ইসলাম শরিকান
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
জনগুলি
والنصوص الأخيرة قد صاغها «هانز كينج» بقلمه، وهو عالم لاهوت كاثوليكي، يؤمن بأن الديانات العالمية تشارك في المبادئ السابقة، وينطلق من هذا الإيمان لوضع مشروعه العظيم عن «أخلاق كوكبية» يمكن أن يتفق على مبادئها جميع المؤمنين في جميع الأديان - بل وأصحاب النزعة الإنسانية من غير المتدينين - ويكونوا تحالفا مشتركا لخير البشرية، ومن فكرة كينج هذه خرج «الإعلان عن الأخلاق العالمية» الذي أقره برلمان الأديان العالمية الذي انعقد في شيكاغو سنة 1993م، وهذا البرلمان ليس مؤسسة رسمية، كما أن أعضاءه لا يمثلون سلطات دينية رسمية. ولكن هذا لا يجرد الإعلان من أهميته، وإنما يؤكد أن أفكار «كينج» تلقى ترحيبا واسعا وتقدم إمكانية حقيقية للتفكير بصورة تتفق اتفاقا كاملا مع المبادئ التي تقوم عليها الأديان المختلفة.
7
ولو رجعنا للحديث عن الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وهي اليهودية والمسيحية والإسلام، لتأكدنا من وجود أرض مشتركة بينها، تقوم على العلاقة التاريخية التي تربط الأديان الثلاثة، وتدعمها حقيقة كونها ديانات تنتسب إلى أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، كما تتفق جميعها على الإيمان بعقيدة التوحيد. إن المسيحية تعترف بالكتاب المقدس لليهودية، والإسلام يعترف بالكتب المقدسة لليهودية والمسيحية. وقد قامت على مر التاريخ علاقات وثيقة وعميقة بين المؤمنين بالأديان الثلاثة، أدت إلى مناقشات مستفيضة لأفكارهم وإلى تبادل الخبرات والتجارب بينهم. ولا يعني هذا عدم وجود اختلافات أساسية كثيرة بين الديانات الإبراهيمية الثلاث، فالمتوقع من الباحثين المتخصصين في هذه الأديان أن يحددوا هذه الاختلافات، والمتوقع منهم أيضا أن يبينوا أوجه التشابه والتناظر المشتركة بينها.
والواقع أن الاختلاف والتشابه كثيرا ما يكونان متداخلين، ومسألة العلاقة بين الإنسان والله هي أحد الأمثلة الواضحة على هذا التداخل.
8
فاليهودية والمسيحية تسلمان بما جاء في التوراة (سفر التكوين 1، 26-27) من أن الله قد خلق الإنسان على صورته (أي على صورة الله سبحانه). ومن المستحيل على الإسلام الذي يتحاشى النزعة التشبيهية بالإنسان «الأنثروبومورفيزم» ويفزع منها، أن يسلم بالعبارة السابقة. ومع ذلك فقد عرف المسلمون العبارة على صورة حديث شريف ورد فيه ما معناه أن الله قد خلق آدم على صورته. ولكنهم (أي المسلمين) فهموا النص بطريقة مختلفة، إذ قالوا إن الله سبحانه قد اختار أن يسوي آدم على إحدى الصور التي في علمه جل شأنه. وهكذا بقيت الآية الكريمة
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (الشورى: 11) فوق كل نقاش.
هل نستنتج من هذا، فيما يتصل بالعلاقة بين الله والإنسان، وجود فجوة سحيقة بين الإسلام والديانتين الإبراهيميتين الأخريين؟ ربما يبدو الأمر كذلك. ولكننا لو عرفنا أن خلق الإنسان على صورة الله، كما يتصوره اليهود والمسيحيون، لا يمكن أن يفهم منه التشابه في الشكل، بل يجب أن يفسر بوصفه استعارة تدل على علاقة وثيقة وحميمة هي علاقة القرب من الله، فإن المسلمين لن يختلفوا على ذلك. وآية ذلك أن الإمام الغزالي العظيم يذهب إلى وجود «مناسبة باطنة» بين الإنسان والله، أي علاقة قرب لا يصح أن تختلط مع التشابه في المنظر أو الشكل. ويذكرنا الغزالي في هذا السياق بوصية الصوفية: «تخلقوا بأخلاق الله» بما يفترض فيمن يأخذ بهذه الوصية الاستعداد والشوق للقرب من الله.
