আমিন ওয়াসিফের ইত্তেহাফ আবনা আল-আসর

আমিন ওয়াসিফ d. 1346 AH
69

আমিন ওয়াসিফের ইত্তেহাফ আবনা আল-আসর

إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر

জনগুলি

ولما رأى الخليفة ضعفه واستيلاء ناصر الدولة على مصر والعبيد على الصعيد كتب إلى أمير الجيوش محمود بدر الجمالي الأرمني، واستدعاه من عكا لقمع أرباب الفتن. وفي ذلك الوقت فطن لأمور ناصر الدولة حموه المدعو إيلدكوز، فاتفق هو وجماعة على قتله، وقصدوا داره فخرج إليهم مطمئنا بقوته، فضربوه بسيوفهم حتى قتلوه وأخذوا رأسه، وقتلوا أخاه فخر العرب، وقتلوا جميع بني حمدان بمصر، وأتى بدر الجمالي لما استنجده الخليفة من الشام إلى دمياط، وانحدر جهة الجنوب وسار حتى وصل قليوب، فأمر أمير الجيوش بدر الجمالي أمراء الترك بالقبض على «إيلدكوز» فأجابوه لطلبه، وبعد ذلك عزمهم في وليمة وقتلهم جميعا، ومن ثم صار بدر الجمالي مهابا محترما، وصارت له الكلمة النافذة على مصر، فقلده الخليفة بأمير الجيوش، وأخذ في قمع أرباب الفتن بعد أن قتل إيلدكوز، وشرع في إحياء التمدن، ونشر العلوم التي اندثرت مدة تلك الحروب الداخلية، ومنع الضرائب السنوية مدة ثلاث سنين عن سكان المدن والأرياف؛ لينصلح بذلك حال الأهالي، ولم تحصل بمصر أمور مهمة في مدته سوى إغارة أمة التركمان تحت قيادة «أتزيز» الذي استولى على القدس ودخل مصر ووصل إلى القاهرة، فقام أمير الجيوش وطردهم ومزقهم كل ممزق واقتفى أثرهم إلى أن أدخلهم أرض الشام، وهناك مات رئيسهم «أتزيز»، ومات أمير الجيوش في سن الثمانين، وحكم مصر مدة 20 سنة، ونشر العلوم وأوسع نطاق التجارة والزراعة والفنون، وله آثار عظيمة باقية إلى الآن؛ منها باب زويلة وباب الفتوح وباب النصر، ومات المستنصر سنة 1094م أي سنة 487ه، وكان ضعيف الرأي متكاسلا، ومن ثم قاسى أهوالا جسيمة ، مع أن آخر حكمه عادت مصر لبهجتها القديمة أي لما كانت عليه زمن الفراعنة، ثم أخذت بعده دولة الفواطم في الاضمحلال شيئا فشيئا.

وتولى بعده ابنه أحمد، ولقب نفسه بالمستعلي، وكان الحكم في أيامه لوزيره جاهين شاه بن بدر الجمالي، ولقب نفسه بالأفضل، وفتح القدس في زمن أميرها «أورنك» وابنه «أكساك»، وبعد ذلك بقليل حصلت حرب الصليب الأول تحت قيادة «جدوفروادو بويون»، فأرسل الأفضل جيشا مع سعد الدولة، فهزم أصحاب الصليب في عسقلان، وهو الذي بنى الجيوشي فوق المقطم، ومات المستعلي بعد ذلك بسنتين، وصار الأفضل وصيا على ابنه المنصور؛ حيث كان صغير السن، ولقب بالآمر بأحكام الله، وفي مدته استولى المسيحيون على أغلب المدن البحرية من الشام كعكا وطرابلس الشام، وأرادوا التوجه والهجوم على مصر، وذلك سنة 1101م سنة 495ه تحت رياسة بودوين الأول ملك القدس الشريف، وساروا حتى وصل مدينة الفرما، ونهب ما مر به من البلاد، ثم اعتراه مرض فمات بالعريش في محل يعرف باسم «رمال بودوين»، وقتل الخليفة بعد قليل وخلفه ابن عمه الحافظ لدين الله، فأخذ في اللهو وشرب الخمر وانهمك على اللذات مدة عشرين سنة، ثم نقل الخلافة إلى ابنه إسماعيل ولقب الظافر بأعداء الله، فكانت أفعاله كأفعال أبيه، ثم أهان وزيره عباسا فقتله وولى الخلافة إلى الفائز بنصر الله فحكم ست سنين، ومات عباس الوزير، ومات الخليفة بعده بقليل، فتولى الوزارة بعد عباس طلائع بن رزيك، وتولى الخلافة العاضد سنة 1160م سنة 555ه وهو آخر خلفاء الفاطميين. وطلائع بن رزيك هو الذي نقل رأسا من عسقلان قيل إنها رأس الحسين وبنى عليها المشهد الحسيني المشهور بالقاهرة، وزوج ابنته للخليفة فعظمت شوكته وتكبر وتنمرد فقتلوه أعداؤه، فاستوزر الخليفة بعده شاور، فتغلب عليه درغام فسار شاور إلى نور الدين محمود بن زنكي صاحب الموصل، فأمده نور الدين، وأعاده إلى وظيفته بالثاني؛ حيث أرسل معه جيشا مع أسد الدين شركوه الكردي، وكان معه ابن أخيه صلاح الدين يوسف، فهزم درغام وقتل، وأعيدت الوزارة إلى شاور، ولخوفه من غدر نور الدين بن زنكي تعاهد مع «أموري الأول» ملك القدس، فأتى وحاصر مدينة بلبيس، فهزمه شركوه وفر أموري المذكور إلى الشام، فخلع الخليفة عليه وقلده الوزارة بدل شاور؛ حيث هو الذي أطمع الفرنج في الإسلام بعد أن قتله.

