الطبيعية وانا مبتدي هاهنا في القول بعد ان اضع اولا معنى الاستمرا والهضم فاقول انه كما ان خبازي الخبر يقال انهم قد خبروا الخبز وانضجوه لا عندما يطحنون الحنطة ويصيرون اجزا صغارا وينقونها لاكن عندما يعمدون اليها بعد فعلهم بها ذلك فيلتون دقيقها بالما ويخلطون معه الخمير والملح ثم يعجنونه ويغطونه بشي مما يمكن فيه ان يسخنه ويتركونه حتى يختمر ثم يخبزونه وينضجونه بعد ذلك اما في تنور واما في فرن وكذلك الامر فيما يرد المعدة اعني انا لا اقول عندما ينطحن ويصير اجزا صغارا انه قد انهضم بل انما نقول انه قد انهضم عندما تتغير كيفيته بمنزلة ما تتغير الحنطة اذا خبزت وانضجت فكما ان الحنطة ينبغي ان تتغير وتستحيل الى كيفية مشاكلة لمن ياكلها خاصية به تنضجها وتصيرها خبزا كذلك بالحري ينبغي للطعام ان يستحيل ويتغير في المعدة الى كيفية اخص بالبدن واكثر مشاكلة له اعني بقولي طعاما اخص واكثر مشاكلة الطعام الذي منه غذا مشبه للبدن الذي يريد ان يغتذي به وذلك لان لكل واحد من الاجسام المغتذية شيا مما يغذو خاصا به مشاكلا له غير الشي الخاص بغيره المشاكل لغيره وبهذا السبب صارت الحيوانات تقصد الى الاغذية الخاصية بها المشاكلة لطبايعها عن غير تعلم وطبايعها تدعوها وتنازعها الى ذلك. اما البهايم فتقصد الى العشب والحشيش والتبن والكلا والشعير واما الاسد فالى اللحوم وكذلك النمور والذياب فكما ان اجناس الحيوانات قد تختلف الاغذية الخاصية بكل واحد منها المشاكلة له اختلافا عظيما كذلك قد يوجد في انواع هذه الاجناس اختلاف عظيم في الاغذية من ذلك ان في الناس قوما لا يستطيعون ان يذوقوا الشراب فضلا عن ان يشربوه وقوما اخر يكثرون من شربه. وبعض الناس كما قلنا يستلذون اكل لحوم البقر والتيوس والكباش ويستطيبونها ويستمرونها بلا اذى ولا مشقة وبعضهم لا يقدرون على طعام اخر بمنزلة ما يعرض للناس في وقت المجاعة والقحط قهروا انفسهم واكلوا مثال هذه اللحمان ولم يقدروا على استمرايها بلا مضرة وعثت انفسهم على المكان وعرض لهم منها جشا لا يقدرون ايضا على احتماله والصبر عليه بلا اذى ولا مشقة واذا كانت هذه امور توجب عيانا على ما وصفت فقد ينبغي لنا اولا ان نذكر هذه الخصلة وهي ان الناس ياكلون اشيا مختلفة يتفرد كل واحد منهم بواحد منها خاصة بحسب خصوصية طبيعة كل واحد منهم وان الذي يدعوهم الى اكل مثل هذه الاطعمة مع ساير الاسباب الاخر انهم يستلذونها اكثر ويجتنبون الاشيا التي لا يستلذونها ويهربون عنها ويعسر استمراوهم لها فتكون العادة حينئذ علامة تدل على الخصوصية والمشاكلة الطبيعية وقد تكون العادة ايضا مرارا كثيرة سببا وعلة فيمن يتناول في اول الامر طعاما ما لا يستلذه او يجد له مضرة حتى اذا هو اعتاده والفه قليل بعد قليل باستلذاذ منه له ولا يجد له مضرة والسبب في كل واحد من هذه هو هذا اقول انه كما ان كل واحد من الاشيا التي توكل وتشرب تستحيل وتتغير كيفيته كذلك هو ايضا قد يغير ويحيل الشي المغير والمحول له قليلا قليلا ومما يستدل به على ذلك استدلالا بينا اختلاف الاخلاط المتولدة عن كل واحد من الاطعمة وذلك ان من الاطعمة ما يولد دما اسوداويا ومنها ما يولد دما بلغميا او دما الاكثر