والقسط هو العدل والاستقامة ، استقامة التفكير ، استقامة النفس ، بما فيها من نوازع ودوافع وميول ، استقامة السلوك الفردي والعلاقات الإنسانية في مجال التعامل الاجتماعي والقضائي والاقتصادي ومختلف شؤون الحياة الإنسانية ، ليخرج الإنسان من الظلمات إلى النور ، من ظلمات العداوة والفرقة والنزاع والتقاتل وسفك الدماء .. من الخوف والإرهاب ليهتدي إلى سبل السلام والحياة الآمنة المطمئنة ، فالله خلق الإنسان وعلمه ما يصلحه وينظم حياته ويقوم سلوكه : (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ). ( الملك / 14 )
لذلك أرسل الله الأنبياء ووضع القوانين والمناهج والتشريعات وموازين الحق والعدل وقيم الحياة لينقذ الإنسان من التخبط والضياع .. وحياة الأجيال الغابرة والتاريخ والحياة المعاصرة لبني الإنسان تشهد بمحنة الإنسان وما يلاقيه من ظلم وفساد ومعاناة .. حتى خسر قيمة الحياة وغابت عن دنياه معانيها الحقة ، لذا دعاه القرآن بقوله :
(... استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ). ( الانفال / 24 )
فالحياة بمعناها الحق لا تكون إلا تحت ظلال رسالة الله .. تحت ظلال النور والاستقامة والسلام .. ليتسابق الناس إلى صنع الخير ، ويعيشوا في ظلال الخير ، فتزدهر رياض الحياة وتنمو قيم الإنسانية .
ويضيف القرآن سببا أساسيا آخر للبعثة والرسالة ، يرتبط بيوم الحساب والجزاء .. يرتبط بقاعدة العدل الالهي وهو : (قبح العقاب بلا بيان) .
فالله سبحانه لم يكن ليعاقب ويحاسب بدون بيان وتبليغ وتوضيح ، فما لم يوضح للانسان الطريق والمسؤولية والتكليف لا يمكن أن يحاسبه ويجازيه ، ولئلا يحتج الإنسان بعد المعرفة ، فيعتذر عن تقصيره وسوء تصرفه :
(لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ). ( النساء / 165 )
পৃষ্ঠা ১২