واستمر شركوه وزيرا إلى أن مات، فخلفه صلاح الدين يوسف الكردي. وفي أيامه أراد أموري الاستيلاء على دمياط فخاب أمله بالكلية الجزئية؛ حيث تبعه صلاح الدين إلى أن أدخله أرض فلسطين وانتصر عليه بالقرب من مدينة «غزة»، وعند رجوعه من هذه الغزوة صدرت إليه أوامر نور الدين بقطع اسم العاضد الفاطمي من الخطبة، ورجوع الدعوة إلى الخليفة العباسي المستدعي بالله، وهو الخليفة الثالث والثلاثون من خلفاء بني العباس، ومات العاضد بعد ذلك بقليل، وبه انتهت الدولة الفاطمية، وذلك سنة 1171م سنة 567ه.

الفصل العاشر

الدولة الأيوبية الكردية

صلاح الدين يوسف بن أيوب

قبل موت الأتابكي نور الدين لم يكن معتبرا إلا كقائد أو عامل الأتابكي المذكور، وعند موت نور الدين الشهيد سنة 570ه أي سنة 1175م أشهر لواء الاستقلال، وصار سلطانا. وفي حياة نور الدين اجتمع السودانيون في جمع كثير قاصدين ملك بلاد مصر، وحاصروا مدينة أسوان وقصدوا نهب قراها، وكان بها الأمير كنز الدولة، فبعث يعلم صلاح الدين ويطلب منه المدد، فأرسل له جزءا من جيشه مع الشجاع البعلبكي، فلما وصل إلى أسوان وجد السودانيين قد رحلوا عنها بعد أن أخربوا أرضها فأتبعهم الشجاع المذكور وكنز الدولة، وحصلت وقعات عظيمة قتل فيها من الفريقين عالم عظيم، ورجع الشجاع المذكور، ثم أنفذ الملك الناصر صلاح الدين أخاه شمس الدولة في عسكر كثيف إلى السودان، فوجد السودانيين دخلوا بلاد النوبة فسار قاصدا بلادهم، وشحن مراكب كثيرة في النيل بالعساكر والذخائر وأمرهم بالمسير إلى بلاد النوبة، وساروا حتى وصلوا أبريم وافتتحوها بعد حصار ثلاثة أيام، وغنم منها أموالا عظيمة.

ثم رجع شمس الدولة إلى أسوان وذلك سنة 568ه أي سنة 1173م بعد أن سلم قلعة أبريم إلى جماعة من الأكراد تحت قيادة إبراهيم الكردي، ثم خرج إبراهيم قاصدا جزيرة زبدان، فغرق إبراهيم وجماعة من أصحابه، ورجع الباقي إلى قلعتهم أبريم، ثم أخلوها بعد ذلك بسنتين، ولما مات نور الدين صاحب الموصل سار صلاح الدين إلى الشام فحاصر كثيرا من مدنها واستباح أهلها وفتح أرض الجزيرة، وهزم عز الدين صاحب الموصل واستولى عليها، وعاد إلى مصر وأمر ببناء القلعة الموجودة الآن بالقاهرة، وكان محلها يعرف وقتئذ بقصر الهواء، وقد ذكر العالم المدقق والجهبذ المحقق سعادة علي مبارك باشا في خططه ما نصه:

بنى قلعة الجبل لتكون له معقلا وحصنا يعتصم به من أعدائه، فإنه كان يحذر من شيعة الفاطميين، فاختار لها المحل الذي بنيت فيه، وأقام على عمارتها الأمير بهاء الدين قراقوش الأسدي، وبنى سور القاهرة في سنة 572ه، وهدم ما هنالك من المساجد وأزال القبور وهدم الأهرام الصغار التي كانت بالجيزة، وكانت كثيرة العدد، ونقل أحجارها وبقى بها السور، وبنى قناطر الجيزة لأجل سهولة نقل الأحجار، وقصد صلاح الدين أن يكون السور محيطا بالقاهرة والقلعة فمات قبل أن يتم، فأهمل العمل إلى أن كانت سلطنة الملك الكامل. انتهى.

وعاد صلاح الدين إلى الشام بجيش آخر وفتح بيت المقدس بعد وقعة عظيمة بالقرب من مدينة طبرية سنة 1187م سنة 583ه أسر فيها ملك بيت المقدس «جي لوزينيان» وسجنه ومعه جماعة من رؤساء المعابد والمضايف، وفتح كثيرا من البلاد الشامية التي كانت بيد الإفرنج، وله حروب كثيرة مع الصليبيين سيأتي ذكرها، وكان شجاعا كريما حليما حسن الأخلاق متواضعا صبورا. ومات بقلعة دمشق سنة 589ه أي سنة 1193م، ودفن بشمال الجامع الأموي.

অজানা পৃষ্ঠা