فيه مرة صفرا او حمرا ومنها ما يولد دما صافيا واذا كان ذلك كذلك فلا بد ضرورة من ان تحدث في الاعضا التي تغتذي بها تغيرا ما بحسب نوع الدم الذي يعدوها والدليل البين على تشبه المغتذي بالغاذي تغير حالات النبات والبذور فان هذه كثيرا ما تتغير تغيرا كثيرا يبلغ من كثرة ان تكون الشجرة [التي] تضر غاية المضرة ما دامت في الارض التي هي فيها فاذا هي نقلت عنها وغرست في ارض اخرى صارت معما لا تضر تنفع وقد جرب ذلك مرارا كثيرة اصحاب الكتب في الحراثة وفي النبات كما جرب الامر في تغير الحيوانات بحسب المواضع اصحاب الكتب في قصص الحيوانات فاذا كان اذا ليس الغاذي فقط يستحيل ويتغير الى المغتذي بل قد يستحيل ويتغير ايضا المغتذي الى الغاذي تغيرا قليلا واستحالة يسيرة فقد يجب ضرورة ان يكون هذا التغير القليل والاستحالة اليسيرة اذا اجتمعا على طول الزمان عظما وصارا ذات قدر فتكون الخصوصية والمشاكلة الكاينة بسبب العادات الطويلة المدة مساوية للخصوصية والمشاكلة الطبيعية مقارنة لها
[chapter 3]
পৃষ্ঠা ১৪৬
وانا احسب اني قد اتيت على السبب في قوى العادات في الاشيا التي توكل وتشرب فلناخذ الان فيما يتصل بذلك من الاشيا التي يلقي البدن من خارج وانا ارى ان السبب في هذه ايضا هو جنس السبب في الاشيا التي يقدم ذكرها وذاك ان هذه ايضا اكثر مما يحدثه من التغير في البدن انما يحدثه اولا في الاعضا التي في ظاهر البدن ثم يحدث ذلك ايضا في الاعضا الباطنة وذلك ان اول ما يحدث من الاشيا التي تبرد ان الجلد يستحصف ويكتنز ويتكاثف ثم يتصل ذلك الاجزا المتصلة به وان دام ذلك التغير على البدن مدة اطول وصل التغير الى الاعضا الباطنة حتى تشرك فيه الاعضا الظاهرة ويعرض ايضا في اول الامر ان التغير الكاين على المكان بطريق العرض لا بنفس فعل السبب الفاعل للتغير اولا يصل الى الاعضا الباطنة وتغيرها ليس بدون تغييره للاعضا الظاهرة وذلك ان الجلد اذا تكاثف كمنت الحرارة واجتمعت في باطن البدن كله وكما ان السبب البارد يفعل ما وصفنا من التغيير كذلك يفعل السبب الحار تغييرا مخالفا للتغيير الحادث عن السبب البارد وذلك ان في الطبع انما تكون الافعال الاضداد من اسباب اضداد وبعضها يكون اولا بفعل نفس السبب وبعضها بطريق العرض وهذا هو الامر الذي فيه خاصة يغلط ويخطي خلق كثير اذا نظروا الى اشيا كثيرة يفعلها سببين متضادين على مثال واحد بطريق العرض وكذلك اذا نظروا الى اشيا اضداد تحدث مرارا كثيرة من اسباب واحدة باعيانها وكذلك قد يعرض لهم ان يغلطوا في امر الاشيا التي تسخن غلطا شبيها بهذا او ذلك ان السبب الذي يسخن بمنزلة الشمس اذا هي لقيت البدن زمانا طويل المدة فهو يحدث فيه شي خلاف ما احدثه في اول الامر لانه في اول الامر يسخن الرطوبة ويرخي الجلد ويجعل اللحم الين مما كان وان داوم الرجل التردد فيه والتعرض له اياما كثيرة في وقت الصيف عريانا صار جلده قحلا صلبا وصار لحمه ايضا صلبا الا ان من كانت هذه حاله فليس العمل في بدنه للحرارة الطويلة المكث وحدها لكن لليبس المزاوج لتلك الحرارة انما في ذلك عمل كبير وكثير ما يذهب هذا عنا وننساه في النظر في امر الاسباب فلا ننظر في السبب المزاوج للسبب الفاعل