عَن ابْن الْقَاسِم عَن مَالك قَالَ لَيْسَ كلما قَالَ رجل قولا وَإِن كَانَ لَهُ فضل يتبع عَلَيْهِ
فَإِن قَالَ وَقلة علمي يحملني على التَّقْلِيد
قيل لَهُ أما من قلد فِيمَا ينزل بِهِ من أَحْكَام شَرِيعَته عَالما رُبمَا يتَّفق لَهُ على علمه فيصدر فِي ذَلِك عَمَّا يُخبرهُ فمعذور لِأَنَّهُ قد أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَأدّى مَا لزمَه فِيمَا نزل بِهِ لجهله وَلَا بُد لَهُ من تَقْلِيد عَالم فِيمَا جَهله لإِجْمَاع الْمُسلمين أَن المكفوف يُقَلّد من يَثِق بِخَبَرِهِ فِي الْقبْلَة لِأَنَّهُ لَا يقدر على أَكثر من ذَلِك وَلَكِن من كَانَت هَذِه حَاله هَل يجوز لَهُ الْفَتْوَى فِي شرائع دين الله فَيحمل غَيره على إِبَاحَة الْفروج وإراقة الدِّمَاء واسترقاق الرّقاب وَإِزَالَة الْأَمْلَاك وتصييرها إِلَى غير من كَانَت فِي يَده بقول لَا يعرف صِحَّته وَلَا قَامَ لَهُ الدَّلِيل عَلَيْهِ وَهُوَ مقرّ أَن قَائِله يخطىء ويصيب وَأَن مخالفه فِي ذَلِك رُبمَا كَانَ الْمُصِيب فِيمَا يُخَالِفهُ فِيهِ فَإِن أجَاز الْفَتْوَى لمن جهل الأَصْل وَالْمعْنَى بِحِفْظ الْفُرُوع لزمَه أَن يُجِيزهُ للعامة وَكفى بِهَذَا جهلا وردا لِلْقُرْآنِ قَالَ الله تَعَالَى ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ الاسراء ٣٦ وَقَالَ ﴿أتقولون على الله مَا لَا تعلمُونَ﴾ الْأَعْرَاف ٢٨ وَقد أجمع الْعلمَاء على أَن مَا لم يتَبَيَّن وَلم يتَيَقَّن فَلَيْسَ بِعلم وَإِنَّمَا هُوَ ظن وَالظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا انْتهى
1 / 84