ইসমাইল সবরি সম্পর্কিত বক্তৃতা
محاضرات عن إسماعيل صبري
জনগুলি
والواقع أن إسماعيل صبري من أولئك الشعراء والأدباء الذين ينطبق عليهم إلى حد بعيد قول أحد كبار النقاد الفرنسيين: «إن أسلوب الرجل هو الرجل نفسه.» وذلك على أن نفهم معنى الأسلوب بالمعنى الغربي؛ حيث نراهم لا يقصدون به طريقة التعبير اللفظي وخصائص ذلك التعبير اللغوية، بل يقصدون طريقة الكاتب أو الشاعر في معالجة الأمور، وفي النظر إلى الحياة ووجهة انفعاله بها، فيقولون: إن هذا الأديب أو ذاك عاطفي الأسلوب، أو خياليه، أو ساخره، أو رقيقه.
شعر إسماعيل صبري يمثل إذن أسلوبه في الحياة ومزاجه الخاص، حتى ليصح القول بأن أسلوب صبري الشعري هو صبري نفسه، وأنه لم يستمد هذا الأسلوب من أحد بقدر ما استمده من أعماق نفسه. وإذا صحت هذه الحقيقة يصبح من العبث البحث عما أخذه عن الغير، بل وعما تأثر فيه بالغير، ويكفيه أصالة أن يكون أسلوبه الشعري مرآة لحياته، ولطبيعة نفسه. ونحن لا نعني بذلك أنه قد قصر شعره على أحداث حياته الخاصة وأحاسيسها، بل نعني طريقة التناول، بصرف النظر عن الموضوعات التي يعالجها؛ ففي هذه الطريقة تظهر أناقته، وعذوبة روحه، ووداعة طبعه وميله إلى اليسر والتسامح واطمئنان النفس، والبعد عن الجلبة والعناد والعنف والتعصب للرأي، على نحو ما لاحظنا عند شاعر آخر كولي الدين يكن، شاعر الانفعالات الفكرية.
وأول ما نلاحظه على إسماعيل صبري ولاحظه غيرنا: سلامة الذوق ورقته، ورهافة إحساسه اللغوي والموسيقي؛ مما أحال شعره غناء، وجعل منتداه الأدبي في بيته سوق عكاظ، بل صالون شعر وصفه حافظ إبراهيم بقوله:
لقد كنت أغشاه في داره
وناديه فيها زها وازدهر
وأعرض شعري على مسمع
لطيف يحس نبو الوتر
كما تحدث مصطفى صادق الرافعي، في مقتطف مايو سنة 1923، عن ملكته الناقدة نقدا يستند إلى سلاسة الطبع، ورقة العاطفة، وسلامة الذوق، فقال: «ولم يكن في مصر ممن يحسن ذوق البيان، ويميز أقدار الألفاظ بعضها عن بعض وألوان دلالتها كالبارودي، وصبري، وإبراهيم المويلحي، والشيخ محمد عبده، رحمهم الله جميعا، والبارودي يذوق بالسليقة، وصبري بالعاطفة، والمويلحي بالظرف، والشيخ بالبصيرة النفاذة. وذلك شيء ركبه الله في طبيعة صبري ولم يحصله بالدرس أكثر مما حصله بالحس؛ ومن أجله كان يفضل البحتري على غيره.»
ولقد روى الدكتور محمد صبري عنه أحكاما مركزة عن شوقي وحافظ ومطران ؛ حيث قال: «شوقي ينظم، وحافظ يبني، ومطران يبتدع.» وهذه عبارات تدل على إحساس فني صادق؛ لأنها تبرز الخاصية الأساسية لكل من الشعراء الثلاثة؛ فشوقي يتميز بروعة موسيقاه، وحافظ ببراعة سبكه، بينما يذهب مطران بالأصالة والابتكار حتى اعتبر رائد التجديد في الشعر العربي المعاصر.
وسلامة الذوق ترجع - كما قال الرافعي - إلى طبيعة صبري، ورقة مزاجه، وسلاسة طبعه، ورفاهة إحساسه. وكل هذه صفات حددت منهجه الشعري الذي وصفه صديقه ومعاصره خليل مطران وصفا دقيقا صادقا بقوله: «أكثر ما ينظم فلخطرة تخطر على باله من مثل حادثة يشهدها، أو خبر ذي بال يسمعه، أو كتاب يطالعه.» «ولما كان لا ينظم للشهرة، بل لمجاراة نفسه على ما تدعوه إليه، فالغالب في أمره أنه يقول الشعر متمشيا، وربما قاله بحضرة صديق وهو مائل عنه بعنقه، وله بين حين وحين أنة تتمثل ما تنطق به لفظة «إيه» مستطيلة. ينظم المعنى الذي يعرض له في بيتين عادة إلى أربعة إلى ستة، وقلما يزيد على هذا القدر إلا حيث يقصد قصيدة، وهو نادر. شديد النقد لشعره، كثير التعديل والتحويل فيه، حتى إذا استقام على ما يريده ذوقه من رقة اللفظ وفصاحة الأسلوب أهمله ثم نسيه، وهكذا يمر به الآن بعد الآن فيجيش في صدره الشعر، فيرسل بيته إطلاق زوجي الطائر فيذهبان في الفضاء ضاربين من أشطرهما بأجنحة ملتمعة شاديين على توقيع العروض إلى أن يتواريا وينقطع نغمهما من عالم النسيان. ذلك هو الشعر للشعر.»
অজানা পৃষ্ঠা