مولر المستشرق الألماني: «سوف يعلم النصارى، والدهشة آخذة منهم ، أن محمدا من أنصار المسيح، وأن الديانة المحمدية هي من فروع النصرانية، وإذ ذاك يدهش المسلمون والنصارى على السواء بما جاء في تاريخهما من الخصام والشقاق والعداء بسبب الدين.» وقد وافق كثير من علماء المشرقيات في أوروبا على رأي هذا العالم وعضدهم في ذلك كثير من الروس العقلاء أرباب الأفكار السامية، أمثال فلاديمير سولوفيف وبيتروف وغيرهما، ويقول برنارد شو من كبار كتاب الإنجليز المعاصرين: «لا يمضي مائة عام حتى تكون أوروبا ولا سيما إنجلترا قد أيقنت بملاءمة الإسلام للحضارة الصحيحة.»
هذا، والأديان في جوهرها واحدة تأمر بالخير، وتدعو إلى مكارم الأخلاق، وتدفع الناس بعضهم عن بعض في هذه الحياة؛ ليقوم نظام اجتماعهم على ما ينزع من صدورهم الأحقاد والتعادي، وحب القتل وسلب المال وهتك العرض، وتشعر قلوبهم الرحمة والعطف على الأسير العاني والشيخ الفاني واليتيم والبائس، والابتعاد عن كل ظلم واعتداء، وتذكرهم بأن لهم معادا ثانيا يثاب فيه المؤمن المحسن ويعاقب فيه من يجترح شيئا من السيئات يكون فيها تقويض أركان المجتمعات.
القرآن والإسلام
اشتد متعصبة الشعوبية في الحط من القرآن الكريم، وقالوا وهم الأعاجم الذين يصعب على أكثرهم أن يتفهموه ويتدبروه: إنه غير منظم ولا مبوب وإنه محتذى ومنقول، وإنه زيف مدخول، وإنه غير بليغ ولا فصيح، وبلغت القحة ببعضهم أن قالوا: إن فيه أغلاطا نحوية، وركاكات بيانية. هذا والقرآن أبلغ كتاب للعرب، ولولاه لما كان لهم أدب ولا شريعة:
كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا ، عجز فصحاء العرب عن الإتيان بمثله مع أنهم خصوا بالتحدي،
7
وكان للفصاحة عندهم المقام الأرفع، فاعترفوا بعد جدال طويل: «أن
8
نظم القرآن على تصرف وجوهه، واختلاف مذاهبه، خارج عن المعهود من نظام جميع كلامهم، ومباين للمألوف من ترتيب خطابهم، وله أسلوب يختص به ويتميز في تصرفه على أساليب الكلام المعتاد»، جعله
9
অজানা পৃষ্ঠা