فانه قد ينبغي لنا ان نتفكر في ان فعل الحرارة المرطبة غير فعل الحرارة اليابسة فهذا امر كثيرا ما لا نفعله ولذلك نغلظ اذا نحن لم ننظر في فعل كل واحد من السببين الخاص به فان تثبت الرجل وجعل ذهنا في الامر علم وتيقن ان كل واحد من الفعلين باق على حاله وذلك انه كما ان الرطوبة وحدها خلوا من الحرارة او البرودة الظاهرة انما ترطب البدن فقط والحرارة وحدها تسخنه كذلك اجتماعهما يوجد عيانا ياتي بالفعلين كليهما وذلك امر يعرض من الاستحمام بالما العذب واما في التردد في الشمس فانما يزاوج السبب المسخن سببا يابسا لان الشمس الصيفية حالها هذه الحالة واذ كان ذلك كذلك فبالواجب صار من ادمن التردد فيها والتعرض لها في وقت طويل المدة عريانا بمنزلة الحصادين والملاحين صار جلده صلبا يابسا على مثال جلود الحيوانات ذوات الجبن القشرية فكما ان الخصوصيات الطبيعية من جملة جوهر البدن تحتاج الى انواع من الاطعمة والاشربة مختلفة واختلاف حالات الجلد بالطبع في الصلابة واللين والكثافة والتخلخل يوجب ان لا تكون الابدان تسخن معها كلها على مثال واحد كذلك الامر في خصوصية الجوهر واختلاف حالات الجلد الكاينين بسبب العادة بمنزلة الخصوصية واختلاف الحال الطبيعية يوجبان ان يحدث في البدن منفعة او مضرة من قبل التغير العارض من الاطعمة والاشربة ومن الاشيا التي سخن وبرد على مثال ما يحدث من تلك وذلك ان البدن المتخلخل اللين تسرع اليه الافة اذا هو سخن واذا هو برد من خارج والبدن الكثيف الصلب يحتمل ما يلقاه من خارج ويصير على مقاومته ولا يبالي به ان كان مما سخن ومما برد وان كان مما هو صلب او خشن ولذلك صارت امثال هذه الابدان تحتمل النوم على الارض وتصبر عليه والابدان المخالفة لها لا تحتمل مثل ذلك ولا تصبر عليه وذلك انها تفسخ سريعا وتبرد وتنالها الافة من كل شي يلقاها اي شي كان سريعا
[chapter 4]
পৃষ্ঠা ১৪৭
فهذا ما اردنا من القول في الاشيا التي تلقا البدن من الخارج فلناخذ الان في ذكر انواع الرياضة وعسى ان تكون الاعضا التي ترتاض من اعضا البدن تكون اقوى واصلب فتكون بهذا السبب تستطيع ان تحتمل الحركات الخاصية بها المشاكلة لها اكثر من غيرها مما اكتسبه عدم الرياضة ان تكون اضعف والين وهذا كلام شامل عام لانواع الرياضات النفسانية التي نروض بها انفسنا اما في اول الامر ففي الكتاب ما دمنا صبيانا واما بعد ذلك فعند الخطبا والحساب والمهندسين والمنطقيين وذلك انه لما كان سياسية النفس قوتين لا بد منهما ضرورة في جميع الصناعات احدهما القوة التي بها نفهم الكلام المتفق والمتناقض والقوة الاخرى التي بها نحفظ الاشيا ونذكر صرنا اذا استعملنا الرياضات النفسانية اكتسبنا بذلك القوة الاولى فضل فهم فكنا اجود فهما واكتسبنا بالقوة الثانية فضل حفظ فكنا اجود حفظا وذلك لان من شان القوى كلها بالطبع ان تنمو وتزيد وتصح وتقوا بالرياضة وتضرها العطلة والبطالة وتجحف بها كما دل على ذلك افلاطون في كتابه المسمى طيماوس حيث يقول هذا القول ايضا: وكما قلنا مرارا شتى ان فينا ثلثة انواع نفوس في ثلثة مواضع وكل واحد منها له حركة كذلك ينبغي ان نقول هاهنا ايضا بحسب ذلك القول ان النوع الذي يتعطل ويمسك عن حركته من هذه الانواع يجب ضرورة ان يكون ضعيفا جدا والنوع الذي يراض منها يجب ضرورة ان يكون قويا جدا واذا كان الامر على هذا فقد ينبغي ان نحفظها لتكون حركة بعضها الى بعض معتدلة وبعد ان قدم هذا القول اتبعه بان قال:
