قال: «أريد أن أمتحنك بسؤال، فإذا عرفته نلت مقاما رفيعا وكنت من حاشيتي، وإذا أخطأت جوزيت جزاء صارما لا يقل عن القتل، فما رأيك؟»
فخفق قلب عبد الرحمن وخاف أن يقع في مكروه؛ لأنه لم يكن قد مارس من ضرب الرمل شيئا غير أنه كان يشاهد الرمالين في مصر مذ كان تاجرا، وكان يلاحظ أعمالهم، وقد قرأ شيئا عن تلك الصناعة حتى أحب ممارستها.
وكأن الله قدر له ذلك إذ ذاك حتى ينتفع به في هذا الوقت، ولما خاطبه الشيخ ضاهر في هذا الأمر لم يمكنه إلا إجابة طلبه؛ لأن رفضه يثبت كذبه على أهون سبيل، بينما إجابته قد يترتب عليها نجاح مشروعه. فتشدد وقال: «نعم يا سيدي بإذن الله تعالى.»
فصمت الشيخ ضاهر برهة وكل من في مجلسه شاخص إلى ما يريد الاستفهام عنه، وعبد الرحمن مختلج القلب ومرتعد الفرائص، ولكنه أسلم أمره إلى الله وقال في نفسه: «إما أن أعوم وإما أن أغرق، والاتكال على الله.» فنظر إليه الشيخ ضاهر قائلا: «يهمني أن أعرف سبب رجوع محمد بك أبي الذهب عن دمشق بعد فتحها بغير داع يوجب ذلك، وهذا أمر قد شغل قلوبنا في هذه الأيام، فهل يمكنك معرفته؟»
فاستبشر عبد الرحمن بالفرج؛ لأنه كان يعرف سبب ذلك الانسحاب معرفة جيدة، فاشتدت عزائمه وأشرق وجهه ونظر إلى الشيخ ضاهر وقال: «إن استخراج ذلك السر يحتاج إلى مندل، والأسرار عند الله يهبها من يشاء من عباده.»
فقال الشيخ: «اضرب لنا مندلا الآن وأنت جالس بيننا.» وأراد بذلك أن يبقيه ويتحقق صدقه.
فقال عبد الرحمن: «أفي هذه القاعة يا سيدي؟ إن ضرب المندل يحتاج إلى أوعية كثيرة وإلى نار وبخور ومياه.»
قال: «لا بأس، اطلب ما تريد فنأتيك به.»
قال: «أعطوني وعاء كبير واملئوه ماء نقيا.» فجاءوه به، ثم طلب كانونا به نار، وشيئا من البخور النقي فجاءوه بكل ذلك، فقال: «لا ينقصني إلا غلام لم يبلغ رشده، ولكنني قد صحبت خادما تدرب على مساعدتي في هذا الفن، وهو يستطيع ما لا يستطيعه الغلام الحدث غير البالغ الذي اعتاد ضاربو المندل استخدام مثله في هذه الأحوال؛ لأنني وجدت بالاختبار أن الأحداث يتعبون ضارب الرمل بما يستولي عليهم من الخوف مما يشاهدونه أثناء العمل من المناظر الغريبة، أما خادمي فقد اعتاد هذا.»
فقال الشيخ: «وأين هو خادمك؟»
অজানা পৃষ্ঠা