بيد أن أهم استعارة تشير إلى قرب الإنسان من الله تنطوي على فكرة أن الله قد جعل الإنسان خليفته على الأرض. والجدير بالملاحظة أن هذه الفكرة لا تستند إلى نص حرفي من القرآن الكريم، وإنما تعتمد على تفسير النص. وقد جاء في آيات كثيرة أن الله قد جعل البشر خلفاء على الأرض. وكلمة «الخليفة» تعني «اللاحق» أو «النائب». ومن المعروف أنها قد أطلقت على من رأس الجماعة الإسلامية الكبرى بعد انتقال محمد (عليه الصلاة والسلام) إلى الرفيق الأعلى، وذلك على معنى «خليفة رسول الله». وربما وجب فهم الاستخدام القرآني لكلمة «خليفة» بمعنى مشابه: فالله قد جعل آدم أو داود على سبيل المثال، أو غيرهما من البشر، «خلفاء» لأشخاص، أو جماعات، أو أجيال عاشت قبلهم. ولا يوجد في القرآن الكريم أي نص يوجب فهم كلمة «الخليفة» بطريقة لا لبس فيها بأنه «نائب» عن الله ؛ إذ إن من الواضح أن الله جل شأنه لا يمكن أن يخلفه أحد أو أن يكون له «خليفة». ومع ذلك كله فإننا نجد لدى بعض العلماء المسلمين اتجاها واضحا، تزايد نموه مع الزمن، لتفسير كلمة «الخليفة» كما وردت في القرآن الكريم بحيث تدل على «نائب الله» في أرضه. وفي الوقت الذي كانت فيه الكلمة لا تشير في البداية إلا إلى «خليفة رسول الله»، تزايد الميل مع مرور الزمن إلى الاستناد للقرآن الكريم في تفسيرها بحيث تعني أن الله سبحانه قد جعل بعض الناس، أو بعض المسلمين، «خلفاء» أو نوابا له على الأرض.
لا شك في أن المجال يتسع لفهم وضع «خليفة» أو «نائب» الله على معان مختلفة. وقد تساءلت من قبل عما إذا كانت الكلمة تشير إلى البشر عامة أو إلى المسلمين فحسب. وأعود إلى الغزالي الذي ذهب إلى أن «المناسبة الباطنة» - أو علاقة القرب الحميم - بين الإنسان والله التي تؤهل الإنسان لكي يكون نائبا لله على الأرض تتضمن بوضوح معنى البشر عامة. وفي العصر الحديث نجد مفكرين مرموقين، مثل محمد عبده ومحمد إقبال، يتخذون موقفا مشابها، حين يؤكدان تفوق الإنسان على سائر المخلوقات. غير أننا نجد «أبو الأعلى المودودي» ينسب صفة «نائب الله» لجماعة المسلمين الذين يلتزمون التزاما صارما بشريعة ثابتة لا تترك لهم سوى قدر ضئيل من حرية تشكيل العالم. كذلك نجد أن أحمد مصطفى المراغي يوجه الأنظار إلى أن إمكان تعيين نائب لله أمر مقصور على فرد واحد أي إلى حاكم معين. ومن جهة أخرى نرى المفكر التركي «زيا جو كالب» يعلن أن «الشعب» (أو «الناس») هم ممثلو الله على الأرض. ويذهب «علي شريعتي» إلى حد اعتبار أن «الناس» والله في القرآن الكريم مترادفان، وأنهما مصطلحان يمكن أن يحل أحدهما محل الآخر في كل ما يتعلق بقضايا المجتمع. إن عبارة «الحكم لله» تعني في رأيه أن الحكم للشعب، كما أن عبارة «المال لله» (أي الملك أو الثروة) معناها أنه ملك للشعب.
অজানা পৃষ্ঠা