وهو تجميع كهنوتي يرجع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ويركز على شعائر العبادة والطقوس، ويعود للتركيز على العهد مع نوح وإبراهيم وموسى وداود، ويقوم جوهره على وجوب إخلاص اليهود للعهد حتى يستحقوا الخلاص والوفاء بالعهد، وذلك عن طريق التزامهم شريعتهم بدقة، وشريطة أن يتمسكوا بلحظتين تاريخيتين جوهريتين: لحظة العهد القديم مع الله الذي أخذوا فيه الأرض مقابل الختان، أما اللحظة الأهم والأخطر فهي لحظة الإنقاذ بكبرى المعجزات (فلق البحر) عند الخروج من مصر، لذلك يكاد العزف على معجزة البحر عند اليهود، يشكل ترنيمة دائمة، وركنا أساسيا في الاعتقاد، ويرجع زمن ذلك المصدر إلى عهد «عزرا»، وقد تم إدماج هذا المصدر مع المصدر اليهوي والمصدر الإلوهيمي حوالي نهاية القرن الخامس قبل الميلاد.
وانتهت المدرسة الألمانية، إلى أنه قد تم تجميع المصادر الأربعة في كتاب واحد، هو العهد القديم، حوالي عام 200ق.م، أما الأسفار المتأخرة مثل سفر المكابيين الأول والثاني (في النسخة السبعينية اليونانية)، فقد تم تحريرها خلال القرن الأول قبل الميلاد. إلا أن مدرسة «فلهاوزن» قامت بعمل جريء حقا عندما عكست الترتيب اللاهوتي التقليدي القديم لتأليف الأسفار، بناء على ما أصبح بيدها من نتائج، وبحيث أصبح الترتيب يعاد على النحو التالي: أسفار الأنبياء، فالأسفار التاريخية، ثم أسفار موسى الخمسة مضافا إليها سفر يشوع لتتشكل التوراة من ستة أسفار بدلا من خمسة، ثم أضيفت إليها الأسفار بترتيب منهجي حسب مادتها، وليس حسب الترتيب الزمني لتأليفها.
أما عن الطرق والوسائل والأدوات التي استخدمها مؤلفو التوراة ومحرروها في التدوين، فهي ما يمكن استخراجه من الكتاب المقدس ذاته؛ فنجد سفر أرميا (2: 36) يحدثنا عن تدوين الأدراج، بمعنى اللفائف، وتكتب من اليمين إلى اليسار. وقد أكدت ذلك الأسلوب في الكتابة أسفار عدة؛ مثل سفر حزقيال (2: 9؛ 3: 1) وسفر زكريا (5: 2؛ 1) وسفر المزامير (40: 8). وأما الأداة التي استخدمت في الكتابة على اللفائف، فكانت أحيانا قلم الاردواز كما يذكر المزمور (45: 2)، أو باستخدام الأحبار كما في سفر أرميا (36: 18).
ويبدو أن تلك الأدراج قد بدأت بأوراق البردي المصرية، ثم تطورت إلى الكتابة على الرق (الجلود)، وظلت تلك المخطوطات على هيئة اللفائف حتى جاء القرن الثالث قبل الميلاد حيث بدأت تأخذ شكل الكتب، مع الاستمرار في العمل بنظام اللفائف، وهو نظام لا زال معمولا به إلى اليوم في الأشكال الطقسية التي تمارس في المعابد «من باب تحنيط التاريخ»، ونجد ذلك مستعملا خاصة في أسفار التوراة وسفر أستير بشكل محدد.
إلا أن أول أسلوب اتبعه الإسرائيليون في التدوين، وإن كان غير موجود منه الآن أي أثر يشير إليه، أو لم يعثر على شيء منه حتى تاريخه، فهو أسلوب النقش المصري القديم على المسلات، وكان أول من اتبعه النبي موسى، واستخدمه في كتابه ألواح الشريعة الحجرية، والمزعوم أنها نقرت على الحجر أو نقشت بيد الإله نفسه، ووردت قصتها في عدد من الإصحاحات المتفرقة في سفر الخروج التي جمعناها ورتبناها حسب ترتيب ورودها كالتالي: «وقال الرب لموسى: اصعد إلى الجبل وكن هناك، فأعطيك لوحي حجارة والشريعة والوصية التي كتبتها لتعليمهم ... ودخل الجبل أربعين نهارا وأربعين ليلة» (خروج، 24: 12، 13، 18). «ثم أعطى موسى عند فراغه من الكلام معه في جبل سيناء، لوحي شريعة مكتوبين بإصبع الله» (خروج، 31: 18). «فانصرف موسى ونزل من الجبل، ولوحا الشهادة في يده؛ لوحان مكتوبان على جانبيهما، من هنا وهناك كانا مكتوبين، واللوحان هما صنعة الله، والكتابة كتابة الله، منقوشة على اللوحين ... وكان عند اقترابه من المحلة أنه أبصر العجل والرقص، فحمي غضب موسى وطرح اللوحين من يديه وكسرهما في أسفل الجبل» (خروج، 32: 15، 16، 19). «ثم قال الرب لموسى: انحت لك لوحين من حجر مثل الأولين، فأكتب أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين، اللذين كسرتهما ... فنحت لوحين من حجر كالأولين، وبكر موسى في الصباح، وصعد إلى جبل سيناء كما أمره الرب وأخذ من يديه الحجر» (خروج، 34: 1-4).
وقد جاء في الأثر الإسلامي: «إن الله تعالى خلق آدم بيده، وخلق جنة عدن بيده، وكتب التوراة بيده.»
2
كما جاء في الآيات الكريمة:
وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة (الأعراف: 144).
هذا بالإضافة إلى أسفار الشريعة، التي أمر موسى أتباعه بكتابتها، وبذات الطريقة، وهو ما يتضح في قوله لهم: «يوم تعبرون الأردن إلى الأرض التي يعطيك الرب إلهك، تقيم لنفسك حجارة كبيرة، تشيدها بالشيد، وتكتب عليها جميع كلمات هذا الناموس ... حين تعبرون الأردن تقيمون هذه الحجارة، التي أنا أوصيكم بها اليوم، في جبل عيبال، وتكلسها بالكلس ... وتكتب على الحجارة جميع كلمات هذا الناموس، نقشا جيدا» (تثنية، 27: 2، 4، 8).
অজানা পৃষ্ঠা