============================================================
منذ البداية اهتم ابن عريي بالشكل الأدبي للنص، ونظم الحروف نثرا وشعرا . قرأ دواوين الأدب واللغة(17)، حتى انه تولى كتابة الانشاء في ديوان اشبيلية، وما كانت هذه الوظيفة ليناها إلا صاحب قلم رفيع المستوى وكانت بداياته في التاليف ، إذ كان يلهم الفكرة، فيجرد الطاقة للتعبير عنها، وهذا ما نجده في مقدمات كتبه الأولى، كمواقع النجوم، ورسالة الأسفار، وحتى الكتاب الذي ننشره هنا، فهو يقع ضمن الفترة التي كان ابن عربي فيها يؤلف في الحروف مايلهم من مواضيع.
ولكن بعد عام 597 ه، وبعد الرؤيا التي رأى فيها أنه تزوج من حروف الهجاء، توالت مؤلفاته حاملة نفسا جديدا من حيث المبنى ، وتوالت إشاراته في مقدمة الكتب، كالفتوحات مثلا، الذي بدأه في مكة عام 598 ه، الى نمط جديد من الإلهام ، وهو الإلهام في بناء الكتاب وليس فقط في موضوعه (13) ولنا في مقدمة كتابه الأخير فصوص الحكم، النص الأكيد الواضح على الغاية التي بلغها الإلهام عند ابن عربي ، وتكرس لدينا أن ابن عربي ، إلى جانب كونه ملهم المضمون، فهوملهم الكلمة ايضا؛ يقول في المقدمة ص) : " رأيت رسول الله في مبشرة اديتها في العشر الأخير من المحرم منة سبع وعشرين وستماية بحروسة دمشق وبيده كتاب، فقال لي: هذا كتاب "فصوص الحكم" خذه واخرج به الى الناس ينتفعون به ؛ فقلت : السمع والطاعة لله ولرسوله وأولى الأمر منا، كما آمرنا . واخلصت النية، وجردت القصد والهمة الى ابراز هذا الكتاب كما حده لي رسول الله من غير زيادة ولا نقصان وسألت الله أن .. يخصني في جميع ما يرقمه بناني وينطق به لساني.. بالإلقاء السبوحي والنفث الروحي .. حتى اكون مترجما لا متحكما .. فما ألقي إلا ما يلقى إلي ، ولا أنزل في هذه السطور إلا ما ينزل به علي. ولست بنبي ولا رسول، ولكني وارث ولأخرتي حارث" هذا هو ابن عربي، ملهم الكلمة ، يترجم بالحروف ما يلقى اليه من المعاني (17) انظر مقدمة كتابه محاضرة الابرار ومسامرة الاخيار حيث يعدد المؤلفات الأدبية العالية التي قراها واستقى منها (18) راجع مقدمة الفتوحات ج 1 ص 12 ، وج4 ص 43 حيث يقول و بنيت كتابي هذا [ اي الفتوحات) بل بناه الله لا آنا على إفادة الخلق ، فكله فنح من الله تعالى . وملكت فيه طريق الاختصار"
পৃষ্ঠা ১৮