وَجه لنسخه وَلَا احْتِمَال وَقَالَ فَمن سمع بِخَبَر يدعى عَلَيْهِ النّسخ وَلَيْسَ فِيهَا فَيعلم وهاء تِلْكَ الدَّعْوَى ثمَّ قَالَ وَقد تدبرته فاذا هُوَ أحد وَعِشْرُونَ حَدِيثا وَذكرهَا وَالَّذِي صَحَّ نسخه مِنْهَا أقل من عشرَة أَحَادِيث وَهَذَا هُوَ الَّذِي يشْهد الْعقل لصدقة إِذا سلم من الْهوى وَقد ادّعى كثير من الْفُقَهَاء فِي كثير من السّنة أَنَّهَا مَنْسُوخَة وَذَلِكَ إِمَّا لعَجزه عَن الْجمع بَينهمَا وَبَين مَا يظنّ أَنه يعارضها وَإِمَّا لعدم علمه بِبُطْلَان ذَلِك الْمعَارض وَأما لتصحيح مذْهبه وَدفع مَا يرد عَلَيْهِ من جِهَة مُخَالفَة وَلَكِن يجد غَيره قد بَين الصَّوَاب فِي ذَلِك لِأَن هَذَا الدّين مَحْفُوظ وَلَا تَجْتَمِع هَذِه الْأمة على الضَّلَالَة وَكَيف ينْسب مثل هَذَا إِلَى الإِمَام أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف رحمهمَا الله وَهُوَ يُؤَدِّي إِلَى الطعْن فِي رَسُول الله ﷺ وَفِي دينه لِأَن لَازمه أَنه ﷺ كَانَ يَأْمر بأَشْيَاء متعارضة ويشرع كل وَقت شَيْئا ثمَّ ينسخه حَتَّى بلغ ذَلِك مَا يحتوي عَلَيْهِ صناديق وَهل هَذَا إِلَّا قَول مجازف صَاحب هوى نسْأَل الله الْعَافِيَة
وَلَو قَالَ إِن تِلْكَ الْأَحَادِيث الْكَثِيرَة لم يُخرجهَا لاحْتِمَال كَونهَا ضَعِيفَة أَو مَوْضُوعَة لَكَانَ أقرب إِلَى الصدْق من قَوْله إِنَّهَا مَنْسُوخَة أَو متعارضة فَإِن نقاد الحَدِيث إِنَّمَا امتازوا بتمييزهم الصَّحِيح من غَيره أما معرفَة النَّاسِخ والمنسوخ مهما أيسر وأصل اخْتِلَاط الصَّحِيح بِغَيْرِهِ من ظُهُور الْكَذَّابين والمتعصبين وَأَكْثَرهم من الرافضة بالعراق وهم أكذب الطوائف حَتَّى تعدى شرهم إِلَى أَهلهَا وَلِهَذَا كَانَ أهل الْمَدِينَة يتوقفون فِي أَحَادِيثهم
وَكَانَ مَالك يَقُول أنزلوا أَحَادِيثهم منزلَة أَحَادِيث أهل الْكتاب لَا تكذبوهم وتصدقوهم وَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يَا ابا عبد الله
1 / 51