وتوسع معاوية في طلب العلم فقال يوما: وددت أن عندنا من يحدثنا عما مضى من الزمن، هل يشبه ما نحن فيه اليوم، فقيل له: إن بحضرموت رجلا معمرا اسمه أمد بن أبد الحضرمي فأتى به، وورد عليه من اليمن عبيد بن شرية من المعمرين، وكان آية باهرة في معرفة تاريخ اليمن وملوك العرب والعجم، يرويها مشفوعة بالقصائد الرنانة، فأمر معاوية كتابه
37
أن يدونوا ما يتحدث به عبيد بن شرية في كل مجلس سمر فيه معاوية، وكان يعجب بما يلقيه عليه عبيد، ويستزيده من إيراد الشعر؛ لأن الشعر كما قال معاوية: ديوان العرب والدليل على أحاديثها وأفعالها والحاكم بينهم في الجاهلية، فكان بدء تدوين التاريخ على يد معاوية، واستصفى معاوية أيضا كعب الأحبار وهو من حمير من آل ذي رعين، أسلم وجاء الشام مع عمر بن الخطاب في فتح القدس، فجعله معاوية من مستشاريه لكثرة علمه، وكان يروي أشياء عن الجاهلية والإسلام، وبعض ما نسب إليه معدود في الإسرائيليات. وكان سعيد بن عريض بن عادياء ابن أخي السموءل
38
بن عادياء من يهود الحجاز شاعرا يفد على معاوية فيدخل عليه وهو على طنفسة ونعلاه في رجله، وهو متوشح بملحفة،
39
فيكثر معاوية الترحيب به ويدني مجلسه ويأخذ بيده. وإذا كان هذا النبوغ يظهر من معاوية ويزيد من أبناء أبي سفيان، فإن أباهما أبا سفيان وجدهما حربا نقلا الخط العربي إلى الحجاز، وهذا من أعظم مآثر بني أمية على العرب، بل إن السنة، أي أحاديث الرسول لم تدون آخر المائة الأولى إلا بأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الأموي؛ فقد كتب إلى عامله على المدينة أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن انظر ما كان من حديث رسول الله أو سنته فاكتبه، فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء.
دخول العلوم المادية
وعمر بن عبد العزيز هو الذي أمر بنقل كتاب أهرن بن أعين في الطب إلى اللغة العربية، وهو الذي أمر عاصم
40
অজানা পৃষ্ঠা