٢ فأما اثيناوس الذى من أهل اطاليا فإذ كان أول من أنشأ فى الطب الفرقة التى تعرف بفرقة أصحاب الروح فقد يشبه مذهبه أن يقول فى المرض سببا ماسكا إذ كان إنما يبنى على فرقة أصحاب المظلة وذلك أنه كان تلميذ بوسيدونيس وعنه أخذ وأما سائر الأطباء الذين يعتقدون آراء أخر فليس يليق بمذهبهم [أيضا] أن يطلبوا سببا ماسكا فى كل واحد من الأمراض ولا يليق بمذهبهم أيضا أن يطلبوا سببا ماسكا فى الأجسام المتشابهة الأجزاء التى هى على حالها الطبيعية ولا يجوز لهم أن يقولوا كما كان اثيناوس يقول ان أصناف الأسباب الأول التى لا أسباب أعلى منها فى الجنس ثلثة والأصناف الثلثة التى كان يقول بها اثيناوس هى هذه الأول منها صنف الأسباب الماسكة والثانى صنف الأسباب السابقة والثالث تستغرقه مادة الأسباب البادئة ويسمى بالأسباب البادئة ما كان خارجا من البدن ومن شأنه أن يغيره تغييرا ما أى تغيير كان ويسمى ما ولدته هذه الأسباب فى أبداننا مما هو من جنس ما يحدث مرضا ما دام لم يحدث بعد مرضا الأسباب السابقة ويقول ان الاستحالات التى تحدث عن هذه الأسباب وعن الأسباب التى من خارج فى الروح الغريزى حتى يرطب أو يجف أو يسخن أو يبرد هى أسباب ماسكة للأمراض وذلك أن الروح عنده لنفوذه فى الأعضاء المتشابهة الأجزاء يحيلها باستحالته ويشبهها بنفسه قال فربما كان حدوث الأسباب الماسكة عن الأسباب البادئة دفعة من غير متوسط وربما كان حدوثها بتوسط الأسباب السابقة قال فإن الانسان متى أصابه حر الشمس تغير الروح الغريزى فيه وصار أسخن مما كان ومتى أصابه البرد استحال إلى البرد ومتى كانت هذه الاستحالات يسيرة لم يكن المرض حل بالبدن بعد فمتى بلغ من خروج العضو عن مزاجه الطبيعى أن يضر ذلك بفعله فقد حل به حينئذ مرض من قبل سوء مزاج وسببه الماسك هو الروح إما لأنه سخن بأكثر من المقدار وإما لأنه برد وإما لأنه يبس وإما لأنه رطب وأصحاب هذه الفرقة يسمون بالأسباب السابقة الأخلاط المتولدة فى أبداننا متى سخنت أو بردت أو رطبت أو يبست بأكثر من المقدار وذلك أنهم يرون أن الأعضاء الأصلية تقبل الاستحالة منها على طول الزمان حتى تصير على مثل حالها ومن قبل ذلك يدخل أيضا على أفعالها الضرر ويرون أن مما يجرى هذا المجرى سموم ذوات السموم مثل سم الكلب الكلب وجميع الأدوية المضاد طبعها لطبع البدن من القتالة وغيرها قالوا وبعض هذه السموم والأدوية ليست تفعل فى أبدان الحيوان فعلا بين الرداءة إلا بعد زمان طويل جدا وذلك من قبل أن إحالتها ليست تكون دفعة بل قليلا قليلا قالوا وكثرة الدم أيضا ربما كانت سببا للأمراض
[chapter 3]
٣ وأما أنا فأقول ان الأجسام الطبيعية إنما تكونت من النار والأرض والماء والهواء فإن بقراط قد كان قبل جميع الناس أورد البرهان عليه ولا فرق بين أن تسمى الأسطقسات من قبل جواهرها كما سميتها فى هذا الموضع فتقال نار وماء وهواء وأرض وبين أن تسمى من قبل كيفياتها فتقال رطب ويابس وحار وبارد وأما أن الروح هو أولا يستحيل فى الأجسام الطبيعية ثم يحيل باستحالته سائر الأجسام معه فلست أراه صوابا وذلك أن الروح ليس يبقى أصلا على ما كان عليه منذ أول الأمر متى وقع المزاج بينه وبين سائر الأجسام عند امتزاج الاسطقسات الأربعة على الكلية بعضها ببعض بل يحدث عن الأربعة جسم واحد خامس هو غير كل واحد من تلك الأربعة ومثال ذلك المرهم المعروف بذى الأربعة الأدوية فإنا إذا عملنا هذا المرهم فخلطنا الشمع والزفت والراتينج والشحم فامتزجت بعضها ببعض على الكلية فليس يبقى حينئذ واحد من هذه الأدوية بعد الخلط على ما كان عليه قبله بل يحدث دواء واحد خامس غير كل واحد من الأدوية الأربعة وذلك أنه لا يكون عند الامتزاج ولا واحد منها خالصا على طبيعته حافظا لها وكذلك يجرى الأمر فى الأجرام الصلدة فإنك إن أخذت اقليميا وزاجا وزنجارا واسفيداجا فسحقتها سحقا ناعما حتى تصير فى حد الغبار وخلطتها بعضها ببعض لم يبق حينئذ كل واحد منها على ما كان عليه منذ أول الأمر
[chapter 4]
পৃষ্ঠা ৫৬