============================================================
يا غلام : لا تحدث أحدا من الخلق بما أنت فيه من أمور الدنيا وأمور الآخرة.
سد ثقب ما أنت فيه، واجعله من وراء الأغلاق، غط وجه حالك ولا تري أحدا منه سوى العينين وإن كان النقاب برقعا فهو خير لك. هذا آخر زمان أيام الفتره، سوق النفاق سوق المعاملة بالرغبة والرهبة، يرغبون في مجيء الدنيا ويرهبون من بعدها، يرغبون في القرب من الخلق ويرهبون من بعدهم. قد صارت الملوك لكثير من الخلق آلهة. قد صارت الدنيا والغنى والعافية والحول والقوة آلهة 136] ويلكم جعلتم الفرع أصلا، والمرزوق رازقا، والمملوك مالكا، والفقير غنيا، العاجز قويا، والميت حيا، لا كرامة لكم، لا نتبعكم ولا ننتحل مذهبكم؛ بل نكون ناحية منكم، نقف على تل السلامة، على السنة وترك البدعة، وعلى تل التوحيد والإخلاص وترك الرياء والنفاق، ورؤية الخلق بعين العجز والضعف والقهر، نرضى بالقضاء، ونترك التسخط ونتمسك بالصبر ونترك الشكوى، ونمشي على أقدام قلوبنا إلى باب مليكنا عز وجل، التسخير والتسليط منه، كما أن التخليق والترزيق منه، إذا عظمت جبابرة الدنيا وفراعنتها وملوكها وأغنياءها ونسيت الله عز وجل ولم تعظمه فحكمك حكم عبدة الأصنام، يصير من عظمته صك (1/137] ويلك اعبد خالق الأصنام: وقد ذلت لك الأصنام، تقرب إلى الله عز وجل وقد تقرب الخلق إليك، على قدر تعظيمك لله عز وجل يعظمك خلقه، على قدر ك له يحبك خلقه، على قدر خوفك منه يخاف منك خلقه، على قدر احترامك لأوامره ونواهيه يحترمك خلقه، على قدر تقربك منه يقرب إليه خلقه، على قدر خدمتك له يخدمك خلقه، على قدر خدمتك له يخدمك خلقه. عليك بالورع، لا تخله من يد قلبك. إن تركته فالخذلان في زيقك(42). من ترك الورع اسود قلبه بالشبهات والتخليطات.
(42) في (]): ريق، والزيق: هو طرف الشيء. انظر اللسان مادة "زيق".
পৃষ্ঠা ১৫০