পৃষ্ঠা ১৪৮
فاما نوع النفس الذي هو اشرفها فينبغي ان نعلم انه شي من جنس الملايكة خص الله تعالى به كل واحد منا فنحن نقول في هذا النوع ان مسكنه في راس البدن وانه يحسب مناسبته للسما ترفعنا عن الارض على ان قولنا صواب انا من نوع النبات لا نبات ارضي بل نبات سماوي وذلك ان النوع الالهي انما هو في الموضع الذي فيه اول كون النفس كيما اذا هو صد راسنا واصلنا ورفعه فوق البدن كله على الاستقامة فمن كانت همته في الشهوات وحب الغلبة وكان يتعبد لها تعبدا شديدا فلا بد ضرورة من ان يكون اراوه اذا مايتة فيكون ليس له البة ولا اقل القليل من الحال التي هي خلاف حال الاشيا الميتة التي يمكن ان تكون خاصة لمن لا يموت فاما من كانت همته في حب التعلم وفي فهم الحق وكان يروض نفسه في هذين خاصة فهو ضرورة يتفكر فكرا الهية غير مايتة متى التمس الحق ولابسه ويجب ضرورة ان يكون لا يعجز شي من الحال التي هي خلاف حال الاشيا المايتة التي يمكن في طبع الناس قبولها ومن قبل انه لا يزال دايما يرضى الالهي وله مدبر جميل الامر متفق ساكن فيه معا هو في الطبقة العليا من الفوز والارضا واتيان المسرة انما هو واحد يدل على كل شي وهو ان يغذا كل واحد من الاشيا بالغذا الخاص به المشاكل له ويحرك بالحركة الملايمة له.
فقد علمنا افلاطن في هذا الكلام من امر ثلثة انواع النفس ما ينتفع به لا من امر الفلسفة فقط لكن وفي امر صحة البدن ايضا وانما تبع في ذلك بقراط الذي قال جملة: ان البطالة تفنى وتذيب وان الاستعمال يقوي ويصح. وقال ايضا قولا مفردا في الرياضة وحدها: ان التعب ينبغي ان يكون قبل الطعام وقال في جميع انواع التصرف المفردة هذا القول: ان التعب والاطعمة والاشربة والنوم والجماع ينبغي ان تكون كلها معتدلة وقد ينبغي لنا هاهنا ايضا ان نثبت ونجعل ذهننا فيما قال وذلك ان في الكلام بعض ما يدهش كما في ساير الاقوال الاخر متى توانا السامع له في فهمه كما قد فعل ذلك قوم وذلك انا نريد ان يرتاض في كل شي اي الاشيا كان رياضة ليست على غير حد وعلى غير المقدار الذي ينبغي لان الرياضات اذا طالت بها المدة باكثر من المقدار هتكت القوة واخملتها وكذلك الامر في الاطعمة والاشربة والنوم والجماع وينبغي ان يكون ما يستعمل منها بالمقدار الذي ينبغي ولا ينقص عن المقدار ولا يزاد عليه وذلك لان الزيادة المجاوزة المقدار تضعف القوة وتهتكها والنقصان عن المقدار المعتدل يمنع كل واحد من هذه الاشيا من ان تنفع على التمام بمقدار نقصانه عن الاعتدال وهو امر قد حذر منها وتقدم فيه بقراط بما قاله منه في شي واحد على طريق المثال حيث قال: ان من يرتاض اذا هو امسك عن الرياضة حين يبتدي يتاذى بها لا يصيبه الاعيا وقد دخل في هذا الكلام على طريق اتصال الكلام ذكر بعض ما يحتاج الى فعله من امر افعال النفس في الحفظ والفكر والمطالبات القياسية المنطقية وقد ذكر اراسسطراطس هذه الافعال في كلامه في العادات من غير ان يزيد معها ذكر السبب وان كان قد ذكر بقراط وافلاطن اللذين ذكرا السبب وهو ان ارتياض كل واحدة من القوى بالرياضات الخاصية بها المشاكلة لها بالمقدار المعتدل يكسبها صحة وقوة
