مثل أَن ينفى هَذَا نفيا عَاما وَيثبت الآخر مَا نَفَاهُ الأول فيفصل الْمفصل وَيثبت الْبَعْض دون الْبَعْض وَكَذَلِكَ فِي الْمَعْنى المشتبه وَاللَّفْظ الْمُشْتَرك يفصل بَين الْمَعْنى وَمَا يُشبههُ إِذا كَانَ مُخَالفا لَهُ وَبَين معنى لفظ وَمعنى لفظ
ثمَّ إِنَّه من مسَائِل الْخلاف مَا يتَضَمَّن أَن اعْتِقَاد أَحدهمَا يُوجب عَلَيْهِ بغض الآخر ولعنه أَو تفسيقه أَو تكفيره أَو قِتَاله فَإِذا فعل ذَلِك مُجْتَهدا مخطئا كَانَ خَطؤُهُ مغفورا لَهُ وَكَانَ ذَلِك فِي حق الآخر محنة فِي حَقه وفتنة وبلاء ابتلاه بِهِ
وَهَذِه حَال الْبُغَاة المتأولين مَعَ أهل الْعدْل سَوَاء كَانَ ذَلِك بَين أهل الْيَد والقتال من الْأُمَرَاء وَنَحْوهم أَو بَين أهل اللِّسَان وَالْعَمَل من الْعلمَاء والعباد وَنَحْوهم وَبَين من يجمع الْأَمريْنِ
وَلَكِن الِاجْتِهَاد السائغ لَا يبلغ مبلغ الْفِتْنَة والفرقة إِلَّا مَعَ البغى لَا لمُجَرّد الِاجْتِهَاد
كَمَا قَالَ تَعَالَى وَمَا اخْتلف الَّذين أُوتُوا الْكتاب إِلَّا من بعد مَا جَاءَهُم الْعلم بغيا بَينهم [سُورَة آل عمرَان ١٩] وَقَالَ إِن الذبن فرقوا دينهم وَكَانُوا شيعًا لست مِنْهُم فِي شئ [سُورَة الْأَنْعَام ١٥٩] وَقَالَ ولاتكونوا كَالَّذِين تفَرقُوا وَاخْتلفُوا من بعد مَا جَاءَهُم الْبَينَات [سُورَة آل عمرَان ١٠٥]
فَلَا يكون فتْنَة وَفرْقَة مَعَ وجود الِاجْتِهَاد السائغ بل مَعَ نوع بغى
1 / 31