ইসলাম ও মানব সভ্যতা
الإسلام والحضارة الإنسانية
জনগুলি
والحج أظهرها وأجهرها بهذا المعنى، ولكنه كذلك معنى يظهر في كل فريضة من فرائضه الخمس المشهورات، فمن قال : «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله» فإنما هو إشهاد تلاحظ فيه الجماعة كما تلاحظ فيه ضمائر الأفراد، وليست صلاة الجماعة منسية مع الصلوات التي ينفرد بها المسلم إذا تعذر عليه الاجتماع، وفريضة الزكاة لا تكون إلا في مجتمع يتعاون فيه الغني والفقير، وصيام رمضان ينتهي بالعيد الذي يجتمع فيه المسلمون كافة، فما من فريضة إذن في الإسلام إلا وهي فريضة الأمة بأسرها على نحو من الأنحاء.
ولقد طال بحث المؤرخين الغربيين عن أصول الحج إلى الكعبة قبل الإسلام، وتواترت الأقوال بتعدد الأبنية التي كانت من قبيلها في الجزيرة العربية، ومنها كعبة صنعاء التي يقال إنها كانت في موضع مسجد غمدان وكعبة نجران التي كشفها الرحالة المعروف الشيخ عبد الله فلبي (في سنة 1936) وغير هاتين الكعبتين مما ورد في بعض الأخبار الضعاف بغير سند من دلائل الثقات.
وأيا كان القول الفصل في تاريخ الماضي فالحج الإسلامي في عصرنا هذا هو الفريضة الوحيدة الباقية من قبيلها في جميع الأديان الكتابية.
فهيكل بيت المقدس قد تهدم منذ القرن الأول للميلاد، ولم يرد في الأناجيل المسيحية نص على مكان مقدس مفروض على المسيحيين أن يحجوا إليه، وكل ما عرف بعد القرون الأولى فإنما اتبع فيه الخلف سنة الملكة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين التي قيل إنها وجدت الصليب الأصيل في فلسطين عندما توجهت إليها لزيارة آثار السيد المسيح، وهي قصة يكفي للدلالة على قيمتها التاريخية أن رواتها جميعا نقلوها بعد عصر الملكة هيلانة، وأن مؤرخ العصر الأكبر يوسيبيوس
Eusebius
لم يشر إليها بكثير أو قليل على شدة اهتمامه باستقصاء الأخبار التي لا تذكر بالقياس إلى هذا الخبر العظيم.
ثم تتابعت القرون والدول التي تنتسب إلى المسيحية تتذرع بالأماكن المقدسة لترويج مطامعها السياسية، فروسيا القيصرية تدعي حمايتها على مذهب الكنيسة الشرقية، وملوك فرنسا يدعون حمايتها على مذهب الكنيسة الغربية، ولما ذهب هؤلاء الملوك وتبعتهم دولة الجمهورية «اللاتينية» كانت الغيرة على الحج في عهدها على أشدها وأقواها ونشأت في أيامها صحيفة الحاج
التي بلغ المطبوع من أعدادها مئات الألوف وامتلأت صفحاتها بأنباء المعجزات والكرامات التي تشاهد في أرض الميلاد، وتضافرت الدولة والكنيسة على ترويجها خدمة لمطامع الاستعمار.
ثم تقلبت الأيام حتى رأينا دعاة الاستعمار يسلمون الأماكن المقدسة إلى أيدي الصهيونيين!
أما فريضة الحج الإسلامي فقد بقيت لها رسالتها التي لا عبث فيها ولا موضع للمكر والدسيسة من ورائها، وإن رسالتها اليوم في العالم الإسلامي لأعظم وألزم من رسالاتها في جميع الأزمنة، لأنها العهد المجدد في كل عام بين شعوب الإسلام، وفي عصرهم أحوج ما يكونون فيه إلى الوفاق والوئام.
অজানা পৃষ্ঠা