জাহিজ: আদিবদের ইমাম (প্রথম খণ্ড)
الجاحظ: أئمة الأدب (الجزء الأول)
জনগুলি
زمن الجاحظ، عوامل نبوغه، مواهبه، قيمة أدبه وأثره
ليس عجيبا أن ينبغ مثل الجاحظ في زمان الجاحظ، فإن عاش في أزهر عصر من العصور الإسلامية، ودرج من البصرة عش اللغة والأدب، وقضى شطرا طويلا من حياته في بغداد عاصمة ذلك الملك الكبير وأعظم مراكز العلم والأدب.
شب الجاحظ في زمن الرشيد، ذلك الخليفة العظيم الذي كان يجل العلماء ويقربهم، ويجالس الشعراء ويجود عليهم، ونبغ في أيام المأمون، أعلم الخلفاء وأشدهم انتصارا للحرية الفكرية، وأكثرهم تقديرا للعلم وأهله.
في ذلك العصر الذي يبتدئ بقيام الدولة العباسية سنة 132، وينتهي بوفاة الواثق سنة 232، كانت الحضارة الإسلامية في أزهى عصورها، قائمة على الأسس القويمة التي جاء بها الإسلام، ومحافظة على المروءة العربية مع اقتباس حكيم من حضارة الفرس واليونان.
في ذلك الزمن نبغ أئمة الدين الأربعة مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل، وفيه نبغ الفيلسوف الكندي، ونبغ من أئمة اللغة والأدب الخليل بن أحمد والأصمعي وسيبويه، ومن كبار الشعراء بشار بن برد وأبو نواس وأبو تمام الطائي، فلماذا لا ينبغ مثل الجاحظ في الفصاحة واللسن والإنشاء في مثل ذلك الوسط الخصيب؟!
تقدم الجاحظ وعاصره كتاب أجلاء، مثل ابن المقفع وعمرو بن مسعدة وأحمد بن يوسف والصولي وابن الزيات، ولكن واحدا منهم لم يتح له أن يكون كاتب ذلك العصر، ينفذ إلى كل ناحية من نواحيه، ويصور أخلاق أهله أصدق تصوير، فبقي المكان فارغا حتى شغله الجاحظ.
إذا كان مقياس العبقرية في الأدب فهم الطبيعة البشرية وحسن التعبير عنها، وإذا كان مقياس نبوغ الأديب شدة ملاحظته وعمق تفكيره وكثرة توليده، وإذا كان معيار الأدب تصوير الحياة تصويرا فنيا؛ فالجاحظ أكبر كتاب العربية من هذه الجهات الثلاث، وصاحب الحق في أن يكون كاتب عصره.
عاش الجاحظ في عصر كثرت فيه الفرق الدينية، وفشت الآراء الفلسفية، وتواثبت النعرات القومية، واختلفت الأهواء السياسية، فخاض ذلك العباب، وكتب في التوحيد والقرآن والمعتزلة والعثمانية والزيدية والرافضة، وكتب في التسوية بين العرب والعجم، وفي القحطانية والعدنانية، وفي الترك، وفي البيضان والسودان، وكتب في بني أمية وبني العباس.
وسرت الروح العلمية في شتى المواضيع، فكتب في الحيوان والنبات والاقتصاد والطب والكيمياء.
وأظل القوم في ذلك الزمن حضارة وارفة الظلال، فتأنقوا في الملبس والمركب والمأكل والمشرب، ومالوا إلى الدعة واللهو، واقتنوا حسان الإماء، وولعوا بالشراب والغناء، فكتب في النرد والشطرنج والجواري والقيان والغناء والمغنين والنبيذ وفضل الفرس على الهملاج.
অজানা পৃষ্ঠা