[chapter 5]
পৃষ্ঠা ১৪৯
فهذا ما اردنا ذكره من اصناف العادات واختلافها بحسب قوة الاشيا التي فيها يكون قوامها واصناف الصحة التي تحدث عنها ولان ارسسطراطس قد قال كما ان البدن يقتضي ايضا الاستفراغات اذا هو اعتادها قد ينبغي لنا ان نبحث عن ذلك وذاك انا قد نعلم ان قوما يصيبهم الرعاف بادوار في اوقات متساوية وقوم اخرون يستفرغ منهم الدم من العروق التي في السفلة وقوم اخرون يستفرغون بالقي او باختلاف نصيبهم وقوم اخرون يفرغون الدم من ابدانهم بارادتهم بفصد العروق او بشرط العروق التي الى جانب الكعبين او من المنخرين او يفرغون ابدانهم بالادوية المسهلة او بالادوية التي تبعث القي او التي تحدر الطمث وذلك ايضا مما ينبغي ان نبحث عنه فاني لا ارى ان هاولا انما يحتاجون الى مثل هذه الاستفراغات للعادة لكن للسبب الذي من اجله احتاجوا الى الاستفراغ الاول الذي فعلته الطبيعة او فعله رجل حكيم بقياس طبي لذلك السبب بعينه يحتاجون الى معاودته بعينه مرة ثانية ومرارا كثيرة وذلك ان في الناس قوما يجمع في ابدانهم بسبب سو تدبيرهم دما كثيرا واخلاطا ردية وبعض الناس يعرض لهم ذلك بسبب ان هية بدنه هية ردية فهم بهذا السبب ينتفعون بالاستفراغات التي ذكرناها اذا تحركت الطبيعة ففرغت من ابدانهم فضولها قبل ان يمرضوا او فعل ذلك بهم بعض الاطبا وبضعهم اذا هو مرض كانت مداواة مرضه بهذه الاستفراغات اذا انبعثت من الطبيعة او بعثها الطبيب باستعماله في المداواة ما يحتذى به فعل الطبيعة ثم انهم اذا اصابهم بعد ذلك مرض شبيه بالاول وتداووا بتلك الاستفراغات ويروا ان عرض لهم في وقت ما ان يجدوا مرة اخرى حس ثقل في جميع البدن او في الراس وحده او يجدون اضطرابا في البدن او غير ذلك من الاشيا الخارجة عن الطبيعة سالوا الاطبا ان يتقصوا ابدانهم لما يتخوفونه من ان تصيبهم الامراض التي قد كانت اصابتهم عندما عرضت لهم هذه الاعراض على هذا المثال فاذا هم افلتوا او تخلصوا من المرض الذي كانوا يتوقعونه اما باسهال واما باخراج دم بادروا وسارعوا الى ذلك العلاج حتى احسوا في بعض الاوقات باعراض شبيهة بتلك وبعضهم من قبل ان يحس بشي من الاعراض لخوفهم من حلول الوقت الموقت الذي كان يصيبهم فيه بعض العلل بادوار معلومة يتقدمون فيتفرغون ابدانهم ويظنون ان هذا الاستفراغ الذي يفعلونه على طريق التقدم بالحفظ قد صار عادة لهم وبالحق اقول ان البدن ليس يناله من امثال هذه الاستفراغات شي من التغيير فوجب ان يكون ذلك عادة له كما بينا انه يناله من الاشيا التي تقدم ذكرها بل انما يصيبه من سبب واحد بعينه امر واحد بعينه ولذلك متى ابدلوا اصحاب هذه الاستفراغات تدبيرهم وقللوا من طعامهم وزادوا في رياضتهم سلموا من الامراض فابدال العادة حينئذ مما ينتفعون به لا مما يضرهم. كما يضر اوليك الذين ذكرناهم قبل وذلك انه ليس الذي يتفق لهم من الانتفاع بالاستفراغ انما هو سبب العادة بل انما ذلك بسبب انهم يتدبرون تدبيرا رديا يجتمع في ابدانهم اخلاطا ردية وامتلا.
পৃষ্ঠা ১৫০