ইসলাম শরিকান
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
জনগুলি
ليس من قبيل المبالغة أن أقول إن هذا المعهد كان له تأثير هائل على الدراسات الشرقية، لا في لبنان والعالم العربي وحدهما، بل كذلك في ألمانيا ذاتها. لقد قدم تيسيرات فنية عديدة للباحثين الألمان والعرب على السواء. وإذا كان المستشرقون الألمان يعتزون بتراث طويل وعريق في دراسة اللغات والحضارات الشرقية، فلا بد من القول إن معظم جهودهم قد اتجهت إلى الماضي. وقد استطاع المعهد الشرقي في بيروت أن يقدم للمستشرقين الألمان فرصة العمل في بيئة شرقية، وأن فرصة العمل في بيئة شرقية، وأن يلفت أنظارهم إلى الشرق الحي، وينبههم إلى أن لغات وحضارات الماضي كانت وما تزال واقعا ينبض بالحياة ويؤكد تأثيرها المستمر بأشكال وصور مختلفة على ميادين الفكر والعمل والحياة اليومية والمشكلات والقضايا الملحة في الوقت الراهن. وهكذا يمكن القول إن المعهد الشرقي قد ساهم بدور ملحوظ في الاهتمام المتزايد بدراسة الشرق الحديث من مختلف جوانبه وآفاقه المترامية.
والتوسع في آفاق البحث والدراسة، لا سيما إذا تطرق لموضوعات معاصرة، لا يمكن أن يخلو من المخاطر والمآزق. والواقع أن حجة العلماء الذين يرفضون التعرض لمثل هذه الموضوعات تتلخص في الغالب في أن تناول الشئون المعاصرة يمكن أن يجر الباحث للانزلاق في السياسة. تلك بالطبع حجة مشروعة. فالحق أن جهد الباحث العلمي يمكن أن يفقد الكثير من قيمته، إن لم يفقد كل قيمته، إذا رجحت في ميزان عمله كفة الأغراض السياسية كفة البحث الخالص عن الحقيقة. ولكن لا يمكن من ناحية أخرى أن ننكر أن على العلماء والباحثين - شأنهم في هذا شأن بقية المواطنين - واجبا يقتضي منهم خدمة الصالح العام من خلال المعرفة التي حصلوها في تخصصاتهم المختلفة. صحيح أن البحث عن الحقيقة لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون تابعا لأي اهتمام آخر غير البحث عن الحقيقة، أضف إلى هذا أنه لا ينبغي على هؤلاء الباحثين أن يدعوا الصدق المطلق لمعارفهم، وأن عليهم في هذه الحدود أن يشاركوا بإرادتهم واختيارهم في تكوين الرأي العام. ومن حسن الحظ أن عددا كبيرا من شباب الباحثين قد بدءوا السير في هذا الاتجاه.
أود الآن أن أقدم بعض الملاحظات المتصلة بمجال تخصصي في الدراسات الإسلامية عن قضيتين يدور حولهما النقاش العام بشأن الشرق الأوسط، وأعتقد أن هاتين القضيتين من الأهمية بحيث ينبغي على الباحثين المتخصصين أن يدلوا فيهما بدلوهم: (1)
وصف الإسلام بأنه عقبة كبرى أمام السلام العالمي في عصرنا. (2)
مشكلة الحوار بين الأديان، وبالأخص بين الإسلام والمسيحية.
ولست أضيف جديدا إذا قلت إننا نلاحظ منذ سنوات قليلة ميلا شديدا ومفاجئا في الغرب إلى اعتبار الإسلام خطرا يهدد العالم الحر، بل اعتباره مصدر الإزعاج الباقي للسلام على الأرض. لقد بدأت هذه الظاهرة مع تفكك الاتحاد السوفييتي وانهيار النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية.
وتفسير هذه الظاهرة يفرض نفسه بنفسه، فمن الناس من يشعر ببساطة بالحاجة الدائمة لمواجهة خطر أو عدو يهدده، وإذا كان الخطر الشيوعي قد انحسر، فإن الإسلام والمد الإسلامي هما البديل المناسب. ولدي يقين مؤكد بأن الدوافع الكامنة وراء هذا الموقف دوافع غير عقلانية. ولهذا أعتقد أنه لا ينبغي أن تترك هذه الظاهرة بغير تفسير وتعليق دقيق، لا سيما إذا تبنتها جهات محترمة أو ارتفعت بها أصوات مؤثرة.
ولعل أهم المناقشات التي دارت في هذا السياق على المستوى الأكاديمي قد افتتحتها مقالة نشرت في مجلة «الشئون الخارجية» الأمريكية في العام الماضي (1993م). وعنوان هذه المقالة هو «صدام الحضارات» ومؤلفها هو صمويل ب. هنتنجتون أستاذ علم الحكومات ومدير معهد جون أولين للدراسات الاستراتيجية في جامعة هارفارد.
2
ويسعى مؤلف المقال إلى وضع نموذج يساعد على فهم العلاقات الدولية بعد انتهاء الحرب الباردة، وذلك على أساس افتراض مؤداه أن «المصدر الرئيسي للصراع في هذا العالم الجديد لن يكون في المقام الأول أيديولوجيا ولا اقتصاديا، وأن التقسيمات الكبرى بين أبناء البشر وكذلك المصادر الأساسية للصراع ستكون كلها حضارية» (ص22 من المقال المذكور) ويحدد هنتنجتون سبع أو ثماني حضارات كبرى ستشكل صورة العالم على نطاق واسع. هذه الحضارات في رأيه هي الحضارة الغربية، والصينية الكونفوشيوسية، واليابانية، والإسلامية، والهندية، والسلافية الأرثوذوكسية، والأمريكية-اللاتينية، وربما أمكن إضافة الحضارة الأفريقية إليها. ويذكر صاحب المقال أن «أهم» العوامل التي تميز الحضارات بعضها عن بعض هو عامل «الدين» (ص25).
অজানা পৃষ্ঠা