ومن ثم «فليست هناك إرادة يمكن أن توجد أو أن تتحدد للفعل، ما لم يتحكم فيها سبب آخر، ويتحكم في هذا السبب الجديد سبب آخر، وهكذا، إلى ما لا نهاية.»
16 (11) دعنا الآن نسلم بالوجود الضروري للجوهر لنرى ما إذا كانت حالات الفرد يمكن استنباطها استنباطا ضروريا من هذا الجوهر دون الوقوع في التناقض. إن الجوهر هو بالضرورة أزلي ولا متناه، في حين أنه من المفروض أن حالات الفرد متناهية وعابرة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: طالما أن كل ما ينتج بالضرورة عن المتناهي والأزلي لا بد أن يكون مثله متناهيا وأزليا، فكيف يمكن أن تكون هناك أحوال
Modes
متناهية وعابرة؟ إنه وفقا لما يقول اسبينوزا نفسه «فإن الفرد أو الشيء المتناهي أو ما له وجود متعين، لا يمكن أن يوجد أو أن يتجدد للفعل ما لم يتحدد للوجود، والفعل عن طريق سبب آخر يكون هو بدوره متناهيا وله وجود متعين. وهذا السبب بدوره لا يمكن أن يوجد ولا أن يتحدد للفعل إلا عن طريق شيء آخر، وهكذا، إلى ما لا نهاية.»
17
ولو أننا الآن بدأنا بشيء معين متناه وتعقبناه عائدين القهقرى إلى سببه المتناهي، أو من هذا الأخير إلى سببه المتناهي، وهكذا إلى ما لا نهاية، لبدا مستحيلا أن تصل هذه العملية إلى اللامتناهي، ولست أجد أية عملية أخرى يمكن أن تصل بنا إلى اللامتناهي من خلال المتناهي.
18
وإذا لم يكن ثمة حل لإزالة مفارقة خروج المتناهي من اللامتناهي، فإن مذهب اسبينوزا كله سوف يحكم عليه بالفشل. ولا شيء يمكن أن ينقذ مذهب اسبينوزا كله من إنكاره الكامل للحقيقة التي تنسب للأشياء المتناهية. ولا بد أن تبدو الأحوال
Modes
بغير وجود متميز عن وجود الجوهر، كما أن الوجود الزماني الذي ينسب إلى هذه الأحوال لن يكون إلا مظهرا وهميا مصطنعا للوجود الآلي. بل إنه لن يكفي الزعم بأن الجوهر يخفف الفوارق بين الأحوال، لكنه لا يلغيها. أقول لا يكفي ذلك لأن هذه الأحوال المتناهية سوف تظل وقائع متميزة ومنفصلة. وباختصار فإن مذهب اسبينوزا لكي يتسق مع نفسه فلا بد ألا يكون هناك جوهر له أحوال على الإطلاق، بل لا بد أن يتركنا مع الوجود البارميندي فحسب. (12) إننا بإظهار ضعف نظرية اسبينوزا القائلة بأن جميع التحولات تنبع بالضرورة من ماهية الجوهر، فإننا نهدف إلى أن نرفض بصفة خاصة قضيته القائلة بأنه «لا يمكن أن تسمى الإرادة سببا حرا، لكنها يمكن أن تسمى فحسب سببا ضروريا.»
অজানা পৃষ্ঠা