Theodorus »: «أنت تعرف أنه حين لا تتحدد شروط ما تحديدا كافيا، وحين يكون هناك عدد لا متناه من هذه الشروط، فإنها كلها تقع في دائرة ما يسميه علماء الهندسة بالمكان أو الموضع
Locus ، وهذا الموضع - غالبا ما يكون خطا - هو على الأقل محدد، وعلى ذلك ففي استطاعتنا أن نمثل سلسلة منتظمة من العوالم، وهي كلها سوف تتضمن الحالة التي نتحدث عنها، وسوف تتنوع ظروفها ونتائجها.» وجميع هذه العوالم موجودة في فكرة مصورة بدقة في قصر الأقدار. وفي كل غرفة من غرف هذا القصر ينكشف عالم أمام عيني تيودورس، وفي كل عالم من هذه العوالم كان يرى دائما سكستوس، دائما نفس سكستوس، لكن مع ذلك يختلف من حيث علاقته بالعالم الذي ينتمي إليه. ومن ثم فقد كان سكستوس في جميع هذه العوالم حاضرا بحالات لا متناهية، ومن عالم إلى عالم ، أعني من غرفة إلى غرفة كان «ثيودرس» يرتفع قمة هرم عظيم، والعوالم تصبح أكثر جمالا، «وأخيرا وصل إلى أعلى العوالم، وصل إلى قمة الهرم، أكثر العوالم جمالا ذلك لأن ... الهرم كانت له قمة، لكن لم يكن له سفح مرئي، إنه يضرب بجذوره في اللانهائية»؛ وذلك بسبب أنه - كما أوضحت الآلهة - «وسط عوالم ممكنة لا نهاية لها، يوجد أفضل العوالم، وإلا لما كان في استطاعة الله أن يحدد أي العوالم هو الذي سيخلفه، لكن لم يكن هناك عند السفح عالم يعتبر أدنى العوالم كمالا، وهذا هو السبب في أن الهرم يغوص في اللانهائية»، ودخلا - وثيودور مشدوه - إلى الغرفة العليا، وهي غرفة العالم الحقيقي
real world ، وقال بلاس
«انظر ها هو سكستوس كما هو الآن وكما سيكون في المستقبل. انظر إليه كيف يخرج من المعبد وقد تملكه الغيظ. وكيف احتقر نصيحة الآلهة. انظر إليه وهو يذهب إلى روما يثير الاضطراب في كل شيء، ويغتصب زوجة صديقه، انظر إليه بعد ذلك وهو يطرد مع والده، محطما يائسا. لو أن جوبتر كان قد وضع شخصا مثل سكستوس سعيدا في كورنثة
Corinth ، أو ملكا على تراقية
Therace ، لما كان هذا العالم على هذا النحو. لكنه مع ذلك لم يكن في استطاعته إلا أن يختار هذا العالم الذي يفوق في كماله جميع العوالم الأخرى، والذي هو قمة الهرم، وإلا لكان جوبتر فقد حكمته، ولكان قد طردني أنا طفلة. أنت تدري إذن أن والدي ليس هو الذي جعل سكستوس شقيا، فقد كان سكستوس شقيا منذ الأزل، ولسوف يكون كذلك باستمرار. ومن هنا فإن جوبتر لم يفعل شيئا سوى أن كفل له الوجود، الذي لا يمكن أن تتنكر حكمته للعالم الذي يشمله . وهو الذي جعله ينتقل من عالم الممكنات إلى الوجود الفعلي.»
من هذه القصة التي توضح توضيحا رائعا وجهة نظر ليبنتز - يتضح لا أنه قد تحدد لسكستوس - بناء على رأى ليبنتز - خلقه الخاص ومصيره الذي لا مفر منه في أفضل العوالم الممكنة التي منحها «جوبتر» وجودها الواقعي. ولو أننا أضفنا إلى ذلك القول بأن جوبتر لم يكن في استطاعته إلا أن يختار هذا العالم لاتضح لنا كيف حرم الله والرإسان من حريتهما على يد ليبنتز، فعلم الله السابق - بدرجة لا تقل عن مذهب اسبينوزا - ليس إلا علما بواقعة قائمة، وحرية الإنسان لا وجود لها. (17) ومن هنا فإن كلا من مذهب ليبنتز واسبينوزا مرفوض، لأنهما يصوران الكون، والوجود الإنساني كوقائع مكتملة أكثر منهما أفعالا في طريق الإنجاز. وكل من النظرتين تبدو وكأنها تبدأ من مسلمة هي ألا شيء من الواقع
really
يمكن أن يضيع وألا شيء جديد يمكن أن يضاف إلى هذا الواقع. وأمثال هذه الآراء تجعل التطور بلا معنى. إن كل فلسفة تبدأ من شيء محدد ومتعين تماما من جميع الوجوه، شيء تحددت سماته وشكله نفسه، هي: فلسفة تبدأ بواقعة ميتة لا يطرأ عليها أي تطور حقيقي. وبناء على هذه الفلسفات فلن ينبثق شيء جديد، لكن عملية السير سوف تكون مجرد فض لما هو متضمن بالفعل. وسوف يتصور المستقبل كل - على حد تعبير وليم جيمس - بأنه «قعقعة قائمة لسلسلة انصهر فيها عدد لا حصر له من العصور الماضية.»
29 (18) وعلى الأساس نفسه فإننا نرفض كذلك المذهب الآلي المطلق
অজানা পৃষ্ঠা